أصدرت محكمة فدرالية في بروكلين، الأربعاء، حكمًا بالسجن لمدة ستة أشهر على الطبيب المصري الأميركي أشرف عمر الدرير (٥٢ عامًا)، بعد إدانته بتهريب مئات القطع الأثرية النادرة من مصر إلى الولايات المتحدة بهدف تحقيق أرباح غير مشروعة.
ضبط تاريخي في مطار JFK
بدأت القضية في ٢٢ يناير ٢٠٢٠ عندما أوقف موظفو الجمارك الطبيب عند وصوله إلى مطار جون كينيدي الدولي وبحوزته ثلاث حقائب تحتوي على ٥٩٠ قطعة أثرية غير مصرّح بها. كانت القطع ملفوفة بعناية في طبقات من الفوم والبلاستيك الواقي، إلا أن بعضها كان حديث الاستخراج لدرجة أن الرمال ما زالت عالقة بها.
السلطات وصفت الضبطية بأنها الأكبر من نوعها، إذ تضمنت تمائم ذهبية من طقم جنائزي، ولوحة حجرية تحمل خرطوش ملك بطلمي يُرجّح أنها جزء من معبد ملكي، بالإضافة إلى تماثيل خشبية صغيرة لجنود وكهنة بملابس من الكتان تعود إلى نحو ١٩٠٠ قبل الميلاد. وقدرت قيمتها السوقية بنحو ٨٢ ألف دولار.
شبكة تهريب ممتدة منذ سنوات
التحقيقات كشفت أن الدرير لم يكن تهرّبًا عابرًا، بل كان ينظم عمليات جلب وتهريب آثار منذ سنوات، مدعيًا أمام دور المزادات أن القطع تعود إلى “مجموعة جده” المزعومة منذ عام ١٩٤٨، أي قبل اتفاقية اليونسكو لعام ١٩٧٠ التي تحظر إدخال القطع الأثرية دون إذن رسمي.
في عام ٢٠١٩، وُجهت له أيضًا اتهامات بتهريب ثلاث قطع محددة: قطعة أثرية مصرية متعددة الألوان تحطمت أثناء الرحلة وأُعيد ترميمها، ولوح جنائزي روماني من الحجر الجيري، ورأس حجري روماني قديم.
اتهامات من جهات الادعاء
ممثلو الادعاء أكدوا أن المتهم تواصل مع أشخاص في مصر لهم صلة بمواقع تنقيب غير شرعية، بعضهم على الأرجح من لصوص المقابر. وكان يسافر إلى مصر بنفسه ليحصل على القطع ثم يعود إلى نيويورك ويعرضها للبيع في مزادات مثل “Palmyra Heritage” و”Arte Primitivo” و”Christie’s”.
وقال المدعي الفدرالي المساعد وليام كامبوس: هذه ليست قضية جان فالجان يسرق رغيف خبز، بل قضية متهم اعتاد مرارًا تهريب الآثار لتحقيق المال
.
إدانة وحكم نهائي
في فبراير الماضي، أقرّ الدرير بالذنب في أربع تهم تهريب، في اليوم نفسه الذي كان من المقرر بدء اختيار هيئة المحلفين لمحاكمته. وقال المدعي العام الأميركي جوزيف نوسيلا: المتهم نهب الكنوز الثقافية لمصر وكذب على سلطات الجمارك الأميركية ضمن شبكة من الخداع لملء جيوبه بالمال
.
سجلات محادثاته الهاتفية وبيانات دور المزادات أثبتت أن نشاطه بدأ منذ عام ٢٠١١. وأشارت مذكرة الادعاء إلى أن المتهم، على عكس كثيرين غيره، كان يملك مهنة شريفة كطبيب مرخّص في مصر لكنه اختار تجارة الآثار غير الشرعية بدلاً من ذلك.
مدى تناسب العقوبة مع حجم الجريمة
ورغم صدور الحكم، أثار القرار موجة من الجدل حول مدى تناسب العقوبة مع حجم الجريمة. فبينما رأت المحكمة أن ستة أشهر كافية بعد إقرار المتهم بالذنب وتعاونه مع التحقيقات، اعتبر خبراء في حماية التراث أن العقوبة غير رادعة ولا تعكس خطورة تهريب مئات القطع الأثرية التي تمثل جزءًا من الهوية والتاريخ المصري. وأوضح مراقبون أن القضاء الأميركي تعامل مع القضية من زاوية انتهاك قوانين التهريب والجمارك فقط، في حين أن الأثر الحقيقي هو المساس بالتراث الإنساني الذي لا يُقدَّر بثمن.
المصدر: تقارير المحكمة الفدرالية في بروكلين