ما هي «رسوم الضبط» بقيمة ٥ آلاف دولار؟
وفقًا لتقارير متخصصة في قوانين الهجرة، تُفرض «رسوم الضبط» الجديدة على أي مهاجر غير نظامي يُلقى القبض عليه بعد دخوله الأراضي الأميركية دون المرور عبر منفذ حدودي رسمي. وتشمل هذه الرسوم المهاجرين ابتداءً من عمر ١٤ عامًا فما فوق، وتُعتبر غرامة مالية إضافية فوق العقوبات الجنائية والإدارية المعتادة في قضايا الهجرة غير القانونية.
رئيس حرس الحدود الأميركي (U.S. Border Patrol Chief) مايكل بانكس أعلن عن هذه الرسوم عبر منصة إكس (تويتر سابقًا)، مؤكّدًا أن الرسالة «تنطبق على جميع الأجانب غير الشرعيين، بغضّ النظر عن المكان الذي دخلوا منه، أو مدة بقائهم في الولايات المتحدة، أو مكان وجودهم الحالي، أو المسار القضائي للهجرة الذي يمرّون به». وبذلك لا تقتصر الرسوم على من يتم توقيفه على خط الحدود فقط، بل يمكن استخدامها ضد من يُلقى القبض عليهم لاحقًا داخل البلاد.
قانون «وان بيغ بيوتيفول بيل» والخلفية القانونية للرسوم
تستند هذه الرسوم إلى قانون اتحادي جديد يحمل اسم «قانون الفاتورة الكبيرة الجميلة» (One Big Beautiful Bill Act)، أقرّه الكونغرس ووقّعه الرئيس ترامب في يوليو ٢٠٢٥. ويتضمّن هذا القانون حزمة واسعة من الإجراءات، من بينها زيادة رسوم معاملات الهجرة، وتوسيع صلاحيات أجهزة إنفاذ قوانين الهجرة، وتمويل طويل الأمد لأمن الحدود.
المواقع المتخصصة في شؤون التأشيرات والهجرة، مثل Visa Verge، أوضحت أن «رسوم الضبط» تُحصَّل بالإضافة إلى الرسوم والغرامات المعمول بها مسبقًا، ويمكن للحكومة مطالبة الشخص بدفعها في مراحل مختلفة: أثناء احتجازه، أو بعد ترحيله، أو حتى إذا حصل لاحقًا على وضع قانوني داخل الولايات المتحدة. ويثير ذلك مخاوف من تحوّل هذه الرسوم إلى «دين طويل الأمد» يلاحق المهاجرين وأسرهم لسنوات.
الإجراء يشمل طالبي اللجوء لأول مرة
الجديد في هذه الرسوم هو أنها تُطبَّق أيضًا على طالبي اللجوء (Asylum Seekers)، أي الأشخاص الذين يدخلون البلاد هربًا من الاضطهاد أو العنف ويتقدّمون بطلب حماية إنسانية. في السابق، كانت هناك قناعة قانونية وسياسية في الولايات المتحدة بأن لطالب اللجوء حقًّا في تقديم طلبه حتى لو عبر الحدود بشكل غير نظامي، استنادًا إلى مبادئ القانون الدولي للاجئين.
أما الآن، فبحسب التفسير الجديد للقانون، يمكن للحكومة الأميركية فرض «رسوم الضبط» على طالب اللجوء أيضًا، ما يعني أنه قد يواجه في الوقت نفسه إجراءات ترحيل معقّدة وغرامات مالية كبيرة، رغم أنه يطلب حماية إنسانية. منتقدو القرار يرون أن ذلك يخلط بين «الهجرة الاقتصادية غير النظامية» وبين «اللجوء»، ويضع جميع المهاجرين في سلة واحدة من العقاب المالي.
سياق أوسع: انخفاض كبير في أعداد الموقوفين وإجراءات ردع إضافية
تأتي هذه الرسوم ضمن حزمة أوسع من الإجراءات الرادعة في إطار ما تصفه إدارة ترامب بـ«أجندة الترحيل الجماعي». تقارير إعلامية، بينها بلومبرغ (Bloomberg)، تشير إلى أن وزارة الأمن الداخلي (DHS) بدأت أيضًا في فرض غرامات قد تصل إلى نحو ١٠٠٠ دولار يوميًّا على الأشخاص الذين صدر ضدهم أمر ترحيل لكنهم لا يزالون داخل الولايات المتحدة، إلى جانب برنامج «تشجيع الترحيل الذاتي» الذي يمنح ١٠٠٠ دولار لمن يغادر البلاد طوعًا عبر تطبيق إلكتروني مخصّص لذلك.
في الوقت نفسه، سجّلت الاعتقالات على الحدود الجنوبية الغربية للولايات المتحدة انخفاضًا حادًّا، حيث قُدِّر عدد الموقوفين في نوفمبر بحوالي ٧٣٠٠ شخص فقط، وهو أدنى مستوى شهري منذ ستينيات القرن الماضي، بحسب تقارير إعلامية. وتؤكد الإدارة أن الرسوم والعقوبات الجديدة تهدف إلى عكس «الكلفة الحقيقية» لعمليات الضبط والمعالجة، وإرسال رسالة ردع قوية لمن يفكّر في عبور الحدود بشكل غير قانوني.
انتقادات قانونية وحقوقية واحتمالات الطعن أمام القضاء
منظمات حقوقية ومحامون مختصون بالهجرة حذّروا من أن «رسوم الضبط» قد تنتهك حقوق المهاجرين، خصوصًا طالبي اللجوء. المحامي المتخصّص في الهجرة ديفيد ليوبولد وصف الرسوم بأنها «إجراء يثير أسئلة قانونية جدّية ويُعتبر أداة قسرية إضافية»، متوقّعًا أن تواجه هذه السياسة طعونًا أمام المحاكم الفدرالية، سواء من جانب منظمات مدافعة عن المهاجرين أو من مهاجرين متضرّرين بشكل مباشر.
المنتقدون يشيرون إلى أن فرض غرامة قدرها ٥ آلاف دولار على أشخاص غالبًا ما يصلون إلى الحدود بلا موارد تقريبًا، هاربين من العنف أو الحروب أو الاضطهاد، يجعل من الصعب عليهم الحصول على تمثيل قانوني أو إعادة بناء حياتهم، حتى إذا مُنحوا في النهاية حق البقاء القانوني في الولايات المتحدة. ويرى ناشطون أن هذه السياسة تُستخدم للضغط على المهاجرين كي يقبلوا بالترحيل أو التسويات السريعة، بدلًا من ممارسة حقوقهم الكاملة في طلب اللجوء أو الاستئناف.
بالنسبة للجاليات العربية والمهاجرين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعني هذه التطورات أن المخاطرة بالدخول غير النظامي إلى الولايات المتحدة أصبحت لا تقتصر على احتمال الاحتجاز والترحيل فحسب، بل تشمل أيضًا ديونًا وغرامات قد ترافق الشخص لسنوات. لذلك يؤكّد المحامون المتخصصون على ضرورة طلب استشارة قانونية موثوقة قبل اتخاذ أي خطوة متعلّقة بالهجرة أو اللجوء إلى الولايات المتحدة في ظل القوانين الجديدة المشدّدة.






