أثار قرار مفاجئ بإنهاء خدمات ثمانية من قضاة الهجرة في محكمة الهجرة الكائنة بمبنى «٢٦ فيدرال بلازا» في مانهاتن قلقاً واسعاً بين المدافعين عن حقوق المهاجرين والمحامين في نيويورك، في ظل مناخ سياسي تتزايد فيه حملات إنفاذ قوانين الهجرة والحديث عن إنشاء مراكز احتجاز جديدة في أنحاء البلاد.
من هم القضاة الثمانية وما طبيعة القرار؟
بحسب تقرير صحفي محلي، أُبلغ ثمانية من قضاة الهجرة في محكمة فيدرال بلازا في نيويورك بإنهاء عقودهم وعدم تجديدها، رغم أنهم كانوا ينظرون في آلاف القضايا المتعلقة بطلبات اللجوء والإقامة والترحيل. جاء القرار من وزارة العدل الفدرالية التي تشرف على نظام محاكم الهجرة في الولايات المتحدة، دون تقديم تبرير مفصّل لكل حالة علناً، ما فتح الباب أمام تساؤلات حول المعايير المستخدمة.
أحد القضاة الذين سبق أن أُقيلوا في وقت سابق من العام، وكان قد اكتسب سمعة كونه أكثر توازناً في نظر قضايا اللجوء، حذّر في تصريحات سابقة من أن عملية «تنظيف» الهيئات القضائية من الأصوات المستقلة يمكن أن تؤدي عملياً إلى تشديد غير معلن في قرارات الهجرة، من خلال تعيين قضاة أكثر تشدداً أو أقرب إلى خط الإدارة الحاكمة.
لماذا يثير القرار القلق في نيويورك؟
تستضيف نيويورك واحدة من أكبر محاكم الهجرة في البلاد، حيث تتكدّس فيها ملفات مئات آلاف القضايا، ويعتمد عليها آلاف المهاجرين – بينهم عرب – ممن ينتظرون حسم أوضاعهم القانونية، سواء في طلبات اللجوء أو الإقامة الدائمة أو الاعتراض على أوامر الترحيل. إبعاد ثمانية قضاة دفعة واحدة يعني عملياً مزيداً من الضغط على القضاة الباقين، واحتمال تأجيل أو تأخير جلسات استماع لمدد أطول.
محامون ومدافعون عن المهاجرين عبّروا عن خشيتهم من أن يكون القرار جزءاً من توجه أوسع لإعادة تشكيل نظام محاكم الهجرة، بحيث يقل هامش الاستقلالية والاجتهاد القضائي لصالح نهج أكثر تشدداً في تقييم أدلة الخوف من الاضطهاد أو المخاطر في بلدان الأصل. كما يأتي القرار في وقت تتحدث فيه الإدارة الفدرالية عن زيادة التمويل لإنفاذ قوانين الهجرة وتوسيع قدرات الاحتجاز والترحيل.
ترابط القرار مع البيئة العامة لإنفاذ قوانين الهجرة
تزامن النقاش حول القضاة الثمانية في نيويورك مع تقارير عن خطط لإنشاء مراكز احتجاز جديدة للمهاجرين في ولايات أخرى، ومع تشديد عمليات الترحيل بحق من يُعتبرون غير «أصلح» للبقاء في البلاد وفق معايير الإدارة الحالية. في هذا السياق، يصبح لقضاة الهجرة دور محوري؛ فهم نقطة التوازن بين السلطة التنفيذية وحقوق الأفراد، وأي تغيير واسع في صفوفهم قد ينعكس مباشرة على نتائج القضايا.
من الناحية القانونية، لا تتمتع محاكم الهجرة بالاستقلال نفسه الذي تتمتع به المحاكم الفدرالية العادية، إذ يخضع القضاة إدارياً لوزارة العدل. هذا يفتح الباب أمام انتقادات مستمرة من منظمات حقوقية تطالب بتحويل محاكم الهجرة إلى نظام قضائي مستقل، أو على الأقل تعزيز ضمانات عدم استخدام التعيين والإقالة كأداة للضغط السياسي.
ماذا يعني ذلك للمهاجرين العرب في نيويورك؟
لآلاف المهاجرين العرب الذين لديهم جلسات أمام محاكم الهجرة في نيويورك، يمكن أن يعني هذا القرار مزيداً من الانتظار وعدم اليقين، وربما تغيّر «مزاج المحكمة» في المدى المتوسط، تبعاً لِمن سيُعيَّن خلفاً للقضاة المُقالين. لذلك ينصح المحامون دائماً بمتابعة القضايا عن كثب، وعدم تأجيل تقديم الأدلة أو المستندات، والاستعانة بمحامين مختصين قادرين على شرح حقوقهم الإجرائية وسبل الاعتراض في حال تعرّضوا لقرارات يعتبرونها غير عادلة.
كما يمكن أن تصبح قضايا «الاستئناف» أمام مجلس استئناف الهجرة أو المحاكم الفدرالية أكثر أهمية، إذا شعر المتقاضون بأن التوازن داخل محكمة الهجرة يميل أكثر لصالح التشدد. في هذا المناخ، تزداد قيمة التنظيم المجتمعي والحقوقي للجاليات العربية، والتعاون مع منظمات حقوق المهاجرين لمراقبة ما يجري داخل هذه المحاكم والتبليغ عن أي أنماط مقلقة في القرارات.






