أعلنت وكالة أسوشيتد برس وشبكة NBC News رسمياً فوز النائبة الديمقراطية ميكي شيريل بمنصب حاكمة ولاية نيوجيرسي، بعد تغلبها على منافسها الجمهوري جاك سياتاريلي، المدعوم من الرئيس دونالد ترامب، في انتخابات وصفت بأنها الأشرس في تاريخ الولاية الحديث.
بهذا الفوز، تصبح شيريل ثاني امرأة تتولى منصب حاكم نيوجيرسي في التاريخ، وأول امرأة ديمقراطية تحكم الولاية. كما يمثل فوزها المرة الأولى منذ ستينات القرن الماضي التي يفوز فيها الديمقراطيون بثلاث ولايات متتالية لحكم نيوجيرسي، في إنجاز تاريخي يعكس قوة الحزب في الولاية.
من هي ميكي شيريل؟
ريبيكا ميشيل “ميكي” شيريل (53 عاماً)، وُلدت في الإسكندرية بولاية فرجينيا، ونشأت في عدة مناطق على الساحل الشرقي للولايات المتحدة بسبب طبيعة عمل والدها.
المسيرة العسكرية الاستثنائية
تخرجت شيريل من الأكاديمية البحرية الأمريكية في أنابوليس عام 1994 بدرجة البكالوريوس في العلوم، وكانت من بين أول دفعة من النساء المؤهلات للتعيين المباشر لقيادة الطائرات القتالية.
استلهمت شيريل حلمها بالطيران من جدها الذي خدم كطيار في الحرب العالمية الثانية. أكملت أكثر من عام من التدريب على الطيران، وحصلت على شهادة طيار بحري بعد تخرجها من برنامج التدريب المتقدم على الطائرات الدوارة في قاعدة وايتينغ الجوية البحرية بفلوريدا.
أصبحت شيريل طيارة هليكوبتر في البحرية الأمريكية، تقود طائرات H-3 Sea King. طارت في مهام عبر أوروبا والشرق الأوسط، بما في ذلك مهام دعم من البحرين ونابولي بإيطاليا، ومهام تدريب وبحث وإنقاذ.
عملت أيضاً كمسؤولة سياسة روسية في مقر القيادة العليا للقوات البحرية الأمريكية في أوروبا، حيث أشرفت على تنفيذ التزامات المعاهدات النووية وإدارة العلاقة بين البحرية الأمريكية والبحرية الروسية.
خدمت شيريل في الخدمة الفعلية بالبحرية الأمريكية لمدة تسع سنوات، آخر خمس منها برتبة ملازم أول. تركت البحرية عام 2003 بعد ترشيحها للترقية إلى رتبة قائد.
المسيرة القانونية والقضائية
بعد مغادرتها البحرية، التحقت شيريل بكلية لندن للاقتصاد حيث حصلت على درجة الماجستير في التاريخ الدولي والعالمي عام 2003. ثم حصلت على شهادة في اللغة العربية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2004.
في عام 2007، حصلت على درجة الدكتوراه في القانون من كلية القانون بجامعة جورج تاون. خلال دراستها القانونية، عملت كمساعدة صيفية في مكتب المحاماة الكبير Kirkland & Ellis.
بعد التخرج، عادت شيريل للعمل في مكتب Kirkland & Ellis في نيويورك في قسم التقاضي من 2008 إلى 2011، لكنها شعرت بالانجذاب مرة أخرى للخدمة العامة.
انضمت بعدها إلى مكتب المدعي العام الفيدرالي كمنسقة للتواصل وإعادة الإدماج، حيث أسست برامج لتطوير الثقة بين أجهزة إنفاذ القانون والمجتمعات التي تخدمها، وساعدت الأشخاص الذين يغادرون السجن على الحصول على وظائف ومساكن وتعليم لإعادة بناء حياتهم.
في عام 2015، أصبحت مدعية فيدرالية، كمساعد مدعي عام أمريكي لمقاطعة نيوجيرسي تحت إشراف المدعي العام الأمريكي بول فيشمان. عملت على مقاضاة القضايا الفيدرالية، ونصح أجهزة إنفاذ القانون بشأن التحقيقات، والعمل على سحب الأسلحة من شوارع نيوجيرسي. تركت هذا المنصب عام 2016 بنية الدخول في مجال إصلاح العدالة الجنائية.
المسيرة السياسية في الكونغرس
فازت شيريل بانتخابات مجلس النواب الأمريكي عام 2018، ممثلة للدائرة الكونغرسية الحادية عشرة في نيوجيرسي. كأم لأربعة أطفال تربيهم في نيوجيرسي، أصبحت صوتاً قوياً في الكونغرس لصالح عائلات نيوجيرسي.
ألفت أحد عشر مشروع قانون ثنائي الحزب لمكافحة سقف خصم ضريبة الولاية والمحلية (SALT)، وتحسين نظام الرعاية الصحية، وتعزيز الأمن القومي، وحماية المؤسسات الأكاديمية من التجسس الأجنبي. تم توقيع أربعة من مشاريع قوانينها الثنائية لتصبح قانوناً.
خدمت في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، ولجنة العلوم والفضاء والتكنولوجيا، ولجنة التعليم والعمل. كانت قائدة في الصف الجديد للنواب، حيث شغلت منصب رئيسة الصف للائتلاف الديمقراطي الجديد ونائبة رئيسة تجمع النساء العسكريات والمحاربات القدامى.
الانتخابات التمهيدية الديمقراطية
في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية التي جرت في 10 يونيو 2025، حققت شيريل فوزاً ساحقاً بحصولها على 286,244 صوتاً (34.02%)، متقدمة على عمدة نيوارك راس باراكا الذي حصل على 173,951 صوتاً (20.67%)، وعمدة جيرسي سيتي ستيفن فولوب الذي حصل على 134,573 صوتاً (15.99%).
جاء فوزها في التمهيدية بفضل دعم واسع من النقابات العمالية، والمنظمات النسائية، والناخبين المعتدلين الذين أعجبهم نهجها البراغماتي والمتوازن.
الوعود والبرنامج الانتخابي الشامل
خفض تكاليف المعيشة والقدرة على تحمل التكاليف
جعلت شيريل القدرة على تحمل التكاليف أولوية قصوى في حملتها، متعهدة بإعلان حالة طوارئ بشأن ارتفاع أسعار المرافق في اليوم الأول من توليها المنصب لتجميد زيادات الأسعار.
في يونيو 2025، ارتفع متوسط فواتير المرافق في نيوجيرسي بنسبة 20% بسبب زيادة الطلب على الكهرباء وتراكم طلبات الطاقة الجديدة في شبكة PJM Interconnection التي تغطي 13 ولاية وواشنطن العاصمة.
قالت شيريل: “سأعلن حالة طوارئ بشأن تكاليف المرافق في اليوم الأول لتجميد زيادات الأسعار التي كانت هائلة في جميع أنحاء الولاية. يجب أن نضخ كمية هائلة من الطاقة، لكننا يجب أيضاً أن نخفض انبعاثات الكربون أثناء القيام بذلك.”
الإسكان الميسور والضرائب العقارية
تقترح شيريل تعزيز الوصول إلى القروض والحوافز الضريبية لتشجيع تطوير الإسكان الجديد، وتعزيز البرامج لمشتري المنازل لأول مرة، ومعارضة تخفيضات الميزانية لصندوق الإسكان الميسور في نيوجيرسي.
تخطط أيضاً لتحويل مجمعات المكاتب والمراكز التجارية والمساحات الصناعية غير المستغلة إلى تطويرات سكنية ومتعددة الاستخدامات، لزيادة المعروض من الوحدات السكنية وخفض الأسعار.
حماية الأطفال والتعليم
تعهدت شيريل بجعل حماية أطفال نيوجيرسي أولوية قصوى، قائلة: “يجب التأكد من أننا نعتني بأطفالنا، وأن لديهم تعليماً رائعاً، وأنهم آمنون على الإنترنت، وأن لديهم مستقبلاً وفرصة جيدة هنا في الولاية.”
على الرغم من أن نيوجيرسي تمتلك بعض المدارس الأعلى تصنيفاً في البلاد، إلا أن بعض المناطق تحصل على درجات رسوب. تريد شيريل ضمان وصول كل طفل في الولاية إلى تعليم عظيم.
تخطط لتنفيذ برامج تدريس مكثفة عالية التأثير للطلاب المتأخرين، وإنشاء مدارس STEM متخصصة، وتحسين نظام التعليم القائم على المقاطعات حيث لا تحقق المدارس أداءً جيداً.
تلتزم شيريل أيضاً بمعالجة أزمة الصحة العقلية بين الطلاب، حيث أظهرت الدراسات زيادة في التوتر والقلق والاكتئاب، الكثير منها بسبب وسائل التواصل الاجتماعي. قالت: “كحاكمة، سأتصدى للسلامة على الإنترنت لأطفالنا حتى نتمكن من دفع نتائج أفضل لجميع أطفالنا.”
الرعاية الصحية ورعاية الأطفال
تريد شيريل خفض أسعار الأدوية الموصوفة من خلال مطالبة مديري مزايا الصيدلة بتقديم الخصومات التي يحصلون عليها على الوصفات الطبية للمرضى مباشرة.
تريد أيضاً المزيد من الشفافية في أسعار الرعاية الصحية، ومطالبة شركات التأمين بتبرير أي زيادات في الأقساط.
تشمل السياسات الأخرى زيادة خيارات رعاية الأطفال، التي تخطط لإنشائها من خلال المزيد من التدريب لزيادة الوظائف وإنشاء برامج مدعومة من أصحاب العمل.
حقوق الإجهاض والصحة الإنجابية
تريد شيريل حماية حق المرأة في الإجهاض والتأكد من تغطية خدمات الصحة الإنجابية بالتأمين. تخطط أيضاً لتوسيع الوصول إلى وسائل منع الحمل والتخصيب في المختبر (IVF).
الأمن العام ومكافحة الجريمة
خلال فترة عملها في الكونغرس، قدمت شيريل مشاريع قوانين متعددة تهدف إلى الحد من الجريمة كجزء من حزمة تسمى SAFE NJ. تقوم هذه القوانين بأشياء مثل إنشاء تمويل لوظائف صيفية للأطفال، وزيادة الوصول إلى الرعاية الصحية العقلية وبرامج التدريس وأكثر من ذلك.
قال موقع شيريل الإلكتروني: “كحاكمة، أنا ملتزمة بسن هذه البرامج القائمة على الأدلة في نيوجيرسي وتوسيع البرامج المبتكرة والمثبتة التي تعطي الأولوية لخدمات ومعالجة الصحة العقلية مع الحد من استخدام القوة.”
تريد شيريل أيضاً التركيز على سلامة الأسلحة، وتخطط لزيادة القيود التي من شأنها منع المجرمين العنيفين من شراء الأسلحة بشكل قانوني، إلى جانب طلب متطلبات سلامة أكثر صرامة لتخزين الأسلحة.
الطاقة النظيفة والمناخ
تخطط شيريل للاستثمار في الطاقة الشمسية والنووية لتوليد المزيد من الكهرباء النظيفة، مع تحقيق التزامات نيوجيرسي بخفض انبعاثات الكربون.
تعهدت أيضاً بالتحقيق مع مشغل الشبكة في الولاية، PJM، بشأن دوره في ارتفاع الأسعار، وهو موقف يتماشى مع قانون أقره الديمقراطيون مؤخراً.
كفاءة الحكومة والمساءلة
تريد شيريل جعل حكومة الولاية أكثر كفاءة ومساءلة أمام دافعي الضرائب. قالت: “يجب أن تعرف كم من الوقت سيستغرق الحصول على تصريحك، وإذا كانت هناك مشكلة، يجب أن يعود إليك الناس. يجب أن يكون لديك دعم في فتح عملك الصغير، وتقليل الروتين والتأخير في التصاريح.”
السباق الانتخابي الحاد والإنفاق القياسي
شهد السباق الانتخابي إنفاقاً قياسياً تجاوز 200 مليون دولار من كلا الحزبين، مما يجعله أحد أغلى سباقات حكام الولايات في التاريخ الأمريكي الحديث.
أنفق الديمقراطيون أكثر من 95 مليون دولار على الإعلانات والحملات، بينما أنفق الجمهوريون مبالغ مماثلة لدعم سياتاريلي.
حصلت شيريل على دعم مباشر من الرئيس السابق باراك أوباما، الذي ظهر معها في عدة فعاليات وسجل إعلانات فيديو داعمة، مشيداً بخدمتها العسكرية وخبرتها القانونية وقيادتها في الكونغرس.
موقف ترامب وتدخله المثير للجدل
الدعم القوي لسياتاريلي
في وقت مبكر من العام، أعلن الرئيس دونالد ترامب تأييده الكامل لجاك سياتاريلي، مدعياً أنه بعد أن تعرف سياتاريلي على حركة MAGA، أصبح “100% مع الحركة (بل أكثر!).”
هذا الدعم جاء على الرغم من أن سياتاريلي كان سابقاً من منتقدي ترامب، لكنه غير موقفه وأصبح حليفاً قوياً للرئيس.
الهجوم على شيريل
شن ترامب هجوماً شرساً على شيريل، واصفاً إياها بأنها “راديكالية يسارية” و”تدعم الاشتراكية” و”ستدمر اقتصاد نيوجيرسي.”
قال ترامب في تجمع لدعم سياتاريلي: “مائكي شيريل امرأة خطيرة. ستفتح الحدود، وستدمر الشرطة، وستجعل نيوجيرسي غير آمنة. يجب على سكان نيوجيرسي التصويت لجاك سياتاريلي لإنقاذ ولايتهم.”
استخدام السباق كاختبار لشعبيته
نظر المحللون السياسيون إلى سباق حاكم نيوجيرسي كاختبار مبكر لشعبية ترامب في ولاية تقليدياً زرقاء، خاصة بعد أن حقق تقدماً كبيراً في نيوجيرسي في انتخابات 2024، حيث خسر الولاية بفارق 6 نقاط فقط، وهو تحسن بمقدار 10 نقاط مقارنة بأدائه في 2020.
لكن فوز شيريل يشير إلى أن الجمهوريين لا يمكنهم افتراض أن نتائج ترامب المحسنة ستترجم تلقائياً إلى تقدم سهل في الانتخابات القادمة، حيث يواجه الحزب تحديات مع استجابة الناخبين لإدارة الرئيس للاقتصاد ومسائل أخرى.
رد شيريل على ترامب
سعت شيريل لتأطير الانتخابات كاستفتاء على الرئيس، حيث صورت سياتاريلي كشخص موالٍ لترامب لن يعارض توجيهات الرئيس.
قالت شيريل خلال أول مناظرة لهما في أكتوبر: “سيفعل ما يخبره ترامب أن يفعله، وأنا سأقاتل أي شخص للعمل من أجلكم.”
أكدت شيريل باستمرار على استقلاليتها وخبرتها في الخدمة العامة، قائلة إنها ستدافع عن مصالح سكان نيوجيرسي بغض النظر عن الضغوط من واشنطن.
أهمية هذا الفوز التاريخي
ثاني امرأة حاكمة: تصبح شيريل ثاني امرأة تتولى منصب حاكم نيوجيرسي في التاريخ، بعد كريستين تود ويتمان التي حكمت من 1994 إلى 2001.
ثلاث ولايات ديمقراطية متتالية: يمثل فوز شيريل المرة الأولى منذ ستينات القرن العشرين التي يفوز فيها أي حزب بثلاث ولايات حاكم متتالية في نيوجيرسي، مما يعكس قوة الديمقراطيين المتزايدة في الولاية.
رسالة للحزب الوطني: يُنظر إلى فوز شيريل كدليل على أن الديمقراطيين المعتدلين والبراغماتيين الذين يركزون على القضايا المحلية يمكنهم الفوز حتى في مناخ سياسي صعب.
نموذج للمرأة في السياسة: كطيارة عسكرية سابقة ومحامية فيدرالية وأم لأربعة أطفال، تمثل شيريل نموذجاً ملهماً للنساء اللواتي يسعين لدخول الحياة العامة.
خطاب النصر والتطلعات المستقبلية
في خطاب النصر أمام مؤيديها المبتهجين، قالت شيريل: “أنا فخورة وممتنة للغاية لثقة سكان نيوجيرسي. هذا ليس فوزي، بل فوزكم جميعاً. فوز لكل عائلة تكافح لدفع الفواتير، لكل طالب يحلم بمستقبل أفضل، لكل عامل يستحق أجراً عادلاً.”
وأضافت: “كحاكمة، سأعمل من أجل كل شخص في نيوجيرسي، بغض النظر عن الحزب أو المعتقد. سنجعل هذه الولاية ميسورة التكلفة، وآمنة، ومليئة بالفرص للجميع. هذا وعدي لكم.”
التحديات القادمة
رغم الفوز التاريخي، تواجه شيريل تحديات كبيرة:
المعارضة الجمهورية: سيسعى الجمهوريون، بدعم من ترامب، لعرقلة أجندتها وتصويرها كراديكالية.
الموازنة المالية: تنفيذ برنامجها الطموح سيتطلب إيجاد توازن دقيق بين الإنفاق على الخدمات والحفاظ على مسؤولية مالية.
التوقعات العالية: خلقت حملتها توقعات عالية، خاصة فيما يتعلق بتجميد أسعار المرافق وخفض تكاليف المعيشة.
الاستقطاب الوطني: ستحتاج للعمل في بيئة سياسية مستقطبة للغاية على المستوى الوطني.
بهذا الفوز التاريخي، تستعد مائكي شيريل لتولي منصبها في يناير 2026، لتبدأ فصلاً جديداً في تاريخ نيوجيرسي كأول امرأة ديمقراطية تحكم الولاية، وسط آمال عريضة وتطلعات كبيرة من الناخبين الذين وضعوا ثقتهم فيها.






