وكالات
كشفت مجلة علمية متخصصة عن تفاصيل شيفرة استخدمها المصريون القدماء في صنع مادة بقيت أسرارها غامضة لمئات السنين.
نشرت مجلة الجمعية الملكية للكيمياء “Royal Society of Chemistry” مقالا كشفت فيه عن أسرار شيفرة الصبغة المصرية التي زينت لآلاف السنين جداريات الفراعنة وميزتها عن غيرها من صبغيات العالم.
وتنتشر في اللوحات والمعابد والمقابر الفرعونية المصرية تشكيلة فريدة ومتعددة من ألوان الأزرق التي أكدت الدراسات أنها غير مرتبطة بحجر “لازولي لابيس” أو حجر “اللازوريت الطبيعي”.
وأثارت هذه الألوان حيرة العلماء لعقود بسبب غرابة مصدرها خصوصا مع ندرة الأجهزة المتطورة وعميات الخلط الكيميائية الفريدة في عصر الفراعنة.
وبحسب المجلة، فإن استخدام اللون الأزرق قبل العهد الفرعوني كان نادرا جدا لأن هذا اللون من الألوان صعبة التكوين حيث يتوفر هذا اللون طبيعيا في بعض الأحجار الثمينة مثل لازولي أو اللازوريت، وهي حجارة نادرة جدا يصعب تشكيل الألوان منها طبيعيا.
وأبهرت ألوان الفراعنة الزرقاء العلماء بسبب الإمكانات العلمية التي تحتاجها تلك الحضارة لتشكيل الألوان كونها لم تعتمد على الحجارة الطبيعية، الأمر الذي يشير إلى وجود معرفة متخصصة لدى المصريين القدماء بالعلوم الفيزيائية.
وكشفت تحليل الأدلة الأثرية التي أجراها العلماء على بعض الأدوات التي صبغت باللون الأزرق والتي يعود تاريخها لأكثر من 3100 قبل الميلاد بالإضافة إلى بعض الأدوات الأخرى لتواريخ أحدث جميعها تشير غلى استخدام عدة درجات من الأزرق صنعت جميعها من مركب السيليكات والنحاس.
تاج نفرتيتي و”النانو”
ومن أشهر الاستخدامات المذهلة لهذا اللون الفرعوني جسد على تاج الملكة نفرتيتي، حيث رصع التاج المكتشف في معبد زوجها أخناتون بالحجارة الكريمة مع صبغه زرقاء مميزة.
وبحسب المجلة، فإن خصائص هذا المركب لم تكشف إلا مؤخرا، بالرغم من اكتشاف هذه الصبغيات منذ عصور ما قبل التاريخ، حيث أكدت الأبحاث أن الأزرق المصري مميز عن الصبغيات الأخرى لاحتوائه على خواص فريدة جدا.
وقامت الباحثة، تينا سالغيرو، أستاذ الكيمياء المساعد في جورجيا بقيادة الأبحاث حول الصبغيات المصرية القديمة، وتم نشر النتائج في موقع الجمعية الملكية للكيمياء، حيث أكدت أن المادة التي استخدمت منها الصبغيات المصرية (سيليكات النحاس والكالسيوم) قادرة على توفير فئة جديدة من مواد النانو المتطورة جدا والتي تستخدم اليوم في العديد من التطبيقات العلمية الحديثة جدا مثل التصوير الطبي بالأشعة تحت الحمراء الحبر الأمني.
وبحسب البحث المنشور في مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز” العلمية، فإن حبات سيلكات نحاس الكاليسيوم في الأزرق المصري أرق بـ100 مرة من شعرة الإنسان.