كشف أستاذ علم الفيروسات في كلية الطب جامعة الزقازيق في مصر، الدكتور أحمد شاهين، تفاصيل المعركة بين فيروس «كورونا» وكافة أعضاء الجسم، وجيشه المناعي، حتى النهاية، سواء بهزيمة الجسم له والتعافي، أو انتصار الفيروس، ومن ثم سقوط الجسم وضعف قواه والوفاة.
وقال الدكتور أحمد شاهين، حسب ما نقل عنه موقع «العربية.نت»، إن البداية لا بد أن تكون بشرح بسيط ومفصل للفيروس وطبيعته، وفهم فلسفته، مؤكداً أن فيروس «كورونا» حمض جيني، وطالما ظل كما هو حمضاً جينياً، فلا خوف منه، ولا يقتل، لكن المشكلة تكمن بعدما يتسلل إلى الجسم، ويتمركز في الرئة، وهي هدفه الأساسي، وفيها يتموضع في إحدى نواة خلاياها، ويتحول لخلية حية تتكاثر وتنتشر، وتحصل على الأوكسجين اللازم من الحويصلات الهوائية، ما يسبب مضاعفات كبيرة، تؤدي لضيق التنفس، وقلة الأوكسجين المستمد من الهواء الواصل للرئة إلى باقي خلايا الجسم، فلا تقوم بوظائفها الحيوية، ومن ثم تحدث الوفاة.
كيف يتحرك الفيروس من الخارج، حتى ينتقل للجسم، وكيف يواجهه الأخير؟
ويضيف أن الفيروس ينتقل عبر لمس أي شيء يوجد به، وينتظر الفرصة للوصول للأنف أو الفم.
ففي الحالة الأولى، وهي تسلل الفيروس إلى الفم، يتركز الفيروس في الحلق، في انتظار أي دفعة هواء تقذف به إلى القصبة الهوائية، ومنها إلى الرئة، مستقره الأساسي، لذا، وفي تلك اللحظات، يبدأ الجسم في الدفع بأول أسلحته الدفاعية، وهو اللعاب، الذي يحيط بالفيروس، ويلتف حوله، تمهيداً لإزاحته للمعدة، لكن ما يحدث أن الفيروس يقوم بامتصاص هذا اللعاب، ومحاولة التملص منه، ولذلك يشعر الحامل للفيروس باحتقان شديد في الحلق، وينصح هنا بتناول كميات كبيرة من الماء، للدفع به في اتجاه المعدة، أو الغرغرة بالماء والملح لقتله، وإخراجه بعيداً.
ويكمل أستاذ علم الفيروسات ويقول: «في حالة نجاح الشخص الحامل للفيروس في الدفع به في اتجاه المعدة، تقوم أحماض المعدة بقتله، وفي حالة نجاحه في العبور منها، يتم انتقاله إلى الأمعاء، ما يسبب الإسهال الشديد، لكنه في كلتا الحالتين، يتم طرده خارج الجسم، ويتعافى منه الحامل له، ولا تحدث له سوى أعراض، جفاف الحلق واحتقانه عند تركز الفيروس فيه، والثانية، وهي الإسهال، عندما يصل الفيروس للمعدة والأمعاء».
ويضيف: «نأتي للنقطة الأخرى، وهي تركز الفيروس في الأنف، أو نجاحه في المرور من الحلق، وفي كلتا الحالتين، يتوجه إلى القصبة الهوائية، وهنا، تقوم مستقبلاته الموجودة في القصبة الهوائية باستقباله، ويعرف بـ «إنزيم بيتبتديل بيبيتداز»، وهو المستقبل الخلوي له، وينشأ هذا الإنزيم على خلايا القصبة الهوائية الظاهرية، وتتفاعل معه، وتقوم بتوصيله إلى الرئة.
وعقب وصوله إلى الرئة – كما يقول أستاذ علم الفيروسات – تبدأ معركة من نوع آخر، حيث يتحول الفيروس من حمض جيني غير قاتل، إلى خلية حية، من خلال التفاعل مع نواة إحدى خلايا الرئة، وبالتالي، يحتاج كخلية حية لأوكسجين، للتكاثر والانتشار والتغلغل، ويسبب تورماً في الرئة، ينتج عنه كحة وسعال جافان، مضيفاً أن الجسم يبدأ هنا بالدفع بأسلحته الفتاكة، وهي كرات الدم البيضاء».
دفاع الجسم
وتنتج كرات الدم البيضاء أجساماً مضادة للفيروس، وتنشب معركة بينهما، تستمر طويلاً، وحسب قدرات الجهاز المناعي، وفي حالة قوة المناعة، يدفع الجسم بكرات دم بيضاء كثيرة، تواجه مضاعفات الفيروس، وينتبه المخ لكل تلك المعارك، فيعطي إشارة للجسم، بالدفع بكميات أكبر من كرات الدم البيضاء، وتستمر تلك المعركة نحو 6 أيام، وخلالها تقل كمية الأوكسجين الواصلة من الرئة لباقي أعضاء الجسم، نتيجة تصلب الرئة، وإفراز الجسم لأغشية مخاطية بداخلها، في محاولة منه للاشتباك مع الفيروس والقضاء عليه.
ويتابع أستاذ الفيروسات قائلاً: «تستمر دورة الفيروس نحو 14 يوماً، وخلالها، وحسب قوة مناعة الجسم، تحسم المعركة، فإذا كانت المناعة قوية، وأجهزة الجسم فاعلة، يدفع الجيش المناعي في خلال 6 أيام، بكميات كبيرة من كرات الدم البيضاء، وبشكل تصاعدي ومنظم، حتى تنتهي المعركة بهزيمة الفيروس، والقضاء عليه داخل خلايا الرئة وطرده»، مشيراً إلى أنه في حالة ضعف الجهاز المناعي، وهو الأمر الوارد مع كبار السن والحوامل، والمصابين بأمراض مزمنة، مثل السرطان والسكري والضغط، لا يستطيع الجسم الدفع بكميات كبيرة من كرات الدم البيضاء، وتنتهي المعركة بانتصار الفيروس، وتمكنه من الرئة، والبقاء داخل الحويصلات الهوائية.
الوفاة
ويكشف الدكتور شاهين، أن الفيروس يستقر بعد انتصاره داخل الحويصلات الهوائية، ويفرز مادة لزجة، تضيق بسببها الحويصلات الهوائية، وتسبب الضيق التنفسي الشديد للمصاب، فلا يستطيع التنفس، إلا بجهاز تنفس صناعي، ومع مرور الوقت، وقبل نهاية الأسبوعين، تكون الرئة قد أصابها تلف وتليف، ودُمرت الحويصلات الهوائية، وقل الأوكسجين الواصل لكافة أعضاء الجسم، ما يؤدي لعدم قدرتها على القيام بوظائفها، ومن ثم يخسر المصاب المعركة أمام الفيروس، وتحدث الوفاة.