دخلت خطة تسعير الازدحام المروري في مانهاتن – الأولى من نوعها في الولايات المتحدة – شهرها السادس، وسط جدل متصاعد بين حكومة ولاية نيويورك والإدارة الفيدرالية. تفرض هذه الخطة على معظم المركبات رسوماً قدرها 9 دولارات عند دخول منطقة **جنوب شارع 60 في مانهاتن** خلال أوقات الذروة. ومنذ بدء تطبيقها في 5 يناير 2025، حققت الخطة إيرادات ملحوظة تُقدر بحوالي 216 مليون دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى فقط، مما يضعها على مسار تحقيق نصف مليار دولار بنهاية العام وفقاً لتقديرات هيئة النقل الحضري (MTA).
أهداف الخطة واستخدام العائدات:
تهدف رسوم الازدحام إلى تخفيف الاختناق المروري في قلب مانهاتن، وتحسين جودة الهواء عبر تقليل انبعاثات عوادم السيارات. وتعتزم سلطات المدينة توجيه معظم عائدات هذه الرسوم لتمويل تحسينات ضخمة في نظام النقل العام، بما في ذلك تحديث عربات مترو الأنفاق القديمة، وتطوير الشبكة الحديدية، وتحسين خدمة الحافلات. ويأمل مسؤولو المواصلات أن تسهم هذه العائدات في سد فجوات تمويلية تزيد عن 15 مليار دولار في خطة تحديث الـMTA للسنوات القادمة.
تأثيرات ملحوظة على حركة المرور:
بحسب بيانات أولية صادرة عن المدينة، انخفض عدد السيارات التي تدخل وسط مانهاتن خلال ساعات الذروة بنسبة تتراوح بين 10% و15% مقارنة بالعام الماضي. كما سجّل متوسط سرعة التنقل للمركبات ارتفاعًا طفيفًا نتيجة تخفيف الازدحام. ورحب الكثير من سكان المدينة بالتغييرات، حيث قال أحد سائقي الأجرة: “الشوارع أصبحت أقل اختناقًا بقليل، والرحلات تتم أسرع”، بينما لاحظ آخرون تحسّنًا في جودة الهواء وانخفاض الضجيج نسبياً في الأحياء المكتظة.
معارضة الإدارة الفيدرالية والمعركة القانونية:
رغم نجاح الخطة محليًا، تواجه رسوم الازدحام تحديًا سياسيًا من قِبل إدارة الرئيس دونالد ترامب. فقد وصفها الرئيس بأنها “ضريبة غير عادلة” على السائقين، وحاولت وزارة النقل الفيدرالية عرقلة تطبيقها. وهددت الإدارة بحجب بعض التمويل الفيدرالي عن نيويورك إن لم يتم تعليق البرنامج. إلا أن ولاية نيويورك مضت قدمًا بالرسوم بعد الحصول على الموافقات الفنية اللازمة في أواخر عام 2024. وخلال الأشهر الأخيرة، احتدمت معركة قانونية إذ رفعت وزارة العدل دعوى تطعن في قانونية فرض رسوم المرور من دون موافقة صريحة من الكونغرس، بينما تدافع الولاية عن حقها في تبني سياسات محلية مبتكرة لحل أزماتها المرورية والبيئية.
بين مؤيدين ومعارضين:
انقسم الرأي العام بين سائقي السيارات المتضررين الذين يعتبرون الرسوم عبئًا ماليًا جديدًا، وبين مستعملي النقل العام وسكان وسط المدينة الذين يرون فيها خطوة نحو مدينة أكثر استدامة. بالنسبة لكثير من المهاجرين وسكان الضواحي الذين يقودون سياراتهم إلى مانهاتن للعمل، قد تمثل الكلفة الإضافية تحديًا اقتصاديًا، لكن في المقابل فإن تحسين المواصلات العامة سيعود بالنفع على الملايين منهم على المدى البعيد. وتواصل حكومة المدينة العمل على نظام **إعفاءات واستثناءات** ضمن البرنامج لمراعاة الحالات الخاصة، مثل سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة أو ذوي الدخل المحدود. وفي ظل استمرار السجال، يترقب الجميع قرار المحاكم الفيدرالية بشأن شرعية البرنامج، والذي سيشكل سابقة وطنية للمدن الأمريكية الأخرى التي تفكر في تبني سياسات مماثلة.
