وصلت غرين وود، أكبر مقبرة في نيويورك، أعلى مراحل طاقتها الاستيعابية القصوى بعد ارتفاع عمليات حرق الجثث بأكثر من الضعف، وازدياد عمليات الدفن خمسة أضعاف، مع تدفق جثامين ضحايا وباء كوفيد-19.
وكانت المقابر قد استعدت لاستقبال عدد كبير من الموتى خلال وباء إيبولا بين عامي 2013 و2016، لكن الولايات المتحدة نجت منه.
واجتاحت موجة وباء كوفيد-19 في الأسبوع الثالث من شهر مارس المقبرة الواقعة في بروكلين، والتي تم إنشاؤها في عام 1838 لتصبح من أجمل المقابر في المدينة، إذ تمتد فوق 193 هكتارا وتطل على خليج نيويورك، وفيها يرقد الموسيقي ليونارد برنشتاين والرسام جان ميشيل باسكيات.
وقال نائب رئيس المقبرة والمسؤول عن العمليات إريك بارنا “بدأ الأمر بحرق الجثامين” وفي بعض الأيام تجاوز العدد “أربع أو خمس مرات” الحجم المعتاد.
ويجري في المقبرة، حاليًا، حرق 130 إلى 140 جثماناً في الأسبوع مقابل 60 في الأوقات العادية.
ويؤكد بارنا، وهو عضو في جمعية مقبرة متروبوليتان التي تضم مقابر نيويورك ومنها لونغ آيلاند في الشرق، وويستتشستر في الشمال “أن الأمر لا يقتصر على غرين وود”.
ويوضح “إن الجميع يستقبل أعداداً مماثلة. … لقد سمعت أن بعض مكاتب الدفن تبحث خارج ولاية نيويورك ..لقد وصلنا إلى نقطة لم يعد ممكناً للنظام عندها إدارة مثل هذا الحجم في زمن قصير كهذا”.
ويعد حرق الجثمان (حوالي 370 دولارا) أقل كلفة بكثير من الدفن، حيث تباع المساحة المخصصة لثلاثة توابيت في المقبرة بمبلغ 19 ألف دولار.
ويؤكد بارنا أن عمليات الدفن شهدت “تسارعا حقيقيا” منذ عشرة أيام، حيث بلغت 15 أو 16 يوميًا، مقابل 2 أو 3 في الأيام العادية.
ويبدو أن عدد الوفيات المسجلة رسميا بوباء كوفيد-19 في نيويورك، بؤرة الجائحة في الولايات المتحدة، والتي تتجاوز حصيلة بعض البلدان الأكثر تضرراً، “أقل بكثير من العدد الفعلي”، والسبب يعود بدون شك إلى محدودية عدد اختبارات الكشف عن الفيروس، وفق بارنا.
وتجاوز عدد الذين توفوا بفيروس كورونا المستجد في مدينة نيويورك الثلاثاء 10 آلاف شخص بعد إعلان سلطات المدينة أنها أضافت إلى حصيلة ضحايا وباء كوفيد-19 حوالي 4 آلاف شخص لم يخضعوا لفحوص مخبرية تثبت إصابتهم بالفيروس، لكن ظروف وفاتهم ترجح أنها ناجمة عنه.
ولم يتلمس هذا المسؤول تباطؤ الوباء الذي تحدث عنه في الأيام الأخيرة حاكم الولاية أندرو كومو ورئيس بلدية نيويورك بيل دي بلاسيو، وإن لاحظ استقرارا في الأعداد.
ورأى أن فكرة تنفيذ دفن مؤقت، التي أثارها الأسبوع الماضي، نائب من مانهاتن من أجل التعامل مع العدد القياسي للوفيات، “ستكون معقدة للغاية”.
وقال “أن المدينة ليست مستعدة لإدارة مقبرة مؤقتة”.
وللقيام بعملية الدفن في غرين وود، يتم تجهيز العاملين بوسائل الحماية ولا يبقون، غالبًا، عند وجود الأقارب، لتجنب العدوى، حسبما أوضح بارنا، الذي أثنى على عملهم.
وأظهر المسؤول بعض المرونة حول عدد الأشخاص المصرح لهم بحضور مراسم الدفن حاليا في المقبرة التي لم تسجل أي حالة عدوى بين موظفيها، حيث لا يحضر “في كثير من الأحيان سوى أفراد الأسرة”، مشيرا إلى انه خلال عمليات حرق الجثامين لا يتواجد تقريبا أي قريب.
ويرى بارنا “أن الخطة تقضي باللجوء إلى ما هو أسرع وهو حرق الجثمان بالنسبة للعديد من الناس، لكن مع عودة الأمور إلى طبيعتها، سنرى الكثير من المراسم”.