تستيقظ اللاتينية “جوادلوبي جليشا”، فجر كل يوم لتبدأ في تحضير الشوروز وأرز اللبن؛ لتبيعها في شوارع نيويورك، تلك التفاحة الضخمة التي يجد مهاجرين -معظمهم غير رسميين- قطعة مرضية منها، ولكنهم يخاطرون بتعرضهم لاعتداءات العصابات والسجن والترحيل، إلى جانب هواء نيويورك البارد.
وبحسب “فرانس 24″، تعرف نيويورك الأمريكية بالهوت دوج والبيتزا، ولكن الأمر يبدو أكثر تنوعا بهؤلاء المهاجرين، إذ تنتشر في شوارع نيويورك أيضا أطعمة كثيرة من الإيرابس الفنزويلي والبيجلت الإيكوادوري مرورا بالفلافل العربية، والموموس القادم من بلاد التبت.
و”جليشا” سيدة مكسيكية أم لـ6 أطفال، وموقع عملها في باشويك ببروكلن، حيث تبيع التمالي اللاتيني بدولارين ونصف للعلبة.
وبحسب منظمة “ستريتس فيندرز بروجكت” المعنية بحقوق بائعات شوارع نيويورك، فإن أبرز التحديات ليست مجرد البرد الذي تنخفض درجة حرارته تحت الصفر، بل الاعتداءات والإتاوات والقبض عليهن من قبل الشرطة أو ترحيلهن هي تهديدات حقيقية.
ويقول جولي موسكوفيتس، مدير المنظمة، إن العديد من أولئك السيدات يتعرضن للاعتداء والسرقة، ولكن لا يستطعن فعل شيء لأن وجودهن لم يقنن بعد بالنسبة للشرطة.
وبحسب المنظمة، فتكلفة رخصة البيع في شوارع نيويورك تبلغ 50 دولارا، وبعدها يحتاج البائع لجلب تصريح العمل بعربة بمبلغ 200 دولار، والمشكلة أن تلك التصاريح لا يعطي منها سوى 2900 سنويا رغم وجود 10 آلاف من البائعين.
وتسمح السلطات بإعطاء 2000 تصريح إضافي، ولكنها مؤقتة ولا تكفي للعمل طويلا.
وبحسب ما ذكره بعض البائعين لـ”فرانس 24″، ينتج عن قلة التصاريح السوق السوداء الذي يبيع بها ملاك التصاريح تصاريحهم للبائعين الجدد، ولكن بـ25 ألف دولار، وفي ذلك السوق غالبا ما تكون التصاريح “مزورة”.
وبحسب المنظمة، فأغلب أولئك البائعين من النساء، وهن يخترن ساعات الصباح ليعدن مبكرا ويعتنين بأبنائهن بعد المدارس.
وتضيف المنظمة أن السيدات البائعات هن الأكثر تعرضا لاعتداءات الزبائن أكثر من الرجال، كما أن الشرطة تستهدف النساء بالغرامات بشكل أكبر.
ومنذ شهر، أثار فيديو تقييد رجال الشرطة لسيدة إكوادورية تبيع الشوروز بالمترو، غضبا واسعا؛ حيث ملأت المترو كتابات جرافيتي من نوع “نريد مزيد من الشوروز، ولا نريد مزيد من الشرطة”، في إشارة للقرار الجديد بنشر 500 رجل شرطة إضافي في محطات مترو نيويورك.
وتقول جليشا إن الحكومة لم تقبل أن تعطها تصريحا رسميا طوال عقدين ماضيين، مضيفة أنها طوال فترة عملها دفعت ما مقداره 12 ألف دولار كغرامات، وكثيرا ما كان يتم مصادرة بضاعتها.
وتتابع جليشا أنه من المفترض أن تأخذ تصريح عمل لأنها تدفع ضرائب المبيعات كالأشخاص ذوي التصريحات. وتضيف أن الغرامة الواحدة قد تصل إلى 2500 دولار.
بينما تقول سبينا مورالس، ذات الـ62 عاما، إنه في حالتها كبائعة خضروات بمنطقة كوينز، ليس أمامها سوى خيارين، إما أن تعاني وتواجه المتاعب أو ستتضور عائلتها جوعا.
وفي محاولة لاحتواء أولئك البائعات، قرر مجلس الشيوخ الأمريكي رفع عدد التصريحات خلال السنوات القادمة لـ4000 تصريح.