واشنطن | أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق، لأول مرة، على هدنة محدودة لوقف استهداف منشآت الطاقة، شريطة أن تلتزم أوكرانيا بالمثل، وذلك خلال مكالمة هاتفية استمرت ساعتين ونصف مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. غير أن بوتين رفض في الوقت الحالي الموافقة على وقف أوسع للقتال لمدة 30 يومًا، وهو المقترح الذي طرحته الولايات المتحدة وأوكرانيا، مما يعني استمرار العمليات العسكرية والهجمات على المدن والموانئ الأوكرانية.
هدنة جزئية دون وقف شامل للقتال
إذا ما تم تنفيذ هذا الاتفاق، فستكون هذه هي المرة الأولى منذ اندلاع الحرب قبل ثلاث سنوات التي يتم فيها التوصل إلى تعليق متبادل للضربات، وهو ما وصفه البيت الأبيض بأنه خطوة أولى نحو تحقيق سلام أوسع. وتشكل هذه الخطوة انفراجة محتملة لأوكرانيا التي تكافح منذ سنوات ضد الهجمات الروسية على بنيتها التحتية للطاقة، كما أنها قد تكون أيضًا مكسبًا لموسكو التي تعرضت لضربات أوكرانية مكثفة على منشآتها النفطية والغازية، مما يهدد أحد أهم مصادر الإيرادات الروسية.
شروط بوتين لإنهاء الحرب
أوضح الكرملين في بيانه أن بوتين شدد خلال المكالمة على أن تحقيق سلام دائم مرهون بوقف جميع أشكال المساعدات العسكرية والاستخباراتية الأجنبية لأوكرانيا، وهو مطلب من غير المرجح أن توافق عليه واشنطن وحلفاؤها الذين دعموا كييف عسكريًا منذ بدء الغزو الروسي. ولم يتطرق البيان الأميركي إلى هذا المطلب بشكل مباشر.
غياب الاتفاق على قضايا حساسة
لم تتناول المكالمة بشكل واضح مسألة الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، والتي تشمل حوالي 20٪ من الأراضي الأوكرانية منذ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014. ورغم أن ترامب كان يأمل في تحقيق اختراق دبلوماسي ملموس، إلا أن نتائج المحادثة جاءت دون التوقعات، خاصة بعد التصريحات المتفائلة التي صدرت من البيت الأبيض مؤخرًا بشأن قرب تحقيق السلام.
موقف أوكرانيا وردود الفعل الدولية
لم يتضح بعد ما إذا كانت أوكرانيا قد وافقت رسميًا على هذا الاتفاق الجزئي، رغم أنها كانت قد قدمت مقترحًا مشابهًا سابقًا. ومع ذلك، لم تتوقف الهجمات الجوية، حيث أُطلقت إنذارات جوية في كييف ومدن أخرى، فيما استمرت الطائرات المُسيّرة الروسية في استهداف مواقع داخل الأراضي الأوكرانية.
توتر بين كييف وواشنطن
يأتي هذا الاتفاق في ظل توترات بين إدارة ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خاصة بعد تعليق واشنطن مؤقتًا مساعداتها العسكرية لكييف مطلع الشهر الجاري، قبل أن تستأنفها لاحقًا بعد اجتماعات دبلوماسية في السعودية، أسفرت عن اقتراح وقف شامل لإطلاق النار لمدة 30 يومًا، وهو ما لم توافق عليه موسكو بشكل كامل.
تحفظات كييف على مطالب موسكو
وضعت أوكرانيا ثلاثة خطوط حمراء في أي مفاوضات للسلام، وهي رفض الاعتراف بسيادة روسيا على الأراضي المحتلة، ورفض الحياد الإجباري، ورفض تقليص قدراتها العسكرية. كما تطالب بضمانات أمنية كجزء من أي تسوية، وهو ما دفع بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا وبريطانيا، إلى اقتراح إرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا، وهو أمر رفضه الكرملين.
القضايا الأخرى المطروحة في المحادثات
تناولت المكالمة أيضًا قضايا أخرى خارج الملف الأوكراني، حيث ناقش ترامب وبوتين الأوضاع في الشرق الأوسط وإمكانية التعاون في وقف انتشار الأسلحة الاستراتيجية. كما تطرق النقاش إلى معاهدة الحد من الأسلحة النووية بين واشنطن وموسكو، والتي من المقرر أن تنتهي العام المقبل دون وجود مفاوضات جارية بشأن تمديدها.
توجهات إدارة ترامب نحو روسيا
يبدو أن إدارة ترامب تسعى إلى تحقيق تقارب أوسع مع موسكو، رغم أن العديد من حلفاء واشنطن في الناتو لا يزالون متمسكين بسياسة فرض العقوبات واحتواء روسيا مع استمرار دعم أوكرانيا عسكريًا. وفي حين يرى محللون أن بوتين يناور لكسب الوقت وتعزيز موقفه التفاوضي، فإن إدارة ترامب تأمل في تحقيق اختراق دبلوماسي يمكن أن يؤدي إلى وقف دائم للحرب.
مستقبل المحادثات
اتفق الطرفان على بدء “مفاوضات تقنية” بشأن هدنة بحرية في البحر الأسود، حيث تراجعت قدرة روسيا على تشغيل سفنها العسكرية. كما اتفقا على استئناف محادثات أوسع تشمل وقفًا شاملاً لإطلاق النار وإحلال السلام الدائم. ولم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح في إنهاء النزاع المستمر منذ سنوات، أم أنها ستظل مجرد خطوة تكتيكية في لعبة الشد والجذب بين موسكو وواشنطن