وكالات
يبدو أن ولاية نيويورك في طريقها لتصبح أولى الولايات الأميركية التي تحظر الغاز الطبيعي في المباني الجديدة، وتتوقع أن تُصدر موازنة في القريب العاجل لدعم هذه الخطة.
فوفقًا لبعض الجماعات البيئية -وفي مقدمتها “فوود آند ووتر ووتش”- ستوفر حاكمة الولاية، كاثي هوكول، موازنة قد تتضمّن حظر استخدام الغاز الطبيعي والوقود الأحفوري في المباني الجديدة.
وتعمل هوكول مع الهيئة التشريعية لوضع اللمسات الأخيرة على الموازنة، دون أن يتضح موعد محدد لإقرارها، حسب وكالة رويترز.
وتتماشى هذه الخطة مع أهداف هوكول لتقليل انبعاثات الكربون من خلال المبادرات الخضراء، وقد سبق أن أعلنت في مطلع العام الجاري خطة تدعو إلى تمرير تشريع يطالب جميع المباني الجديدة باستخدام مصادر حرارة خالية من الانبعاثات بحلول عام 2027.
التخلُّص من الغاز
أشعل احتمال التخلّص التدريجي من الغاز الطبيعي في المباني الجديدة بالولايات الأميركية توترات حادة بين القلقين من تكاليف الطاقة والمتشككين من نهج البلاد تجاه ظاهرة الاحتباس الحراري.
إذ بدأت عشرات المدن الأميركية -ومن بينها مدينة نيويورك- حظر الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة، وتسعى للاعتماد على مصادر نظيفة والتخلّص من الوقود الأحفوري.
وقال متحدث من مكتب حاكمة ولاية نيويورك، إن الموازنة “تتضمّن مبادرات جريئة لتبني فرصة نادرة لن تتكرر”، لكنه لم يعلق على الحظر المحتمل للغاز الطبيعي من المباني الجديدة على مستوى الولاية، وفقًا لموقع فوكس بيزنس.
فعلى المدى القريب، لن تحقق القوانين الجديدة شيئًا يُذكر للحد من انبعاثات الكربون في نيويورك، لا سيما أن المباني القديمة لن تتأثر، وعمومًا ستستفيد المباني الجديدة من الكهرباء المولّدة من حرق الوقود الأحفوري.
بيد أن انبعاثات الكربون ستنخفض على المدى الطويل، خاصة أن قانون المناخ لعام 2019 يتطلّب توليد الكهرباء بنسبة 70% من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وصولاً إلى توليد الكهرباء بالكامل من مصادر نظيفة بحلول عام 2040، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
فقد أقرت نيويورك قانون القيادة المناخية وحماية المجتمع في عام 2019، ويُعد واحدًا من أكثر الإجراءات صرامة في البلاد لمكافحة تغير المناخ.
خطة نيويورك
اعتقد البعض أن ولاية كاليفورنيا ستكون أول ولاية تحظر الغاز الطبيعي، لكنها أصدرت قانون البناء الجديد في أغسطس/آب الماضي، رافضة فرض الحظر على الغاز.
ويبدو أن نيويورك مهيَّأة الآن للحصول على هذا اللقب، بعدما أعلنت الحاكمة كاثي هوكول في مطلع العام الجاري أنها تخطط لاقتراح تشريع جديد يحظر الغاز الطبيعي في المباني الجديدة.
فوفقًا لبيانات عام 2019 -الصادرة عن وكالة حماية البيئة الأميركية- شكّلت غازات الاحتباس الحراري المباشرة من المنازل والشركات 13% من إجمالي الانبعاثات في الولايات المتحدة.
وتتطلّب خطة هوكول أن تحقّق جميع أعمال تشييد المباني الجديدة الحياد الكربوني بحلول 2027، أي أن المنازل والمكاتب كافّة التي ستُبنى بعد هذا التاريخ ستستخدم الحرارة الناتجة من الطاقة الكهربائية (التسخين الكهربائي)، مثل المضخات الحرارية، بدلاً من الغلايات العاملة بالغاز، حسب موقع إنسايد كلايمت نيوز.
وبحلول عام 2030، ستُجرى كهربة ما لا يقل عن مليوني منزل في نيويورك، وفقًا لخطة هوكول، إذ ترى أن “هذه الاستثمارات التحويلية ستعزز مكانة نيويورك في طليعة العمل المناخي”.
تحذير الصناعة
مع تعافي الاقتصاد من جائحة كورونا، زاد استخدام الغاز الطبيعي في نيويورك إلى قرابة 3.44 مليار قدم مكعبة يوميًا خلال العام الماضي، مقارنة بـ3.39 مليار قدم مكعبة يوميًا في عام 2020.
ويرجع ذلك إلى انخفاض الطلب بسبب عمليات الإغلاق، أما في عام 2018، فقد حققت الولاية رقمًا قياسيًا بلغ 3.63 مليار قدم مكعبة.
وخلال العام الماضي، انخفض استخدام الغاز من قِبل مستهلكي المساكن ومن أصحاب الأعمال التجارية بنيويورك للعام الثالث على التوالي إلى نحو 1.97 مليار قدم مكعبة، وهو أدنى مستوى منذ عام 2016.
بينما ارتفع استهلاك العملاء الصناعيين إلى 0.24 مليار قدم مكعبة يوميًا، ومولدات الكهرباء إلى 1.23 مليار قدم مكعبة يوميًا.
لذا، حذّر قطاع الغاز من أن التخلي عن الغاز الطبيعي سيزيد من تكاليف المستهلك، ويرى أن التسخين الكهربائي أغلى بكثير.
وقال رواد الصناعة وحلفاؤهم السياسيون إن الحظر سيرفع تكاليف البناء وفواتير الخدمات، ولن يوقف تغير المناخ.
وأشاروا إلى جهود شركات الغاز لإنتاج المزيد من الغاز الطبيعي المتجدد، وهو غاز الميثان، الذي يمكن استخراجه من مدافن النفايات ومصادر أخرى، مؤكدين أن قوانين فرض الكهربة يمكن أن يضيّق الخناق على الصناعة، ما يهدّد الاستثمار في هذه الحلول.
وسيتطلّب التخلص التدريجي من الغاز الطبيعي -أيضًا- زيادة إنتاج الكهرباء ونقلها إلى المباني، وحال عدم توليد الكهرباء من مصادر نظيفة، فإن حظر الغاز سيسفر عن تفاقم المشكلة بدلًا من تقليل الانبعاثات، فما تزال أغلب الكهرباء في البلاد تعتمد على الوقود الأحفوري.
ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، تمثّل الكهرباء الخالية من الكربون من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية والنووية -حاليًا- قرابة 40% من إمدادات الكهرباء في البلاد.