في النظام الانتخابي الأمريكي، يعد الحصول على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي أمرًا حاسمًا للفوز بالرئاسة. ومع وجود 538 صوتًا، يحتاج المرشح إلى 270 صوتًا على الأقل للفوز. لكن، ماذا لو انتهت الانتخابات بتعادل المرشحين، كما لو حصل دونالد ترامب وكامالا هاريس على 269 صوتًا لكل منهما؟ وكيف سيتم حسم الانتخابات في هذه الحالة؟ وهل حدث هذا من قبل؟
إذا تعادل المرشحان في عدد أصوات المجمع الانتخابي، يتم اللجوء إلى إجراء دستوري محدد لتحديد الفائز، حيث يتم نقل القرار إلى الكونغرس، ليقوم كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ بالتصويت لتحديد من سيصبح الرئيس ونائب الرئيس.
كيف يتم اتخاذ القرار في الكونغرس؟
1. اختيار الرئيس في مجلس النواب: وفقًا للتعديل الثاني عشر للدستور الأمريكي، إذا تعادل المرشحان في المجمع الانتخابي، يقوم مجلس النواب بالتصويت لاختيار الرئيس. ويصوت المجلس ككتل من الولايات، حيث تمثل كل ولاية صوتًا واحدًا، بغض النظر عن عدد نوابها. يتطلب الفوز الحصول على دعم أغلبية الولايات، أي 26 ولاية على الأقل.
2. اختيار نائب الرئيس في مجلس الشيوخ: في الوقت نفسه، يقوم مجلس الشيوخ بالتصويت لاختيار نائب الرئيس. يصوت كل عضو بشكل فردي، ويحتاج المرشح إلى أغلبية من أصوات الأعضاء (51 صوتًا) ليصبح نائب الرئيس.
ماذا لو حدث تعادل آخر داخل الكونغرس؟
رغم ندرة هذا السيناريو، فإن هناك احتمالية لتعادل آخر داخل الكونغرس عند التصويت. في هذه الحالة، يتبع الكونغرس إجراءات إضافية:
• تعادل في مجلس النواب عند اختيار الرئيس: إذا تعادلت وفود الولايات داخل مجلس النواب (أي حصل كل مرشح على 25 صوتًا)، سيظل منصب الرئيس غير محسوم. يمكن للمجلس الاستمرار في التصويت لجولات إضافية حتى تحقيق أغلبية، أو قد تتم مفاوضات سياسية بين الأعضاء للوصول إلى توافق. وإذا لم يتم حسم التعادل بحلول يوم التنصيب، يمكن أن يتولى نائب الرئيس المؤقت (الذي يتم اختياره من مجلس الشيوخ) مهام الرئاسة بشكل مؤقت.
• تعادل في مجلس الشيوخ عند اختيار نائب الرئيس: في حال تعادل مجلس الشيوخ (50-50)، يستطيع نائب الرئيس الحالي كسر التعادل بصوته. أما إذا كان المنصب شاغرًا، قد تلجأ الأطراف المعنية إلى مفاوضات إضافية أو تأجيل التصويت.
ماذا يحدث إذا لم يتم اختيار رئيس أو نائب رئيس بحلول يوم التنصيب؟
إذا لم يتم التوصل إلى قرار بشأن منصب الرئيس أو نائب الرئيس بحلول يوم التنصيب، يتم اللجوء إلى قانون التعاقب الرئاسي. ووفقًا لهذا القانون، يتولى رئيس مجلس النواب منصب الرئيس مؤقتًا حتى يتم حسم المسألة.
أبرز الانتخابات التاريخية التي شهدت تعادلاً أو خلافات حادة
1. انتخابات 1800 بين توماس جيفرسون وآرون بور: شهدت هذه الانتخابات أول أزمة كبيرة، حيث تعادل جيفرسون وبور تمامًا. أحيل القرار إلى مجلس النواب، وبعد عدة جولات، تم اختيار جيفرسون رئيسًا. ونتيجة لذلك، أُضيف التعديل الثاني عشر للدستور لضمان تفادي تكرار هذا التعادل.
2. انتخابات 1824 بين جون كوينسي آدامز وأندرو جاكسون: لم يحصل أي مرشح على أغلبية واضحة من أصوات المجمع الانتخابي، على الرغم من أن جاكسون حصل على أعلى الأصوات الشعبية. في النهاية، اختار مجلس النواب آدامز رئيسًا بعد صفقة سياسية عُرفت باسم “صفقة الغرف المغلقة”.
3. انتخابات 1876 بين رفيرفورد ب. هايز وصامويل تيلدن: كانت هذه الانتخابات واحدة من أكثر الانتخابات إثارة للجدل، حيث أدت نزاعات حول الأصوات إلى تسوية غير رسمية، عرفت بـ”تسوية 1877”، والتي منحت الرئاسة لهايز مقابل انسحاب القوات الفيدرالية من الجنوب، مما أنهى عصر إعادة الإعمار.
4. انتخابات 2000 بين جورج بوش الابن وآل غور: لم يكن هناك تعادل، لكن الانتخابات كانت متقاربة جدًا، خصوصًا في ولاية فلوريدا، حيث أدى الخلاف حول فرز الأصوات إلى معركة قانونية انتهت بقرار المحكمة العليا الذي منح بوش الفوز.
في حال حدث تعادل بين ترامب وهاريس في أصوات المجمع الانتخابي، سيتم اللجوء إلى إجراءات دستورية داخل الكونغرس لحسم النتيجة. وفي حال تعادل الكونغرس نفسه، قد تبرز إجراءات استثنائية أو مفاوضات سياسية، وقد يتولى رئيس مجلس النواب المنصب مؤقتًا وفقًا لقانون التعاقب الرئاسي. على الرغم من أن هذه السيناريوهات نادرة ومعقدة، إلا أنها توضح المرونة الدستورية للنظام الأمريكي وقدرته على التعامل مع التعقيدات الانتخابية.
