كشفت شبكة CBS News الأمريكية، في تقرير نُشر بتاريخ 25 مارس 2025، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قررت تعليق معالجة طلبات الإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء) المقدمة من اللاجئين وطالبي اللجوء، في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تشديد إجراءات التدقيق الأمني على المهاجرين. هذا القرار، الذي لم يتم الإعلان عنه رسمياً، سيضع آلاف الأشخاص الذين منحوا حق اللجوء في الولايات المتحدة بعد إثبات تعرضهم للاضطهاد في بلدانهم الأصلية في وضع قانوني غامض، مع توجه الإدارة نحو فرض قيود أكثر صرامة على نظام الهجرة الأمريكي.
تفاصيل القرار وأسبابه المعلنة
وجّهت دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية (USCIS) موظفيها بتعليق البت في طلبات الإقامة المقدمة من مهاجرين حاصلين على صفة لاجئ أو طالبي لجوء. يأتي هذا القرار استجابة لأمرين تنفيذيين أصدرهما الرئيس ترامب، أحدهما يطالب الوكالات الفيدرالية بـ “فحص وتدقيق جميع الأجانب الذين ينوون الدخول إلى الولايات المتحدة أو الموجودين فيها بالفعل إلى أقصى درجة ممكنة”.
وبررت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية هذه الخطوة بقولها إن “التعليق المؤقت لبعض طلبات تعديل الوضع ضروري في انتظار استكمال إجراءات تدقيق وفحص إضافية لتحديد حالات الاحتيال المحتملة أو المخاوف المتعلقة بالسلامة العامة أو الأمن القومي”. وأشارت مذكرة حكومية إلى أن المسؤولين يدرسون حالياً تحسين إجراءات التدقيق الأمني والتأكد من عدم وجود تجاوزات في هذه الطلبات.
من هم المتأثرون بقرار التعليق؟
يؤثر هذا القرار بشكل أساسي على فئتين من المهاجرين:
1. اللاجئون: هم الأشخاص الذين يدخلون الولايات المتحدة بعد عملية تدقيق خارجية معقّدة تشمل فحوصات أمنية وطبية ومقابلات، قد تستغرق سنوات لإكمالها.
2. طالبو اللجوء: هم الأشخاص الذين يتقدمون بطلب الحماية بعد وصولهم إلى الأراضي الأمريكية، ويحصلون عليها عبر قضاة الهجرة أو مسؤولي اللجوء المختصين، بناء على تهديدات تطالهم بسبب العرق أو الدين أو الآراء السياسية.
كلتا الفئتين كانتا قد استوفتا بالفعل إجراءات قانونية صارمة وأثبتتا أنها معرضة للاضطهاد في بلدانها الأصلية قبل منحها الحماية في الولايات المتحدة.
دعم قضائي لقرار التعليق
عزز قرار محكمة استئناف اتحادية أمريكية موقف إدارة ترامب، حيث قضت المحكمة بأن الإدارة يمكنها تعليق جهود إعادة توطين اللاجئين مؤقتاً حتى الفصل في دعوى قضائية تتعلق بهذا الشأن. وأعلنت هيئة مكونة من ثلاثة قضاة في محكمة الاستئناف الأمريكية أن اللاجئين الذين جرت الموافقة على دخولهم بشروط قبل 20 يناير سيكونون مستثنين من هذا التعليق.
ما هي البطاقة الخضراء وعملية تعديل الوضع؟
لفهم تأثير هذا القرار، من المهم توضيح بعض المصطلحات الأساسية في نظام الهجرة الأمريكي:
البطاقة الخضراء (Green Card): هي الاسم الشائع لوثيقة الإقامة الدائمة القانونية في الولايات المتحدة، والتي تمنح حاملها حق العيش والعمل بشكل دائم في البلاد دون قيود زمنية.
تعديل الوضع (Adjustment of Status): هي العملية التي يمكن من خلالها للأشخاص الموجودين داخل الولايات المتحدة التقدم للحصول على الإقامة الدائمة دون الحاجة للعودة إلى بلدانهم الأصلية لإكمال إجراءات التأشيرة. لإتمام هذه العملية، يقدم المهاجر طلباً (نموذج I-485) إلى دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية.
تستغرق معالجة طلبات تعديل الوضع عادة بين 8 إلى 14 شهراً للطلبات المقدمة على أساس العلاقات الأسرية. خلال هذه الفترة، يمكن للمتقدم البقاء في الولايات المتحدة والعمل دون الحاجة إلى تصريح عمل منفصل.
إجراءات أخرى في إطار تشديد سياسات الهجرة
يأتي تعليق طلبات البطاقة الخضراء ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب لتقييد وتشديد إجراءات الهجرة القانونية. ومن بين هذه الإجراءات:
1. فحص حسابات التواصل الاجتماعي للمتقدمين
اقترحت خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية قاعدة جديدة تتطلب من المتقدمين للحصول على البطاقة الخضراء والتأشيرات الكشف عن حساباتهم الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. ستشمل النماذج المتأثرة بهذا القرار طلبات الجنسية (N-400)، وطلبات البطاقة الخضراء (I-485)، وطلبات اللجوء (I-589) وغيرها.
ومع تطبيق هذا القرار، سيتم تحليل شبكات التواصل الاجتماعي، وفحص منشورات المتقدمين وتفاعلاتهم واتصالاتهم، لكشف التناقضات بين المعلومات المقدمة في الاستمارات ونشاطهم على شبكة الإنترنت.
2. تعليق برامج الهجرة الإنسانية
في الشهر الماضي، علقت الإدارة جميع طلبات الهجرة المقدمة من المهاجرين من أمريكا اللاتينية وأوكرانيا الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة بموجب برنامجين أطلقتهما إدارة بايدن، بحجة الحاجة إلى تشديد التدقيق وتخوفات بشأن الاحتيال في هذه البرامج.
انتقادات وتحفظات على القرارات
أثارت هذه السياسات انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان والدفاع عن المهاجرين، التي أعربت عن مخاوفها من أن فحص حسابات التواصل الاجتماعي سيكون له تأثير “مفزع” على حرية التعبير.
هناك مخاوف من أن هذا التدقيق في حسابات مواقع التواصل الاجتماعي سيستهدف مهاجرين ومسافرين من دول ذات أغلبية مسلمة بشكل ظالم ويعرضهم لرفض التأشيرات دون تمييز.
ما هي خيارات المتأثرين بالقرار؟
مع تعليق معالجة طلبات البطاقة الخضراء، يواجه آلاف المهاجرين وضعاً قانونياً غامضاً. وفي حين لم تحدد الإدارة بوضوح المدة المتوقعة لهذا التعليق، فإن المتأثرين به قد يضطرون إلى:
1. الانتظار حتى استئناف معالجة الطلبات بعد إكمال “إجراءات التدقيق الإضافية” التي أشارت إليها وزارة الأمن الداخلي.
2. استشارة محامي هجرة متخصص لفهم التداعيات القانونية المحتملة على وضعهم الفردي.
3. متابعة الطعون القانونية التي تواجه هذه القرارات أمام المحاكم الفيدرالية.
يشكل قرار إدارة ترامب بتعليق طلبات البطاقة الخضراء للاجئين وطالبي اللجوء خطوة إضافية في نهج الإدارة لتشديد سياسات الهجرة والتدقيق الأمني للمهاجرين. وفي حين تبرر الإدارة هذه الخطوات بدواعي الأمن القومي ومكافحة الاحتيال، فإنها تثير قلقاً متزايداً حول مستقبل آلاف الأشخاص الذين فروا من الاضطهاد في بلدانهم الأصلية، وينتظرون الآن في وضع قانوني غير مستقر في الولايات المتحدة. يبقى السؤال: هل هذه إجراءات مؤقتة فعلاً للتدقيق الأمني، أم أنها ستكون جزءاً من تغيير أوسع وأكثر ديمومة في سياسة الولايات المتحدة تجاه المهاجرين واللاجئين؟