تواجه الولايات المتحدة الأمريكية أزمة كبيرة في الكوادر البشرية العاملة في مجال “السباكة”، وسط وقوف الروبوتات والذكاء الاصطناعي عاجزين أمام حل هذه الأزمة، على الرغم من تهديدها للكثير من المجالات الأخرى.
ذكر المكتب الأمريكي لإحصاءات العمالة أن قطاع السباكة وتركيب وصيانة الأنابيب يتيح نحو 42600 وظيفة سنوياً، وهو قطاع يعتبر من بين القطاعات الرابحة من حيث الدخل.
إذ يبلغ متوسط الدخل السنوي للسباكين وعمال الأنابيب 65190 دولارا حتى مايو/أيار 2022، وهو رقم يفوق المعدل الوطني لجميع المهن الأخرى الذي يبلغ 61900 دولار.
ومع ذلك، هناك تفاوت كبير في الأجور بين مناطق مختلفة من البلاد، إذ يحصل سباك في منطقة بيدمونت في كارولاينا الشمالية على متوسط دخل سنوي يبلغ 43 ألف دولار، بينما يمكن لسباك في وادي السيليكون بكاليفورنيا أن يصل دخله إلى 100 ألف دولار.
نقص سباكين مع زيادة وتيرة التقاعد
والمحصلة أنه على الرغم من الدخل الجيد في أماكن متفرقة، فإن وتيرة دخول السباكين الجدد إلى سوق العمل في الولايات المتحدة أصبح أبطأ من وتيرة التقاعد، مما يؤدي إلى زيادة النقص في أعداد السباكين.
وهذا النقص أصبح يرتقي لكونه مشكلة تهدد الاقتصاد الأمريكي، لكونه يسبب تكاليف عالية للأسر عند إصلاح تسربات الأنابيب على سبيل المثال، كما يؤثر سلباً على الشركات التي تحاول الانتهاء من مشاريع جديدة ضمن الجداول الزمنية والميزانيات المحددة.
ووفقًا لتحليل شركة “جون دونهام وشركاؤه” البحثية في فلوريدا، فإن نقص السباكين تكبد الاقتصاد خسائر تقدر بنحو 33 مليار دولار في عام 2022، كما تتوقع الشركة أن يزداد النقص في أعداد السباكين في السوق الأمريكية إلى 50 ألف سباك بحلول عام 2027.
عزوف عن الانخراط بالمهنة
في بداية العام الدراسي الذي بدأ في نهاية سبتمبر الماضي، انضم 125 طالباً إلى المدرسة المهنية، بعد تراجع الإقبال على المهنة.
وعلى الرغم من ذلك، أشار مدير التدريب، كريستوفر بيوندي، إلى أنه بناءً على الخبرات السابقة، يتوقع أن ينسحب حوالي 40% من الطلاب قبل انتهاء الدورة التي تمتد لخمس سنوات.
ويغطي صندوق التدريب معظم تكاليف الدورة، حيث تبلغ تكلفة كل طالب 1500 دولار على مدار السنوات الخمس، بالإضافة إلى بعض التكاليف البسيطة لشراء أحذية العمل اللازمة وشريط القياس.
وخلال البرنامج، يتعين على الطلاب أداء مهام مثل تصميم حمام والتخطيط له على مدى 12 ساعة، يشمل ذلك تركيب مرحاض وحوض حنفية وسخان مياه وحوض استحمام.
كما يشمل المشروع إعداد رسم تخطيطي وطلب جميع المعدات الضرورية من متجر المدرسة.
وفيما يتعلق بعملية التدريس، أكد مايسون هولدن، مدرس الجبر والهندسة والرسم بالمدرسة، على أهمية الاحترافية والوقت المناسب للتخطيط، مشيرًا إلى أن إكمال هذه المشاريع يصبح سهلاً عندما يتم اتباع الإرشادات الصحيحة.
ورغم صرامته في تقييم الطلاب، إلا أنه يشدد على أن هذا الأمر يأتي من أجل مساعدتهم وتطوير مهاراتهم، وليس لتقييمهم سلبًا.
في السياق نفسه، فإن كلية المجتمع “آن أرونديل” في ولاية ماريلاند أطلقت مقررًا إعداديًا لتدريب السباكة للمرة الأولى في فصل الخريف الحالي، والذي يستوعب 18 طالبًا، إلا أن عدد الطلاب المسجلين كان 3 فقط.
مهنة لا تهددها الروبوتات
قال جون بوسكو نشيمييمانا، 34 عاماً إنه انجذب إلى السباكة بعدما بدا له أنها ستصمد في وجه الأتمتة أكثر من مجال عمله الحالي، مضيفا: “يكثر استخدام الروبوتات في مجال التلحيم، ولكن لم أر الروبوتات تقوم بأي أعمال سباكة، لذا فكرت بخوض هذا المجال”.
قال عدد ممن أجريت معهم مقابلات لإعداد هذا التقرير إن الاعتقاد السائد بأن السباكة عمل شاق بدنيا، يتطلب ساعات طويلة والتعامل مع القذارات من الأسباب التي تنفر الشباب من المهنة.