أعلن المدير العام للبريد الأمريكي، لويس ديجوي، عن خطة لتقليص 10,000 وظيفة وخفض مليارات الدولارات من ميزانية خدمة البريد الأمريكية (USPS)، وذلك بالتعاون مع وزارة الكفاءة الحكومية (DOGE) التي يرأسها إيلون ماسك، وفقًا لرسالة أُرسلت إلى أعضاء الكونغرس يوم الخميس.
وتهدف DOGE إلى مساعدة البريد الأمريكي في مواجهة “المشكلات الكبرى” التي تعاني منها هذه المؤسسة التي يبلغ حجم أعمالها السنوي 78 مليار دولار، والتي واجهت في السنوات الأخيرة تحديات مالية تهدد استمراريتها. كما يتضمن الاتفاق تعاونًا مع إدارة الخدمات العامة (GSA) لتعزيز كفاءة الخدمة البريدية وتحقيق “مزيد من الفعالية” في عملياتها.
تحديات إدارية وإجراءات تقشفية
أشارت الرسالة إلى مجموعة من المشكلات التي تعيق عمل البريد الأمريكي، بما في ذلك سوء إدارة أصول التقاعد وبرنامج تعويضات العمال، بالإضافة إلى لوائح تنظيمية وصفتها الرسالة بأنها “تحد من الممارسات التجارية العادية”.
وقال ديجوي في رسالته: “هذا الجهد يتماشى مع خططنا، فبينما أنجزنا الكثير، لا يزال أمامنا الكثير لتحقيقه”.
لكن هذه الخطة أثارت مخاوف وانتقادات من بعض أعضاء الكونغرس، حيث أعرب النائب الديمقراطي جيرالد كونولي، من ولاية فيرجينيا، عن قلقه من أن يؤدي تسليم البريد الأمريكي إلى DOGE إلى إضعافه وتحويله نحو الخصخصة.
وأضاف كونولي في بيان: “هذه التنازلات ستؤدي إلى عواقب كارثية على جميع الأمريكيين، لا سيما في المناطق الريفية والنائية التي يعتمد سكانها يوميًا على خدمة البريد لتوصيل البريد والأدوية والبطاقات الانتخابية وغيرها”.
خفض الوظائف وتأثيره على الخدمة
يعمل البريد الأمريكي حاليًا بحوالي 640,000 موظف، مكلفين بتوصيل البريد إلى مختلف أنحاء الولايات المتحدة، من المدن الكبرى إلى المناطق الريفية والجزر النائية.
ووفقًا للرسالة، تعتزم USPS خفض 10,000 وظيفة خلال الثلاثين يومًا المقبلة من خلال برنامج تقاعد مبكر طوعي. وكانت الخدمة البريدية قد أعلنت عن هذه الخطة خلال الأيام الأخيرة من إدارة بايدن في يناير الماضي، لكنها لم تحدد آنذاك عدد الوظائف التي ستتأثر.
ورغم محاولات الحصول على تعليق، لم تصدر أي ردود فورية من البريد الأمريكي أو إدارة الرئيس دونالد ترامب على طلبات وكالة أسوشيتد برس للتوضيح.
مخاوف من الخصخصة ومعارضة نقابية
وكانت USPS قد أعلنت سابقًا عن خطط لخفض تكاليف التشغيل بأكثر من 3.5 مليار دولار سنويًا. كما أن هذه ليست المرة الأولى التي تخفض فيها أعداد الموظفين، حيث قامت في عام 2021 بتسريح 30,000 موظف.
ومنذ تحول USPS إلى كيان مستقل في عام 1970، واجه صعوبات في تحقيق التوازن المالي، لا سيما مع انخفاض استخدام البريد التقليدي. وفي ظل هذه الأزمة، تصاعدت الدعوات من الرئيس ترامب وآخرين لخصخصة الخدمة البريدية. وفي الشهر الماضي، صرح ترامب بأنه قد يضع USPS تحت إدارة وزارة التجارة، في خطوة من شأنها أن تؤدي إلى استحواذ السلطة التنفيذية عليها.
من جانبه، أصدر برايان إل. رينفرو، رئيس الرابطة الوطنية لسعاة البريد، بيانًا أعرب فيه عن ترحيبه بأي جهود تهدف إلى حل المشكلات الكبرى التي تواجه الخدمة البريدية، لكنه أكد رفضه القاطع لأي محاولة لخصخصتها.
وقال رينفرو: “ما تحتاجه خدمة البريد هو حلول منطقية، وليس محاولات خصخصة تهدد وظائف 640,000 موظف بريدي، و7.9 مليون وظيفة مرتبطة بأعمالنا، والخدمة البريدية الشاملة التي يعتمد عليها جميع الأمريكيين يوميًا”.
إصلاحات مثيرة للجدل وسط إرث من التحديات
يذكر أن لويس ديجوي، رجل الأعمال الجمهوري والمتبرع للحزب، تم تعيينه مديرًا عامًا للبريد في عام 2020 خلال الولاية الأولى لترامب، حيث واجه تحديات كبيرة، من بينها تداعيات جائحة كورونا، وزيادة الطلب على التصويت عبر البريد، ومحاولات تقليص النفقات والخدمات البريدية لاحتواء الخسائر المالية.
وتظل التساؤلات قائمة حول مستقبل USPS، ومدى تأثير هذه الإصلاحات على العاملين فيها وعلى الخدمات البريدية التي يعتمد عليها ملايين الأمريكيين يوميًا.