كثيرة هي الوعود التي أطلقها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية، وأبرزها تخفيض أسعار المواد الأساسية وترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين.
الأمران يبدوان للوهلة الأولى غير مرتبطين، إلا أن هناك صلة وثيقة بين هذين الوعدين الكبيرين أمام الحقائق على الأرض.
قطاع الزراعة في الولايات المتحدة يعتمد على العمال المهاجرين غير النظاميين بنسبة تعادل 41 %، مقابل 36% من الأمريكيين، و23% فقط من المهاجرين النظاميين.
ويشير هذا الواقع إلى أن أثراً كبيرً لليد العاملة من المهاجرين غير النظاميين على كمية ونوع الإنتاج الزراعي، وهو ما يؤدي حتماً إلى قلة وفرة المواد في الأسواق، في حال ترحيلهم، وبالتالي ارتفاع أسعارها مجدداً، وحرمان الأمريكيين من الوصول إليها بسبب غلاء الأسعار بصورة ستكون أسوأ من الصورة القائمة حالياً .
زيادة التضخم
هذه المقاربة يطرحها مسؤولو القطاع الزراعي في البلاد ويدعون الإدارة الجديدة إلى مراعاة الحقائق على الأرض قبل الإقدام على خطوة قد تزيد من حالة التضخم الحالية القياسية والتي بلغت الحد الأسوأ من نوعه خلال العقود الأربعة الأخيرة.
المسؤول الأمريكي السابق في وزارة الزراعة، رئيس المجلس الوطني لتجمع المزارعين، تشاك كورنر، يقول إن “المعادلة في غاية البساطة، وعلينا أن ننظر إليها من هذه الزاوية، إن عدداً أقل من العمال في مزارعنا يساوي إنتاجاً أقل للمواد. والوفرة المحدودة في الأسواق ستؤدي الى ارتفاع قياسي في الأسعار”.
ويقول ملاك أراض ومزارع أبقار إنهم يعتمدون في أعمالهم بصورة كبيرة على هذا النوع من اليد العاملة، وفي حال ترحيلهم سيضطرون إلى التقليل من عدد الأبقار المنتجة للحليب، وهو ما سيؤدي إلى حليب أقل في الأسواق.
ويستعيد المزارعون تلك الأوضاع الصعبة التي فرضتها قيود أزمة كورونا في السنوات الماضية، ما أدى إلى انحسار حجم الأعمال في مزارعهم، كما أدى إلى قلة إنتاج مواد أساسية في الأسواق كالبيض والحليب ومشتقات الألبان، وهو ما اضطر المحال إلى رفع الأسعار إلى مستويات قياسية، وكذلك اتخاذ إجراءات تقييد على الكميات التي يسمح للزبائن بشرائها، وكان أمراً خارجاً عن المألوف في الأسواق الأمريكية.
وتقول الإحصائيات الرسمية المعلنة إن هناك ما يقارب 11 مليوناً من المهاجرين غير النظاميين يعيشون حالياً في الولايات المتحدة، فيما يقول ترامب وفريقه المعين للتعامل مع أزمة الحدود والهجرة إن أفضل الحلول لإنهاء هذه الأزمة التي باتت تشكل حملاً ثقيلاً على الحكومة الفيدرالية وعلى جيوب الأمريكيين هو تنفيذ أكبر عملية ترحيل للمهاجرين غير النظاميين في التاريخ الأمريكي.