الجالية العربية

بعد 30 عاماً في أمريكا.. مصري قبطي يواجه الترحيل إلى «دولة ثالثة» مجهولة

في قضية تسلط الضوء على الأبعاد الإنسانية القاسية لسياسات الهجرة الأمريكية الحالية، يواجه كارم تادرس، وهو رجل مصري قبطي يبلغ من العمر 39 عامًا وعاش في الولايات المتحدة لأكثر من ثلاثة عقود، خطر الترحيل ليس إلى بلده الأصلي مصر، بل إلى “دولة ثالثة” قد لا يكون له بها أي صلة.

وصل تادرس إلى الولايات المتحدة مع عائلته عندما كان طفلاً يزيد عمره قليلاً عن ثلاث سنوات، وجميع أفراد عائلته الآن مواطنون أمريكيون. لكن مسيرته نحو الحصول على الجنسية توقفت بسبب إدانة جنائية في عام 2006. وفي 7 مايو الماضي، قامت سلطات الهجرة والجمارك (ICE) باحتجازه من منزله، ليبدأ فصلاً جديدًا من المعاناة والخوف من المجهول.

سياق قانوني معقد: الحماية من الترحيل إلى مصر والبحث عن بديل

ما يجعل قضية تادرس فريدة من نوعها هو أنه حصل في الماضي على حماية قانونية من الترحيل إلى مصر. ففي عام 2009، قضى قاضي هجرة بأنه سيواجه الاضطهاد إذا أُعيد إلى مصر بسبب ديانته المسيحية القبطية. هذا القرار، الذي أيدته محكمة استئناف الهجرة، يعني أن الحكومة الأمريكية لا يمكنها إعادته قسراً إلى بلده الأم.

ولكن، بدلاً من إغلاق قضيته، تستخدم إدارة ترامب الآن تكتيكًا قانونيًا يُعرف بـ “الترحيل إلى دولة ثالثة”. هذا يعني أنه إذا كان من غير الممكن ترحيل شخص إلى بلده الأصلي، فإن الحكومة الأمريكية تبحث عن أي دولة أخرى في العالم توافق على استقباله. خلال جلسة استماع في المحكمة في يونيو، علم تادرس لأول مرة أن الحكومة قد تحاول إرساله إلى أوزبكستان، بعد أن رفضت دول أخرى مثل السودان وليبيا استقباله.

قرار المحكمة الأخير: إفراج مؤقت مع خطر قائم

في 16 يونيو، أصدرت قاضية فيدرالية، إيفلين بادين، قرارًا بالإفراج عن تادرس، معتبرة أن احتجازه المستمر “غير قانوني”. لكن القرار لم ينهِ كابوس الترحيل. فقد منحت القاضية سلطات الهجرة فترة تتراوح بين 30 و60 يومًا لتحديد دولة ثالثة يمكن ترحيل تادرس إليها. خلال هذه الفترة، يجب عليه البقاء في منطقة الولايات الثلاث (نيويورك، نيو جيرسي، وكونيتيكت) دون الحاجة إلى ارتداء سوار تتبع إلكتروني في الكاحل، وهو طلب من الحكومة رفضته القاضية.

تمثل قصة كريم تادرس مثالاً حيًا على كيفية تأثير سياسات الهجرة المتشددة ليس فقط على المهاجرين غير الشرعيين، بل أيضًا على الأشخاص الذين لديهم روابط عميقة وقديمة بالولايات المتحدة. فهو يواجه الآن احتمال إرساله إلى بلد لم يزره قط، ولا يتحدث لغته، ولا يعرف ثقافته، مما يجعله غريبًا ومنفصلاً عن عائلته الوحيدة التي يعرفها، والتي تعيش جميعها في أمريكا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !