وكالات
يتصاعد القلق لدى آلاف الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة والعالقين فيما بين تهديد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بترحيلهم قسرا والمجازفة بالعودة إلى مقاعد جامعاتهم في ظل تفشي وباء كورونا المستجد (كوفيد-19)، بينما قرر نواب ديمقراطيون وجامعات التحرك للتصدي لخطة ترامب.
وثمة أكثر من 40 ألف طالب أجنبي في الجامعات العامة بولاية كاليفورنيا، وحوالي 5 آلاف في هارفرد، وهي مؤسسات قررت أن تقتصر برامجها على التعليم عبر الإنترنت عند استئناف العام الجامعي الجديد في الخريف.
وبموجب قرار أعلنته شرطة الهجرة الأميركية الاثنين وطعنت فيه جامعتا هارفرد وإم آي تي وولاية كليفورنيا أمام القضاء، لم يعد بإمكان هؤلاء الطلاب البقاء على الأراضي الأميركية، وهم ضحايا جانبيون لقرار ترامب في سعيه لإرغام جميع المدارس والجامعات الأميركية على إعادة فتح أبوابها رغم انتشار فيروس كورونا المستجد.
رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب جيرولد نادلر ورئيس اللجنة الفرعية للهجرة والجنسية بمجلس النواب، إلى جانب أكثر من 90 عضوا ديمقراطيا بالكونغرس، طالبوا وزارة الأمن الداخلي ووكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك إلى الإلغاء الفوري للتوجيهات الجديدة التي تهدد بترحيل الطلاب الأجانب في حال قررت مؤسساتهم تقديم الدروس عبر الانترنت.
وأعرب المشرعون، في رسالة مشتركة، عن “مخاوفهم العميقة من أن توجيهات وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك لا تحفزها اعتبارات الصحة العامة، بل بالأحرى العداء تجاه المهاجرين وغير المواطنين”.
وقال المشرعون إن إعلان الوكالة عن خططها لإجبار أو ترحيل الطلاب الدوليين الذين يتلقون دورة كاملة من الدروس عبر الإنترنت “أمر قاسي وغير مقبول” وأشاروا إلى أن الأمر “محاولة صارخة لإبقاء الطلاب الدوليين رهائن لإجبار الجامعات على إعادة فتح أبوابها حتى مع تزايد حالات الإصابة بكورونا”.
واضافوا أنها محاولة قاسية وعديمة المعنى ومعادية للأجانب تهدف لاستخدام غير المواطنين كبيادق سياسية لإجبار الكليات والجامعات ماليا على إعادة فتح الحرم الجامعي هذا الخريف، حسب تعبيرهم.
وفي ظل استمرار الخلافات بين السياسيين الأميركيين يزداد قلق آلاف الطلاب الأجانب ومن بينهمتيمور أحمد (25 عاما) وهو طالب باكستاني في جامعة “كال ستيت” الرسمية في لوس أنجلوس، والذي قال في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسي “أخشى أن يطالني الأمر إذا لم يعرضوا دروسا بحضور شخصي”، مضيفا “إنني قلق، فهذا يهدد بتغيير مستقبلي ومشاريعي”.
وأوضح طالب آخر مسجل في جامعة كبرى في تكساس لإعداد رسالة ماجستير، أنه كان يعتزم متابعة دروسه عبر الإنترنت في الخريف من باب الحيطة حيال وباء كوفيد-19، بعدما أتم الفصل الأخير بالطريقة ذاتها.
لكن الطالب الهندي البالغ من العمر 25 عاما بات مرغما على العودة إلى الجامعة حتى لا يخسر تأشيرته. وقال مشترطا عدم كشف اسمه إن “كلفة العلاج الطبي (في حال دخول المستشفى نتيجة الإصابة بوباء كوفيد-19) أعلى بكثير منها في بلدي، وهذا ما يبعث على الخوف”.
وتابع “أتكلم مع العديد من الأشخاص الذين يتملكهم الهلع. إننا وحيدون في بلد أجنبي، وليس لي من يعتني بي” إذا مرضت.
وأعربت طالبة هندية تعد رسالة ماجستير في الإلكترونيات في جامعة كبرى بولاية أريزونا التي باتت بؤرة للوباء، عن المخاوف ذاتها.
فهي ستضطر للعودة إلى الجامعة لإتمام أبحاثها وتولي مهامها في إرشاد الطلاب الأصغر سنا، حتى لو أنه “يبدو من الصعب للغاية ضبط انتشار الفيروس في حرم جامعي مكتظ إلى هذا الحد”.
وتتجه غالبية الجامعات الأميركية (84% بحسب موقع “كرونيكل أوف هاير إيدوكيشن”) إلى صيغة تمزج بين الحصص الدراسية الافتراضية والتعليم في الجامعة، مما سيسمح لطلابها الأجانب بتفادي الترحيل بموجب القرار الجديد الصادر عن إدارة ترامب.
ومن بين هذه المعاهد جامعة جنوب كاليفورنيا التي تعمل على صيغة جديدة توفر المزيد من الدروس التي تتطلب الحضور الشخصي إلى الجامعة، بعدما كانت تتجه إلى توفير كل حصصها عبر الإنترنت.
لكن العديدين يخشون تفشي موجة جديدة من الوباء في الخريف، مما سيرغم المعاهد على تأمين صفوفها بالكامل على الإنترنت، وستكون النتيجة رحيل الطلاب الأجانب.
وقالت طالبة الهندسة الهندية البالغة من العمر 25 عاما مشترطة عدم ذكر اسمها، “لا يمكنهم السيطرة على الفيروس، قد يتدهور الوضع”، مضيفا يبدو لي من الظلم حقا أن يتحمل الطلاب الأجانب عواقب تفاقم الوباء في حين أن لا دخل لهم في الأمر.
وبانتظار إتمام أبحاثها ومناقشة رسالتها للماجستير في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، قالت إنها ستعيش “في حال قلق متواصل”، موضحة “استثمرت ثلاث سنوات من حياتي وعملت جاهدة للحصول على هذه الشهادة. سيكون الأمر فظيعا إذا تم إلغاء تأشيرتي”.
وبعدما تضاعف عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة خلال 15 عاما، استقر منذ العام 2015 عند مستوى نحو 1.09 مليون طالب في 2019، بحسب أرقام معهد التعليم الدولي.
ولم تعد الولايات المتحدة تجتذب الطلاب كما في السابق، على ضوء الرسوم الباهظة في معظم المعاهد الأميركية الكبرى وصعود جامعات منافسة ولا سيما في أوروبا، وسياسة ترامب المتشددة في مجال الهجرة.
وحذر آرون ريشلين ميلنيك من مجلس الهجرة الأميركي من أن القرارات الأخيرة “تهدد بإضعاف إحدى أهم ميزات الولايات المتحدة، وهي نظامها التعليمي الأفضل في العالم” في مجال الدراسات العليا.
وكانت الطالبة الهندية تعتزم حتى الآن البقاء في الولايات المتحدة لإتمام أطروحة دكتوراه وربما متابعة المزيد من الدروس بعدها، لكنها اليوم مترددة “على ضوء طريقة معاملة الإدارة الأميركية للمهاجرين وحاملي تأشيرات الدخول المؤقتة”.