في مؤشر على عدم الرضوخ للفوضى وبعد تفريق مؤيدي الرئيس دونالد ترامب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول هيل (البرلمان) في واشنطن، قرر مجلسا النواب والشيوخ استئناف جلسات المصادقة على رئاسة الرئيس المنتخب جو بايدن والتي توقعوا أن تستغرق ١٢ ساعة في ظل وجود طلبات معارضة دستورية على نتائج عدد من الولايات، وذلك حسبما أعلنت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب.
جاء ذلك فيما ندد وزير الخارجية المقرب من ترامب مايك بومبيو في موقف لافت باقتحام مبنى الكونغرس واللجوء للعنف. وصدر موقف مماثل عن القائم بأعمال وزير العدل وشخصيات جمهورية عُرفت بتأييدها لترامب مثل السيناتور ليندسي غراهام.
ويبدو أن الأحداث التي نتج عنها وفاة سيدة داخل المبنى وسقوط شاب من إحدى الشرفات لينقل إلى المستشفى بحال الخطر، قد ارتدت سلباً على موقف الرئيس رغم إصراره على أنه الفائز.
جاء ذلك فيما علت أصوات بملاحقته لتقصيره في طلب الأمن وحثه بنفسه المحتجين على التوجه إلى الكونغرس بعد تجمعهم في العاصمة، خاصة أنه أقدم سابقا على نشر الحرس الوطني في مواقف مماثلة للمعارضة. واتهمه عدد من المسؤولين الديموقراطيين والجمهوريين بأن ما قام به محاولة انقلاب غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
وتحولت الساحات المحيطة بمبنى «الكابيتول» إلى ما يشبه ساحة حرب بعد أن اقتحمها أنصار الرئيس دونالد ترامب ملبين دعوته للزحف الى الكونغرس اعتراضا على جلسة التصويت على نتائج الانتخابات التي فاز بها الديموقراطي جو بايدن.
وقد قامت الشرطة بإغلاق المبنى بعد اشتباك أنصار ترامب مع الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لمنع مزيد من أنصار ترامب من اقتحام المبنى ما أدى الى تعليق الجلسة، وقد دعا الرئيس ترامب أنصاره الى الحفاظ على سلمية الاحتجاجات. وقال في تغريدة «أرجوكم ادعموا قوات شرطتنا في الكابيتول. هم الى جانب بلدنا بحق. حافظوا على السلمية».
لكن ذلك لم يمنع من وقوع مصادمات بين الأمن ومحتجين اقتحموا قاعة مجلس الشيوخ التي كانت تشهد جلسة التصديق على فوز بايدن، كما اعتلى المحتجون المنصة المفترض أن تشهد تنصيب بايدن بعد أسبوعين.
وأعلنت شرطة واشنطن انها طلبت دعما أمنيا إضافيا للسيطرة على الوضع، وأعلن عمدة المدينة فرض حظر تجول على كامل العاصمة اعتبارا من الساعة السادسة مساء، سبقه إخلاء قاعتي مجلس النواب ومجلس الشيوخ بالكونغرس بعد نقل نائب الرئيس مايك بنس إلى مكان آمن.
وكانت جلسة الكونغرس تخللها اعتراض نحو 60 عضوا جمهوريا على فوز بايدن، وهو ما اعتبره زعيم الأقلية الديموقراطية تشاك شومر «محاولة انقلاب».
وجاءت هذه التطورات بعد الخطاب المشحون الذي ألقاه ترامب بالتزامن مع اجتماع الكونغرس بمجلسيه أمس للمصادقة على نتائج التصويت الذي جرى في الثالث من نوفمبر. وأغدق الرئيس الاميركي ترامب الثناء على أنصاره الذين احتشدوا دعما له ورفضا لهزيمته في الانتخابات الرئاسية، ودعاهم الى الزحف نحو الكونغرس.
وقال ترامب «أرى أمامي مئات آلاف الناس المجتمعين هنا لن تعترف بهم وسائل الإعلام المزيفة، حولوا كاميراتكم نحوهم». وأضاف «من الرائع لو حظينا بتغطية منصفة من وسائل الإعلام». وتابع: «فزنا بالانتخابات فوزا كبيرا والنتائج لم تكن متقاربة. لن نتنازل ولن نتخلى ولن نعترف بالهزيمة». لقد حصلت على 75 مليون صوتا ومع ذلك يقولون إنني خسرت.
وتوجه لمؤيديه المحتشدين امام البيت الابيض «لن نسمح لهم بإسكات أصواتكم». ودعاهم للزحف إلى الكونغرس.
وكرر طلبه من نائبه مايك بنس أن يقوم بـ «إرجاع الأصوات الى الولايات وسأفوز بكل بساطة»، متابعا: «على بنس حماية دستورنا وكل ما عليه القيام به أن يطلب من الولايات إعادة النظر في التصديق على الانتخابات». وأضاف «إذا لم يفعل بنس ما عليه فسيكون يوما حزينا لأميركا».
وحاول تخويف الأميركيين من الرئيس الفائز جو بايدن، وقال: «ستشاهدون أمورا سيئة كثيرة ستحصل في عهد الإدارة المقبلة». واتهم خصومه الديموقراطيين بانهم نجحوا لسنوات طويلة في تزوير الانتخابات، وكرر ان هذه الانتخابات كانت مزورة بشكل غير مسبوق. وقال «باستخدام ذريعة فيروس كورونا وخدعة التصويت بالبريد سرق الديموقراطيون الانتخابات»
وقال «وسائل إعلامنا ليست حرة ولا نزيهة فهي تقمع حرية التعبير وهي عدوة للشعب». وأضاف «نحن هنا لسبب بسيط جدا هو إنقاذ ديمقراطيتنا» وحمل حتى على بعض زملائه الجمهوريين الذين وصفهم بـ«ضعاف مؤسفون ولكنكم أقوى وأذكى فأنتم الشعب الحقيقي الذي بنى هذه الدولة».
وقال على الكونغرس أن يواجه هذه الهجمة الشديدة على ديموقراطيتنا. واعتبر أن الجمهوريين ينافسون كملاكم يداه مربوطتان خلف ظهره. وتابع في كلمة مطولة «عليكم عدم الاستماع لوسائل الإعلام المزيفة».
وهاجم خصمه جو بايدن بشدة مشككا بفوزه، وقال «سيكون لديكم رئيس غير شرعي انتخبه عدد من الأغبياء. ولن نسمح بهذا الأمر».
وردد انصاره «٤ سنوات اخرى».
وقال «سنتخلص من اعضاء الكونغرس الضعفاء»، متهما حاكم جورجيا بالفساد، وهاجم سكرتير الولاية بأنه مخادع يدعي انه جمهوري.
لكنه عاد وأبلغ المحتجين من أنصاره بالعودة إلى منازلهم، وكرر ترامب، في تسجيل مصور على “تويتر”، زعمه الذي لا يستند إلى دليل بسرقة الانتخابات، لكنه قال “عليكم العودة لمنازلكم الآن. لا بد أن يسود الهدوء. ينبغي أن يسود القانون والنظام”.
وفيما بدا صفعة جديدة لترامب وخلافا لما طلبه منه، قال نائبه مايك بنس «ان دوري في التصديق على النتائج هو احتفالي»، واضاف في بيان «أي اعتراض على نتيجة الانتخابات كان يجب أن يحسم في المجمع الانتخابي».
وبعد اقرار نتائج التصويت في الاباما والاسكا، اعترض نحو 60 عضوا جمهوريا في الكونغرس على نتائج فوز بايدن بولاية أريزونا.
وبعد الاعتراض، اعلنت نانسي بيلوسي تعليق جلسة الكونغرس ليقوم كل مجلس بمناقشة الاعتراضات على حدة لتتحول الجلسة الى سجال حول تزوير الانتخابات.
ورغم اعتراض بعض الأعضاء، قال زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ان «الأميركيين قالوا كلمتهم وهذه انتخابات حسمت ولم تكن نتيجتها متقاربة».
وأضاف في صفعة وجهها لترامب «أعتقد أن حماية الدستور الأميركي تتطلب منا احترام حدود سلطاتنا والولايات الأميركية قالت كلمتها وتغيير النتيجة سيضر بديموقراطيتنا».
وقال انه لا شيء أمامنا يثبت وجود أخطاء جسيمة في الانتخابات قد تقلب النتيجة و«ما يحصل الآن يعرض بلادنا وديموقراطيتنا للخطر ويجب أن يتوقف».