أعلن الرئيس دونالد ترامب عن خطة لإصدار «تصريح مؤقت» للعمال المهاجرين في القطاعات الحيوية مثل الزراعة والضيافة، في محاولة لموازنة سياسته الصارمة للترحيل الجماعي مع الحاجة الاقتصادية لهذه العمالة. تأتي هذه السياسة بعد تذبذب كبير في نهج الإدارة تجاه إنفاذ قوانين الهجرة في أماكن العمل، حيث تم إيقاف العمليات مؤقتاً ثم استئنافها عدة مرات خلال يونيو ويوليو ٢٠٢٥.
وكان في ١٢ يونيو ٢٠٢٥، اعترف ترامب لأول مرة بتأثير سياساته على القطاعات الحيوية، مصرحاً على منصة Truth Social أن «المزارعين العظماء والعاملين في قطاع الفنادق والترفيه أفادوا أن سياستنا الصارمة للغاية في الهجرة تأخذ عمالاً جيدين طويلي الأمد منهم، وهذه الوظائف شبه مستحيلة الاستبدال». استجابت إدارة الأمن الداخلي بتوجيه داخلي في ١٣ يونيو لوقف عمليات إنفاذ قوانين الهجرة في المزارع والفنادق والمطاعم. ولكن هذا التوقف لم يدم طويلاً، حيث تم إلغاؤه في ١٧ يونيو بعد ضغوط من مستشار البيت الأبيض ستيفن ميلر.
في ٢٩ يونيو، أعلن ترامب رسمياً في مقابلة مع شبكة Fox News عن خطة «التصريح المؤقت»، قائلاً: «نحن نعمل على ذلك الآن. سنعمل على نوع من التصريح المؤقت، حيث يدفع الناس الضرائب، وحيث يمكن للمزارع أن يكون له بعض السيطرة بدلاً من أن تدخل وتأخذ الجميع».
تتضمن الخطة نظام «مسؤولية المزارع» أو «مسؤولية صاحب العمل»، حيث يتحمل أصحاب العمل المسؤولية القانونية عن العمال المهاجرين طويلي الأمد. وفقاً لترامب، فإن «المزارع يعرف أنه لن يوظف قاتلاً». من الشروط الرئيسية دفع الضرائب، وعدم الحصول على الجنسية الأمريكية، مع الإقامة القانونية المؤقتة، وتحمل صاحب العمل المسؤولية الكاملة عن العامل.
رغم إعلانات ترامب، أكد توم هومان، قيصر الحدود في الإدارة، أن عمليات إنفاذ قوانين الهجرة ستستمر في المزارع والفنادق «على أساس أولوياتنا. المجرمون يأتون أولاً». كما صرحت تريسيا مكلولين، المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، بأنه «لن تكون هناك مناطق آمنة للصناعات التي تؤوي مجرمين عنيفين أو تحاول عمداً تقويض جهود ICE». تظهر البيانات الداخلية لوكالة ICE أن أكثر من ٧٥٪ من الأشخاص المحتجزين في السنة المالية ٢٠٢٥ لم يكن لديهم أي إدانة جنائية عدا المخالفات المتعلقة بالهجرة أو المرور، وأقل من ١٠٪ أُدينوا بجرائم خطيرة مثل القتل أو الاعتداء أو السرقة أو الاغتصاب.
تهدف إدارة ترامب إلى ترحيل مليون شخص سنوياً، وهو ما يزيد ثلاث مرات عن الرقم القياسي السابق البالغ ٢٦٧,٠٠٠ في السنة المالية ٢٠١٩. تم رفع الهدف اليومي للاعتقالات من ١,٠٠٠ إلى ٣,٠٠٠ شخص. في يوليو ٢٠٢٥، وافق مجلس الشيوخ على مشروع قانون يخصص ١٧٠ مليار دولار لإنفاذ قوانين الهجرة والاحتجاز، بما في ذلك ٤٥ مليار دولار لبناء مراكز احتجاز جديدة و٢٩.٩ مليار دولار لعمليات ICE.
من السياسات الأخرى المثيرة للجدل: أصدر ترامب أمراً تنفيذياً في ٢٠ يناير ٢٠٢٥ يهدف إلى إنهاء حق المواطنة بالولادة للأطفال المولودين في الولايات المتحدة لآباء غير موثقين أو مقيمين مؤقتاً، وواجه هذا الأمر تحديات قانونية واسعة النطاق. كما أعاد ترامب تفعيل حظر السفر وتوسيعه ليشمل ١٩ دولة في ٩ يونيو ٢٠٢٥، معظمها ذات أغلبية مسلمة أو أفريقية، وعلّقت الإدارة برنامج إعادة توطين اللاجئين الأمريكي (USRAP) إلى أجل غير مسمى منذ ٢٠ يناير ٢٠٢٥.
انتقد الديمقراطيون السياسة باعتبارها متناقضة مع وعود ترامب بالتركيز على «أسوأ الأسوأ»، بينما يستهدف في الواقع أشخاصاً لا يشكلون تهديداً أمنياً. وفقاً لاستطلاع Pew Research في يونيو ٢٠٢٥، فإن ٥٤٪ من الأمريكيين يعارضون زيادة غارات ICE في أماكن العمل، بينما ٤٩٪ يؤيدون استخدام الشرطة المحلية في عمليات الترحيل. وتشير التقديرات إلى أن خطة ترامب للترحيل الجماعي ستكلف ما لا يقل عن ٣١٥ مليار دولار، أو ٩٦٧.٩ مليار دولار على مدى عقد.
تمثل سياسة «التصريح المؤقت» محاولة من إدارة ترامب لموازنة التزاماتها الانتخابية بالترحيل الجماعي مع الواقع الاقتصادي للحاجة إلى العمالة المهاجرة في القطاعات الحيوية. ومع ذلك، تبقى التفاصيل العملية للسياسة غامضة، والتناقضات بين التصريحات الرسمية والأفعال على الأرض واضحة. ستعتمد فعالية هذه السياسة على قدرة الإدارة على التوفيق بين الضغوط السياسية من قاعدتها المؤيدة لسياسات الهجرة الصارمة، والحاجات الاقتصادية للقطاعات التي تعتمد بشكل كبير على العمالة المهاجرة، كما ستواجه تحديات قانونية وتشريعية كبيرة.