تفاصيل الحادث في مدرسة ريجيس هاي سكول
وفقًا لشرطة نيويورك وتقارير إعلامية، وقع الحادث صباح الخميس في مدرسة ريجيس هاي سكول Regis High School، وهي مدرسة ثانوية خاصة، كاثوليكية وتتبع الرهبنة اليسوعية (Jesuit) في شارع 84 الشرقي قرب ماديسون أفينيو في مانهاتن.
كان الطالب جالسًا أمام مكتب أحد الإداريين في الطابق الأول بانتظار مناقشة إجراء تأديبي عندما غادر المكان متجهًا إلى الطابق الخامس، حيث فتح نافذة وقام بالقفز منها نحو الشارع.
عثرت الشرطة على الفتى خارج المبنى وهو مصاب بإصابات خطيرة تتوافق مع السقوط من مكان مرتفع، ونُقل على الفور إلى مستشفى ويل كورنيل ميديكال سنتر Weill Cornell Medical Center القريب. في البداية أُعلن أنه في حالة مستقرة، لكن حالته تدهورت سريعًا، وتم إعلان وفاته بعد نحو ساعتين من الحادث تقريبًا.
خلفية تأديبية مرتبطة بحصة «الأخلاقيات»
مصادر شرطية نقلت عنها صحيفة أمريكية أوضحت أن الطالب كان قد استُدعي إلى مكتب الإدارة بعد شكاوى من بعض أولياء الأمور على تعليقات أدلى بها خلال نقاش في حصة «الأخلاقيات» حول موضوع يُوصف بـ«المجتمع النفعي Utilitarian Society».
الفلسفة النفعية Utilitarianism تقوم على فكرة «أعظم قدر من الخير لأكبر عدد من الناس»؛ أي أن القرار الأخلاقي الصحيح هو الذي يزيد مجموع السعادة والرفاه للجميع، حتى لو تسبب في ضرر لأقلية. هذا النوع من النقاشات يُطرح عادة في حصص الفلسفة والأخلاقيات في المدارس والجامعات الأمريكية، وقد يؤدّي أحيانًا إلى آراء صادمة أو غير مريحة لبعض الطلاب أو الأهالي إذا شعروا أن الكلام يمسّ قضايا حساسة مثل قيمة حياة الفرد أو العدالة بين الفئات المختلفة.
بحسب هذه المصادر، وُصف الطالب بأنه «خجول جدًا» و«غير عدواني»، وأنه كان ينتظر قرارًا تأديبيًا محتملاً بسبب تعليقاته خلال النقاش، كما أشارت إلى أن أحد العمداء (Dean) كان قد صادَر هاتفه أو كان على وشك مصادرته في إطار التعامل مع الواقعة قبل لحظات من صعوده إلى الطابق الخامس.
مدرسة نخبوية مجانية لأبناء الأسر محدودة الدخل
تُعد ريجيس هاي سكول واحدة من أكثر المدارس الثانوية انتقائية في مدينة نيويورك، فهي مدرسة خاصة للبنين فقط، لكنها مجانية الرسوم (Tuition-free) وتعتمد على نظام قبول قائم على التفوق الدراسي مع إعطاء أولوية خاصة للطلاب القادمين من أسر ذات دخل محدود. وتوضح بيانات المدرسة أن نحو نصف طلابها تقريبًا هم أبناء مهاجرين، وأن سمعتها الأكاديمية عالية للغاية، حيث يتوجّه خريجوها عادة إلى جامعات مرموقة مثل هارفارد وكولومبيا وبرنستون وغيرها.
المدرسة تابعة للرهبنة اليسوعية (Jesuits)، وهي تيار داخل الكنيسة الكاثوليكية يشتهر بتركيزه على التعليم، والانضباط الأكاديمي، وتربية الطلاب على خدمة المجتمع والعدالة الاجتماعية، إلى جانب الاهتمام بالبعد الروحي. هذا الإطار الديني والأكاديمي الصارم يجعل من حوادث مثل هذه صدمة كبيرة للمجتمع المدرسي وللأهالي.
رد فعل المدرسة والمجتمع المحلي
في بيان صادر عن إدارة المدرسة، أعرب المسؤولون عن «حزن عميق» على فقدان الطالب، وقالوا إنهم يصلّون من أجل أن «يتقبله الله في الراحة الأبدية» وأن يمنح عائلته القدرة على تحمّل هذه الخسارة، مؤكدين أنهم «يفعلون كل ما في وسعهم لدعم الأسرة والطلاب خلال هذه المأساة غير المتصوَّرة». كما أشار البيان إلى أن المستشارين النفسيين ومرشدي الحرم متاحون للطلاب وأولياء الأمور الراغبين في التحدّث أو الحصول على دعم نفسي وروحي.
في اليوم نفسه، أُرسل الطلاب إلى منازلهم بعد الحادث، لكن المدرسة فتحت أبوابها مجددًا في اليوم التالي مع استمرار تقديم خدمات الإرشاد والدعم. سكان الحيّ تحدّثوا لوسائل الإعلام عن أجواء من الحزن والذهول أمام مبنى المدرسة التاريخي في أبر إيست سايد، حيث كان كثيرون يعبّرون عن تضامنهم مع أسرة الطالب وزملائه والمعلمين.
أسئلة حول الضغط النفسي والبيئة المدرسية
هذه الحادثة المؤلمة تُعيد طرح أسئلة حساسة داخل المجتمع الأمريكي حول الضغوط النفسية التي يتعرض لها طلاب المدارس الثانوية، خاصة في المؤسسات النخبوية ذات المستوى الأكاديمي المرتفع. الضغط الدراسي، والقلق من العقوبات التأديبية، والخوف من رد فعل الأهل والمجتمع على الآراء التي يعبّر عنها الطالب في الصف، كلها عوامل يمكن أن تتداخل لتزيد من هشاشة الصحة النفسية للمراهقين، إذا لم تُرافقها بيئة دعم حقيقية ومساحات آمنة للحوار.
كثير من المدارس والجامعات في الولايات المتحدة باتت تعتمد برامج مكثّفة للصحة النفسية، وخطوطًا ساخنة للتواصل في الأزمات، ورسائل توعية مستمرة للطلاب والأهالي حول علامات الخطر وكيفية طلب المساعدة في الوقت المناسب. ومع ذلك، تبقى مثل هذه الحوادث تذكيرًا قاسيًا بحجم التحدّي في التعامل مع قضايا الاكتئاب والقلق والانتحار في سن المراهقة.
تنبيه مهم لمن يواجهون أفكارًا انتحارية
إذا كان القارئ يقيم في الولايات المتحدة ويواجه أفكارًا انتحارية أو أزمة نفسية حادة، يمكنه الاتصال بالرقم 988، وهو خط وطني مجاني ومتوافر على مدار الساعة لتقديم الدعم النفسي الطارئ (National Suicide & Crisis Lifeline). وفي مدينة نيويورك يوجد أيضًا خط مساعدة باسم NYC WELL على الرقم 1-888-NYC-WELL لتقديم استشارات نفسية فورية وسرّية. هذه الأرقام مخصّصة للمساعدة، ولا يُنصح أبدًا بمواجهة مثل هذه الأفكار بمفردك.






