أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق العمل ببرنامج «تأشيرة التنوع» (Diversity Visa Program – DV Program) المعروف عربيًا بـ«قرعة الجرين كارد» أو الهجرة العشوائية، عبر توجيه لهيئة خدمات الهجرة والجنسية الأمريكية (U.S. Citizenship and Immigration Services – USCIS) بإيقاف معالجة فئة «DV-1» (DV-1 category) بشكل فوري.
وجاء القرار وسط جدل سياسي وأمني واسع، بعدما ربطت السلطات بين مشتبه به في إطلاق نار داخل جامعة براون (Brown University) وبين واقعة مقتل أستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (Massachusetts Institute of Technology – MIT)، وبين حصوله سابقًا على الإقامة الدائمة القانونية (Lawful Permanent Resident – LPR) عبر برنامج القرعة.
ما الذي أُعلن رسميًا؟
بحسب بيانات وتصريحات نقلتها وسائل إعلام أمريكية، قالت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نوم (Kristi Noem) إنها وجّهت USCIS إلى «تعليق» برنامج DV-1. ويُستخدم مصطلح DV-1 عادةً للدلالة على المتقدم الرئيسي في ملف القرعة، بينما تُصنَّف تأشيرات الزوج/الزوجة ضمن DV-2 (DV-2) والأبناء ضمن DV-3 (DV-3)، وجميعها تندرج تحت برنامج «تأشيرة التنوع» نفسه.
ولم تُعلن الإدارة، حتى الآن، تفاصيل تنفيذية كاملة تحدد نطاق التعليق بدقة، وما إذا كان سيشمل كل مسارات البرنامج أم جزءًا منه فقط، خاصة أن وزارة الخارجية الأمريكية (U.S. Department of State – DOS) هي الجهة التي تدير البرنامج أساسًا عالميًا عبر السفارات والقنصليات، بينما تتولى USCIS بعض الحالات داخل الولايات المتحدة عبر «تعديل الوضع» (Adjustment of Status).
خلفية القرار: ماذا حدث في براون وماسّاتشوستس؟
ارتبط الإعلان بواقعة إطلاق نار داخل مبنى هندسي في جامعة براون بتاريخ 13 ديسمبر 2025، أسفرت ـ وفق التقارير الأمريكية ـ عن مقتل طالبين وإصابة تسعة آخرين. وبعد يومين، عُثر على أستاذ في MIT مقتولًا داخل منزله في بروكلين بولاية ماساتشوستس، في قضية قالت السلطات إن المشتبه به نفسه مرتبط بها.
وتداولت التقارير اسم المشتبه به باعتباره مواطنًا برتغاليًا، قيل إنه دخل الولايات المتحدة أولًا بتأشيرة طالب، ثم حصل لاحقًا على «جرين كارد» عبر برنامج القرعة في عام 2017. وأفادت تقارير بأن المشتبه به عُثر عليه متوفى بطلق ناري يُعتقد أنه انتحار.
ما هو برنامج «تأشيرة التنوع» وكيف يعمل؟
برنامج «تأشيرة التنوع» (Diversity Visa Program – DV Program) أقرّه الكونغرس الأمريكي ضمن قانون الهجرة والجنسية (Immigration and Nationality Act – INA)، ويهدف إلى منح فرص هجرة لمواطني دول منخفضة التمثيل في الهجرة إلى الولايات المتحدة. وتؤكد وزارة الخارجية أن التسجيل يتم إلكترونيًا خلال فترة محدودة سنويًا، ولا يُقبل أي تسجيل ورقي أو متأخر، كما أن القانون يسمح بتقديم طلب واحد فقط لكل شخص في كل موسم، وأي تكرار يؤدي إلى الاستبعاد.
بعد انتهاء فترة التسجيل، تُجرى عملية اختيار عشوائي بالكمبيوتر، لكن الفوز لا يعني الحصول التلقائي على التأشيرة؛ إذ يجب على الفائزين استكمال طلب الهجرة DS-260 (Form DS-260) ثم انتظار تحديد مقابلة قنصلية (Consular Interview) عبر مركز كنتاكي القنصلي (Kentucky Consular Center – KCC). وتشدد وزارة الخارجية على أن كل أفراد الأسرة المتقدمين يجب أن يحضروا المقابلة (أو تتم مقابلتهم لاحقًا) للحصول على التأشيرة، كما تُدار أرقام التأشيرات وفق حصص شهرية ونشرات رسمية مثل «نشرة التأشيرات» (Visa Bulletin).
ماذا يعني «تعليق DV-1» عمليًا للمتقدمين؟
التعليق الذي أُعلن يتعلق بتوجيه موجّه إلى USCIS بشأن فئة DV-1، وهو ما قد ينعكس مباشرة على الملفات التي تُعالج داخل الولايات المتحدة عبر «تعديل الوضع» (Adjustment of Status)، أي الحالات التي يكون فيها الفائز موجودًا داخل أمريكا ويريد تحويل وضعه إلى مقيم دائم دون السفر لإجراء مقابلة بالخارج.
أما المسار القنصلي خارج الولايات المتحدة، والذي تُشرف عليه وزارة الخارجية عبر السفارات والقنصليات، فقد ظل ـ وفق ما هو مُعلن حتى الآن ـ دون تفصيل حاسم يوضح إن كان سيتأثر بالطريقة نفسها أو ضمن جدول زمني مختلف. وبعبارة أخرى: القرار مؤثر لكنه لم يُشرح بعد بصورة تُجيب عن كل أسئلة الفائزين حول المواعيد والحجوزات والمعالجة القنصلية عالميًا.
جدل قانوني وسياسي متوقع
يُعد برنامج «تأشيرة التنوع» برنامجًا أنشأه الكونغرس، وهو ما يجعل أي وقف طويل أو تغيير جذري موضوعًا مرشحًا للجدل القانوني والسياسي. وفي الوقت نفسه، تتبنى إدارة ترامب خطابًا ينتقد البرنامج منذ سنوات باعتباره غير قائم على «نظام نقاط» (Points-Based System) أو معايير مهارية صارمة، بينما يشدد مؤيدو البرنامج على أن الفائزين يخضعون لمراجعات أمنية (Vetting) ومقابلات وإجراءات طبية قبل إصدار التأشيرات.
وتبرز حساسية النقاش لأن البرنامج يمنح سنويًا ما يصل إلى نحو 50 ألف تأشيرة هجرة، ما يجعله مسارًا رئيسيًا لآلاف الأسر من مناطق مختلفة، خصوصًا من دول يكون تمثيلها في الهجرة التقليدية إلى الولايات المتحدة أقل مقارنة بغيرها.
ما الذي يُنصح به للفائزين والمتقدمين الآن؟
عمليًا، يبقى الأهم للفائزين والمتقدمين هو متابعة التحديثات الرسمية من وزارة الخارجية عبر بوابة القرعة الإلكترونية (Electronic Diversity Visa – E-DV) وتوجيهات مركز KCC، وعدم الاعتماد على رسائل بريدية أو جهات وسيطة تدّعي امتلاك «مواعيد مؤكدة»، لأن وزارة الخارجية تؤكد أن الإخطار الرسمي بالفوز يتم عبر نظام التحقق الإلكتروني فقط.
كما يُنصح بعدم اتخاذ قرارات مالية كبيرة (مثل بيع الممتلكات أو ترك الوظائف أو حجز تذاكر غير قابلة للاسترداد) قبل الحصول فعليًا على التأشيرة أو قرار نهائي، لأن إجراءات البرنامج تعتمد على توافر أرقام التأشيرات في السنة المالية والجدولة القنصلية، وقد تتغير الظروف الإجرائية بسرعة في ظل القرار المعلن.






