مع بدء التصويت المبكر واستعداد مدينة نيويورك للانتخابات التمهيدية في 24 يونيو، يحتدم السباق لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي الذي سيواجه العمدة الحالي إريك آدامز في الانتخابات العامة في نوفمبر. هذا السباق المزدحم لا يمثل مجرد منافسة سياسية، بل هو استفتاء على مستقبل المدينة وتوجهاتها في قضايا حيوية كالإسكان والشرطة والخدمات العامة، وهي قضايا تقع في صميم اهتمامات الجاليات العربية والمهاجرة.
شرح السياق: ما هي “الانتخابات التمهيدية” و”التصويت التفضيلي”؟
بالنسبة للقادمين الجدد إلى النظام السياسي الأمريكي، من الضروري فهم آلية الانتخابات. “الانتخابات التمهيدية” (Primary Election) هي عملية داخلية يجريها كل حزب سياسي لاختيار مرشحه الرسمي لخوض الانتخابات العامة. في مدينة نيويورك، حيث يتمتع الحزب الديمقراطي بأغلبية ساحقة، غالبًا ما تكون الانتخابات التمهيدية الديمقراطية هي المعركة الحاسمة، فالفائز بها يمتلك فرصة كبيرة ليصبح العمدة القادم. وتستخدم نيويورك نظام “التصويت التفضيلي” (Ranked-Choice Voting)، الذي يسمح للناخبين بترتيب ما يصل إلى خمسة مرشحين حسب الأفضلية. إذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50% من الأصوات في الجولة الأولى، يتم استبعاد المرشح الأخير وتوزيع أصواته على خيارات الناخبين الثانية، وتتكرر العملية حتى يفوز مرشح بالأغلبية. هذا النظام يهدف إلى انتخاب مرشح يحظى بقبول أوسع.
المشهد السياسي هذا العام يزيده تعقيدًا قرار العمدة الحالي إريك آدامز خوض الانتخابات كـ”مستقل” (Independent). هذا يعني أنه لن يشارك في الانتخابات التمهيدية لأي حزب، وسينتظر الفائزين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لمنافستهم مباشرة في الانتخابات العامة في نوفمبر.
أبرز المرشحين والمواقف المتباينة
يبرز في السباق الديمقراطي المزدحم اسمان رئيسيان يمثلان تيارين مختلفين داخل الحزب: حاكم نيويورك السابق أندرو كومو، وعضو مجلس الولاية الاشتراكي زهران ممداني. يقدم كومو نفسه كمرشح الخبرة الإدارية القادر على التعامل مع أزمات المدينة، بينما يمثل ممداني الجناح التقدمي للحزب، حيث يدعو إلى سياسات جريئة مثل تجميد الإيجارات، وتوفير وسائل نقل عام مجانية، ورعاية أطفال بدون تكلفة. هذا الصدام بين الخبرة التقليدية والرؤية التقدمية يعكس انقسامًا أوسع داخل الحزب الديمقراطي على المستوى الوطني. إلى جانبهما، هناك مرشحون آخرون مثل المراقب المالي للمدينة براد لاندر، وعضو مجلس الشيوخ عن الولاية زيلنور مايري، ولكل منهم أجندته الخاصة التي تركز على قضايا مثل إصلاح الشرطة والإسكان الميسور التكلفة.
أهمية الانتخابات للجالية العربية
تؤثر نتائج الانتخابات المحلية بشكل مباشر على حياة سكان المدينة اليومية. فالعمده القادم سيحدد سياسات الإسكان التي تؤثر على أسعار الإيجارات، وميزانية الشرطة التي تؤثر على السلامة في الأحياء، ومستوى تمويل المدارس والخدمات الاجتماعية التي تعتمد عليها العائلات المهاجرة. إن فهم برامج المرشحين المختلفين والمشاركة في التصويت يمثل فرصة للجالية العربية للتأثير في هذه السياسات وضمان أن صوتها مسموع في قاعات بلدية نيويورك. التصويت المبكر مستمر حتى 22 يونيو، مما يوفر مرونة أكبر للناخبين المسجلين للمشاركة في اختيار مستقبل مدينتهم.