إذا تصادف وجودك في مدينة نيويورك أو أقمت فيها، يتعين عليك التوجه إلى الشارع 53 والجادة السادسة بوسط المدينة.
ستندهش تمامًا من رؤية قائمة انتظار ضخمة فتتساءل ما سبب تجمهر الناس.
القائمة بسيطة، لكن الصلصات فيها هي أكبر جاذب للزبائن.
“ذا حلال جايز” هو اسم عربة الطعام التي يمتلكها مصريون، ويطهون أطباقا من الدجاج الحلال، ولحم الضأن مع الأرز الأصفر.قائمة طعامهم بسيطة للغاية، لكن ربما يكمن السر وراء الإقبال الشديد على العربة في الصوص الذي تتعدد أصنافه، وأبرزه الصوص الأبيض.
يقوم الطهاه بغمس الدجاج في أكياس بلاستيكية مليئة بالتوابل قبل وضعه على الشواية، فيعبق الجو برائحة شهية لنكهات شرق أوسطية. بينما يتم إعداد لحم الضأن بطريقة مشابهة للشاورما السورية إلى حد كبير، ويُقدَم مع اللحوم أرز بسمتي أصفر مفلفل وسلطة جانبية، هى بالأساس مجرد شيء آخر يوضع عليه “الصوص الأبيض” الشهير.
لا أحد يعلم مكونات الصوص الأبيض الشهير، إنما لا يشبع منه أحد من مرتادي العربة من موظفين و سائقي أجرة و سياح وغيرهم. كثيرون يقولون إن الصوص يحتوى على المايونيز ولكن لا أحد توصل إلى باقي “سر الخلطة“.
يبدأ “ذا حلال جايز” العمل خلال فترة الظهيرة لتلبية احتياجات الموظفين خلال فترة الراحة، وتستمر حتى الرابعة صباحا من أجل رواد النوادي الليلية حيث توفر لهم وجبات شهية، بعد حفلات تمتد حتى ساعات الصباح الأولى، وبسعر معقول.
فستة دولارات للطبق الواحد يعد سعرا مناسبا وسط غلاء نيويورك.
تعرفوا معنا على أحمد السقا وعبدالباسط السيد من الأسكندرية ومحمد أبو العنين من القاهرة، أصحاب “ذا حلال جايز“.
هاجر الشبان الثلاث إلى مدينة نيويورك عام 1990، وكانت بدايتهم بالعمل على عربة لبيع الهوت دوج في وقت كانت معظم عربات الهوت دوج وكعك “البريتزل” المملح قاصره على اليونانين. أما اليوم، أصبحت تلك التجارة تقريبا في مملوكة لمصريين. وازداد عدد عربات بيع الأطعمة، ودخلت أصناف جديدة على قائمة الطعام.
وعلى الرغم من اختلاف الآراء عن أسباب زيارة حجم هذه التجارة ، يزعم كثيرون أن الفضل يرجع إلى هؤلاء المصريين الثلاث في تغيير قواعد اللعبة.
ومع ذلك، فالطراز اليوناني الصغير للعربة لم يتغير بين عشية وضحاها، حسبما يقول الشبان الثلاثة، فقد استغرق الأمر ما يقرب العامين قبل أن يأخذوا زمام المبادرة في تجديد العربة، والبداية كانت مع سائقي سيارات الأجرة.
سائقو سيارات الأجرة في نيويورك، وغالبيتهم من المسلمين، كانوا يواجهون صعوبة في إيجاد وجبات مشبعة ورخصية ومعدة وفقًا لتعاليم الشريعة الإسلامية خلال أوقات عملهم التي قد تمتد إلى الثانية بعد منتصف الليل. ولكونهم مسلمين، طلب السائقون من الشبان الثلاث (السقا والسيد وأبو العينين) أن يعدوا قائمة طعام تتناسب ورغباتهم.
فتوسعت العربة وتعددت أصناف الطعام التي تقدمها، وهنا خرجت “ذا حلال جايز” إلى النور.
ومع نجاح العربة، تعدد روادها من سكان نيوريوك ولم يعد متقتصرا على السائقين فقط. وبدأت العديد من العربات التي تتبع خطواتهم تظهر في أنحاء المدينة، وعددهم اليوم يفوق عدد العربات اليونانية القديمة الأصغر حجما.
لكن لم تلق أي من تلك العربات نجاحا يضاهي نجاح عربة “ذا حلال جايز“. ويُعزو البعض السبب في ذلك إلى “الصوص الأبيض“، فيما يرى البعض الآخر أن السبب هو موقع العربة (الواقعة على بعد خطوات قليلة من متحف الفن والتصميم).وأي ما يكون، فيبقى سر النجاح لغزا.
الآن، وبعد مرور نحو 25 عاما من مهنة تقديم الطعام في الشارع، يتطلع “ذا حلال جايز” إلى افتتاح سلسلة مطاعهم الخاصة. ووقع الشبان الثلاث اتفاقية مع شركة Fransmart الاستشارية (التي تعمل في مجال سلاسل المطاعم). وهي نفس الشركة التي نحجت في توسيع مطاعم “Five Guys Burgers and Fries” من أربعة مقرات في شمال ولاية فرجينيا وحولتها إلى سلسلة مطاعم للوجبات السريعة بأكثر من 1200 متجر لتتجاوز مبيعاتها مليون دولار العام الماضي، حسبما أفادت صحيفة نيويورك تايمز.
وضعت شركة Fransmart خطة لمدة 10 سنوات لتوسيع “ذا حلال جايز“، تتضمن افتتاح فروع غير محدودة في الولايات المتحدة وفروع في أوروبا و دول جنوب شرق أسيا. وبذلك ستكون “ذا حلال جايز” أول سلسلة مطاعم شرق أوسطية تنافس سلسلة ماكدونالدز وكنتاكي.
وقد افتتح أول فرع في عام 2014 في منطقة ‘إيست فيليدج‘ بنيويورك.