يشهد مطار نيوارك ليبرتي الدولي أزمة تشغيلية غير مسبوقة منذ أواخر أبريل 2025، مع استمرار الاضطرابات لأكثر من أسبوع، مما أدى إلى إلغاء مئات الرحلات وتأخير آلاف المسافرين. تتفاقم الأزمة يوميًا وسط مخاوف من استمرارها خلال موسم السفر الصيفي القادم، مع تحذيرات من شركة يونايتد إيرلاينز بأن الحل لن يكون قريبًا.
بدأت الاضطرابات بشكل ملحوظ منذ 26 أبريل، وتصاعدت بشكل كبير في الأيام الأخيرة. ارتفع متوسط الرحلات الملغاة يوميًا من 4 رحلات فقط في أوائل ومنتصف أبريل إلى نحو 39 رحلة يوميًا منذ 26 أبريل. وسجل يوم الاثنين 5 مايو ذروة الأزمة حتى الآن، مع إلغاء 68 رحلة، وهو أعلى معدل إلغاء يومي منذ بداية الاضطرابات. كما انخفض معدل الرحلات المغادرة في مواعيدها من 80% قبل 26 أبريل إلى 63% فقط في الفترة اللاحقة، مما يضع مطار نيوارك بين أسوأ المطارات الرئيسية في البلاد من حيث الالتزام بمواعيد المغادرة.
أسباب الأزمة في مطار نيوارك
نقص حاد في مراقبي الحركة الجوية
يعاني مطار نيوارك من نقص مزمن في موظفي مراقبة الحركة الجوية، وقد وصلت الأزمة إلى نقطة حرجة. مركز مراقبة الاقتراب الراداري الطرفي في فيلادلفيا، الذي ينسق الطائرات القادمة إلى نيوارك، يعاني من نقص حاد في الموظفين، مما يحد من قدرة المطار على التعامل مع حجم الحركة المجدول. تعاني إدارة الطيران الفيدرالية حاليًا من نقص يقدر بحوالي 3,000 مراقب جوي على المستوى الوطني، مع توقعات بأن يستغرق الحل الكامل عدة سنوات.
أعطال في المعدات وأنظمة الاتصالات
تعرض المطار لعدة أعطال في المعدات، بما في ذلك حادثة خطيرة في 28 أبريل عندما فقد المراقبون مؤقتًا الرادار والاتصالات مع الطائرات. استمر هذا العطل لمدة 60 إلى 90 ثانية، مما منع المراقبين من التحدث مع الطائرات خلال هذا الوقت. كان سلك نحاسي تالف مسؤولاً عن انقطاع الرادار والاتصالات، مما أدى إلى سلسلة من التأخيرات والإلغاءات.
إغلاق أحد المدارج الرئيسية للصيانة
أحد مدارج نيوارك الرئيسية مغلق لأعمال إعادة التأهيل حتى منتصف يونيو 2025، مما يقلل من القدرة التشغيلية للمطار. هذا البناء المخطط له فاقم آثار المشاكل الأخرى، حيث ترك المطار بمدرج واحد فقط للعمل.
تحديات الطقس
ساهمت ظروف الطقس السيئة وسوء الرؤية أحيانًا في تفاقم الوضع، حيث بلغت تأخيرات الوصول في المتوسط نحو 4 ساعات بسبب الغيوم المنخفضة وسوء الرؤية، كما حدث يوم الاثنين 5 مايو.
إجراءات مراقبي الحركة الجوية بعد الأعطال
بعد انقطاع الرادار والاتصالات في 28 أبريل، اختار بعض مراقبي الحركة الجوية أخذ إجازة بموجب قانون تعويض الموظفين الفيدراليين، الذي يمنح الموظفين الفيدراليين الحق في أخذ إجازة إذا تعرضوا لإصابة جسدية أو واجهوا حدثًا صادمًا أثناء العمل. يمكن أن تستمر هذه الإجازة لمدة تصل إلى 45 يومًا.
تأثير الأزمة على الرحلات والمسافرين
أدت الاضطرابات المستمرة إلى تأثير كبير على المسافرين، مع موجة من الإلغاءات والتأخيرات. في صباح يوم الاثنين 5 مايو، كان نيوارك يتصدر الولايات المتحدة في التأخيرات والإلغاءات، حيث تم إلغاء 42 رحلة أو 8% من المغادرات بحلول الصباح الباكر. وجد المسافرون المحبطون أنفسهم أمام وكلاء خدمة العملاء عبر الإنترنت فقط، مع نقص في المساعدة المتاحة داخل المحطة.
إجراءات شركات الطيران
استجابةً للوضع المستمر، خفضت شركة يونايتد إيرلاينز بشكل طوعي رحلاتها في نيوارك بإلغاء 35 رحلة ذهاب وإياب يوميًا للتخفيف من مخاطر المزيد من الاضطرابات. وأشارت الشركة إلى أن الحلول قصيرة الأجل غير متاحة وأن المشكلة تتطلب معالجة هيكلية على مستوى النظام.
استجابة الحكومة الأمريكية والجهات المعنية
دعا مسؤولون حكوميون إلى تحقيقات عاجلة في أسباب الأزمة، مع التركيز على تحديث التكنولوجيا وزيادة التوظيف في إدارة الطيران الفيدرالية. كما أكدت هيئة ميناء نيويورك ونيو جيرسي أن نقص الموظفين في مراكز مراقبة الحركة الجوية هو السبب الرئيسي للمشاكل المستمرة، مطالبة بتسريع تحديثات التكنولوجيا وزيادة التوظيف.
التوقعات المستقبلية والخطط الموضوعة
من المقرر أن يعلن وزير النقل الأمريكي عن خطة جديدة لتجديد نظام مراقبة الحركة الجوية وزيادة التوظيف. كما تبحث إدارة الطيران الفيدرالية عن مشرفين ذوي خبرة من جميع أنحاء البلاد للمساعدة في تخفيف النقص في مطار نيوارك.
تأثير الأزمة على صناعة الطيران والاقتصاد
يؤثر الوضع في نيوارك على صناعة الطيران والاقتصاد الأوسع، حيث أن التأخيرات لها تأثير متتالي في مطارات ومدن أخرى. تمثل شركة يونايتد إيرلاينز حوالي 68% من إجمالي الرحلات في نيوارك، ومع اقتراب موسم السفر الصيفي، تزداد المخاوف بشأن قدرة المطار على التعامل مع حجم الحركة المتوقع.
تمثل الأزمة المستمرة في مطار نيوارك تحديًا كبيرًا لصناعة الطيران الأمريكية ونظام النقل الجوي. الأسباب متعددة ومعقدة، بدءًا من نقص مراقبي الحركة الجوية، وأعطال في المعدات، وأعمال بناء المدرج، وصولاً إلى تحديات الطقس. مع تحذير مسؤولي شركات الطيران والحكومة من أن الحل لن يكون سريعًا، يُنصح المسافرون بالتحقق من حالة رحلاتهم قبل التوجه إلى المطار والاستعداد لاحتمال التأخير أو الإلغاء. في الوقت نفسه، تعمل الجهات المعنية على خطط قصيرة وطويلة الأجل لمعالجة الأزمة، بما في ذلك تعيين المزيد من مراقبي الحركة الجوية وتحديث التكنولوجيا. ستحدد الأسابيع والأشهر القادمة مدى نجاح هذه الجهود في استعادة العمليات الطبيعية في واحد من أكثر المطارات ازدحامًا في الولايات المتحدة.