الولايات المتحدة

ترامب يوقع أوامر تنفيذية تفرض إتقان اللغة الإنجليزية على سائقي الشاحنات وتستهدف «المدن الملاذ» للمهاجرين

وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس ثلاثة أوامر تنفيذية جديدة تستهدف الهجرة وتفرض متطلبات اللغة الإنجليزية، وذلك قبل يوم واحد من إكمال مئة يوم له في البيت الأبيض خلال فترة رئاسته الثانية. تركز هذه الأوامر على فرض إتقان اللغة الإنجليزية لسائقي الشاحنات التجارية، ونشر قوائم بالمدن التي تعرف بـ “مدن الملاذ” التي لا تتعاون مع سلطات الهجرة الفيدرالية، إضافة إلى تعزيز التواصل بين سلطات إنفاذ القانون.

إلزام سائقي الشاحنات بإتقان اللغة الإنجليزية

يعد الأمر التنفيذي الأول الذي وقعه ترامب من أكثر الأوامر إثارة للجدل، حيث يفرض على سائقي الشاحنات التجارية إتقان اللغة الإنجليزية باعتباره “شرطاً للسلامة غير قابل للتفاوض”. ويوجه الأمر وزير النقل بإلغاء التوجيهات السابقة التي خففت من تطبيق القانون الفيدرالي الذي يتطلب إتقان اللغة الإنجليزية للسائقين التجاريين.

ووفقاً للبيت الأبيض، فإن “سائقي الشاحنات الأمريكيين ضروريون لقوة اقتصادنا وأمن أمتنا وسُبل عيش الشعب الأمريكي”. وأشار ترامب في الأمر التنفيذي إلى أنه “يجب أن تكون الكفاءة في اللغة الإنجليزية، التي حددتها كلغتنا الوطنية الرسمية في الأمر التنفيذي 14224 بتاريخ 1 مارس 2025، شرطاً للسلامة غير قابل للتفاوض للسائقين المحترفين”.

وتتضمن متطلبات الأمر التنفيذي تعديل معايير “خارج الخدمة” للتأكد من أن السائقين الذين ينتهكون قواعد إتقان اللغة الإنجليزية يتم وضعهم خارج الخدمة، مما يعزز سلامة الطرق. كما يوجه وزير النقل بمراجعة إصدار الولايات لرخص القيادة التجارية لغير المقيمين للتأكد من أن السائقين الأمريكيين مرخصين ومؤهلين بشكل صحيح.

اقرأ أيضًا  الكشف عن هوية منفذ تفجير مركز علاج الخصوبة في كاليفورنيا

وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض بأن هناك مشكلات اتصال كبيرة بين سائقي الشاحنات والسلطات الفيدرالية والمحلية، وهذا يشكل بلا شك خطراً على السلامة العامة.

ردود فعل قطاع النقل

لاقى الأمر التنفيذي ترحيباً من العديد من منظمات النقل الأمريكية. وأكدت جهات معنية بالنقل أنها تشكر الإدارة على الاستجابة لمخاوفهم بشأن التطبيق غير المتكافئ لهذه اللائحة الحالية، وأعربت عن تطلعها للعمل مع الجهات المختصة على معيار إنفاذ موضوعي ومتسق وفعال.

كما أعربت منظمات تمثل سائقي الشاحنات المستقلين عن دعمها للقرار، معتبرة أن هذه الخطوة تصب في مصلحة السائقين الأمريكيين وسلامة الطرق.

استهداف “المدن الملاذ” للمهاجرين

الأمر التنفيذي الثاني يوجه المسؤولين الفيدراليين بنشر قوائم بما يسمى “مدن الملاذ” أو المناطق التي لا تتعاون مع سلطات الهجرة الفيدرالية. وتعرف “مدن الملاذ” بأنها الولايات أو المقاطعات أو البلديات التي تفرض قيوداً معينة على تعاونها مع الوكالات الفيدرالية فيما يتعلق بترحيل المهاجرين غير الشرعيين.

وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن هذه المدن “تعرقل” إنفاذ قوانين الهجرة. ويعد هذا الأمر التنفيذي أحدث هجوم من ترامب على ما يسمى بـ “المدن الملاذ”، حيث أن إدارته تشعر بالإحباط المتزايد من أن بعض السلطات القضائية لن تحتجز المهاجرين في السجن بعد تواريخ إطلاق سراحهم لتسهيل اعتقالهم من قبل المسؤولين الفيدراليين.

وتجدر الإشارة إلى أن إدارة ترامب قد رفعت دعوى قضائية ضد بعض المدن، متهمة المسؤولين هناك بعرقلة إنفاذ قوانين الهجرة بشكل غير قانوني. كما أن وزارة العدل تقاضي بعض القضاة بتهمة عرقلة وكلاء الهجرة.

 الأمر التنفيذي الثالث: تعزيز التواصل بين سلطات إنفاذ القانون

الأمر التنفيذي الثالث يتعلق بالتواصل بين سلطات إنفاذ القانون، لكن التفاصيل الكاملة لهذا الأمر لم تكن متاحة بشكل كامل في المصادر المتوفرة.

اقرأ أيضًا  ترامب يمرر قانونه «الضخم الجميل» بفارق صوت واحد و«ميديكيد» يصبح في خطر

ردود الفعل على سياسات الهجرة الجديدة

أثارت الأوامر التنفيذية الجديدة ردود فعل متباينة. فبينما حظيت بدعم قوي من المنظمات المؤيدة لسياسات الهجرة الأكثر صرامة وقطاع النقل، واجهت انتقادات شديدة من منظمات حقوق المهاجرين.

وأكدت منظمات مناصرة للهجرة أن ترامب يواصل وضع أجندته المناهضة للمهاجرين في مركز عمله، معتبرة أن هجماته على المهاجرين الملتزمين بالقانون ودافعي الضرائب هي أمور مرفوضة أخلاقياً وغير شعبية بشكل كبير لدى الشعب الأمريكي.

إطار أوسع لسياسة الهجرة في إدارة ترامب

تأتي هذه الأوامر التنفيذية في إطار أوسع لسياسة الهجرة المتشددة التي تتبناها إدارة ترامب. ففي الأيام المائة الأولى من رئاسته، اتخذ ترامب خطوات دراماتيكية لتجريد مئات الآلاف من الأشخاص من وضع الهجرة القانوني، مما زاد من عدد الأشخاص المعرضين لخطر الترحيل.

وكان ترامب قد أصدر في مارس 2025 أمراً تنفيذياً جعل اللغة الإنجليزية اللغة الرسمية للولايات المتحدة، وهو ما يمثل تغييراً تاريخياً، حيث لم تحدد الولايات المتحدة لغة رسمية من قبل. وقد ألغى هذا الأمر سياسة من عهد الرئيس كلينتون كانت تتطلب من الوكالات الفيدرالية ضمان وصول خدماتها للأشخاص ذوي الكفاءة المحدودة في اللغة الإنجليزية.

وفي جانب آخر من جهوده لتشديد سياسات الهجرة، أظهرت البيانات انخفاضاً كبيراً في عمليات العبور غير القانونية على الحدود خلال الأشهر الثلاثة الأولى من رئاسة ترامب، حيث اعتقل حرس الحدود الأمريكي 7,200 مهاجر يحاولون عبور الحدود بشكل غير قانوني في مارس، وهو أدنى رقم شهري منذ عام 2000 وانخفاض من ذروة ديسمبر 2023 البالغة 250,000.

تمثل الأوامر التنفيذية التي وقعها الرئيس ترامب استمراراً لنهجه المتشدد في قضايا الهجرة واللغة، والذي كان محوراً رئيسياً في حملته الانتخابية وسياسات إدارته. ومع اقتراب الذكرى المئوية الأولى لرئاسته الثانية، يبدو أن ترامب ماضٍ في تنفيذ وعوده الانتخابية المتعلقة بتشديد قوانين الهجرة وفرض اللغة الإنجليزية كلغة رسمية للبلاد.

اقرأ أيضًا  مشتبه به غير عربي يهتف «فلسطين حرة» ويقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية بواشنطن

ومن المرجح أن تواجه هذه الأوامر التنفيذية تحديات قانونية من منظمات الحقوق المدنية وحقوق المهاجرين، خاصة في ظل المخاوف المثارة حول الآثار المترتبة على حقوق المهاجرين والمدن التي تختار عدم التعاون الكامل مع سلطات الهجرة الفيدرالية. وستظل قضايا الهجرة واللغة من القضايا المثيرة للجدل والانقسام في المشهد السياسي الأمريكي خلال الفترة القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !