في أول تصريحاته بعد فوزه التاريخي برئاسة بلدية نيويورك، وجّه زهران ممداني، البالغ من العمر ٣٤ عامًا، رسالة مباشرة إلى عناصر وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، مؤكدًا أن «الجميع في هذه المدينة سيُحاسبون على قدم المساواة أمام القانون، وإذا خالف أحد القانون، فعليه أن يتحمل المسؤولية».
رسالة حازمة بعد النصر الانتخابي
جاءت تصريحات ممداني ردًا على سؤال صحفي بعد ساعات قليلة من إعلان فوزه، حيث قال: «ما يبحث عنه سكان نيويورك هو عصر جديد من الوضوح والاتساق والإيمان بالمبادئ، وهذا ما سنقدّمه لهم». وأضاف، بحسب موقع نيوزويك، أن هناك «شعورًا متزايدًا في البلاد بأن بعض الأشخاص يمكنهم خرق القانون دون عقاب، سواء كانوا رؤساء أو عناصر في مؤسسات الدولة»، مشددًا على أن ذلك «سينتهي في عهده».
«نيويورك ستبقى مدينة المهاجرين»
في خطابه الاحتفالي بعنوان «ارفعوا الصوت» (Turn the Volume Up)، قال ممداني، الأمريكي المولود في أوغندا، إن «التميّز سيصبح القاعدة في الحكومة، وليس الاستثناء». وأكد أن «نيويورك لن تسمح بعد الآن للقوى الانقسامية أن تفرّق بين أبنائها»، مضيفًا بفخر: «نيويورك ستبقى مدينة بُنيت بالمهاجرين، وقادها المهاجرون، ومنذ هذه الليلة تُقاد بواسطة مهاجر».
دعم من المدّعي العام واشتباك مع إدارة ترامب
موقف ممداني يتقاطع مع تصريحات المدّعية العامة لولاية نيويورك، ليتيسيا جيمس (Letitia James)، التي دعت في وقت سابق سكان الولاية إلى توثيق أي عمليات تقوم بها وكالة ICE، مؤكدة أن «لكل نيويوركي الحق في أن يعيش دون خوف أو ترهيب». وقد أطلقت جيمس أداة إلكترونية باسم «نموذج الإبلاغ عن الإجراءات الفيدرالية» (Federal Action Reporting Form)، لتسهيل رصد الانتهاكات.
تصادم مباشر مع أجندة ترامب للهجرة
تأتي تصريحات ممداني في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بين مدينة نيويورك والإدارة الفيدرالية برئاسة دونالد ترامب، الذي كان قد هدد سابقًا بقطع التمويل الفيدرالي عن «المدن الملاذ الآمن» التي ترفض التعاون مع سلطات الهجرة. ويعتبر كثيرون أن موقف ممداني يمثل تحديًا مباشرًا لسياسات الترحيل المكثفة التي تبنتها إدارة ترامب.
تداعيات سياسية وقانونية محتملة
يحذر مراقبون من أن الخطوة الجريئة لعمدة نيويورك المنتخب قد تفتح جبهة جديدة بين الحكومة المحلية والفيدرالية، ما قد يعرض المدينة لضغوط مالية وقانونية. إلا أن أنصاره يرون أنه يمهّد لعصر جديد من الشفافية والمساءلة داخل أجهزة إنفاذ القانون، ويعيد تعريف علاقة نيويورك بالحكومة الفيدرالية على أساس العدالة والمساواة.
تحول في هوية المدينة
يرى محللون أن فوز ممداني وتحذيره لعناصر الهجرة الفيدرالية يشكلان لحظة فاصلة في تاريخ المدينة، وقد يشجعان مدنًا أخرى على مقاومة سياسات واشنطن في ملف الهجرة. ومع ذلك، تبقى الأسئلة مفتوحة: هل ستنجح نيويورك في الحفاظ على هذا النهج المستقل، أم ستخضع للضغوط الفيدرالية؟
في نهاية المطاف، لم يكن تحذير ممداني موجّهًا فقط لعناصر ICE، بل كان رسالة أوسع حول من يملك حق تعريف العدالة، ومن يكتب رواية السلطة في أكبر مدينة أمريكية.





