الجالية العربية

اعتقال طالب فلسطيني من جامعة كولومبيا أثناء مقابلة الجنسية الأمريكية

خلال حضوره لما كان يُفترض أن تكون الخطوة النهائية في طريقه للحصول على الجنسية الأمريكية، وجد محسن مهداوي نفسه مكبلاً بالأصفاد ومحاطاً بعناصر من سلطات الهجرة الأمريكية. فبدلاً من إجراء مقابلة الجنسية المرتقبة، تم اعتقال هذا الطالب الفلسطيني في جامعة كولومبيا يوم الاثنين الموافق 14 أبريل 2025 في ولاية فيرمونت، في حادثة أثارت موجة من الاحتجاجات والانتقادات من أعضاء الكونغرس ونشطاء حقوق الإنسان.

خلفية المعتقل ودوافع الاعتقال

محسن مهداوي، البالغ من العمر 34 عاماً، ولد وترعرع في مخيم للاجئين في الضفة الغربية قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة عام 2014، حيث حصل على الإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء) في عام 2015. أنهى مهداوي دراسته الجامعية في كولومبيا وكان من المقرر أن يتخرج الشهر المقبل قبل البدء ببرنامج الماجستير في الجامعة نفسها في خريف 2025.

عُرف مهداوي بنشاطه المؤيد للقضية الفلسطينية، حيث كان من قادة الاحتجاجات المنددة بالحرب على غزة في جامعة كولومبيا. وبحسب محاميته، لونا دروبي، فإن “إدارة ترامب اعتقلت محسن مهداوي كرد انتقامي مباشر على دفاعه عن الفلسطينيين وبسبب هويته كفلسطيني”. وأضافت أن “اعتقاله هو محاولة لإسكات أولئك الذين يتحدثون ضد الفظائع في غزة، وهو أمر غير دستوري”.

تفاصيل الاعتقال والإجراءات القانونية

توجه مهداوي إلى مكتب خدمات الهجرة والجنسية الأمريكية في كولشستر بولاية فيرمونت لإجراء مقابلة الجنسية، لكنه بدلاً من ذلك تم اعتقاله من قبل عناصر بملابس مدنية. وقد انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر مهداوي وهو يقاد إلى سيارة بواسطة ضباط يرفع خلالها إشارة السلام بيديه.

سارع فريقه القانوني إلى تقديم التماس في المحكمة الفيدرالية في فيرمونت يطالب بوقف ترحيله والإفراج عنه. واستجابة لذلك، أصدر القاضي الفيدرالي ويليام سيشنز أمراً قضائياً مؤقتاً يمنع سلطات الهجرة من نقل مهداوي خارج ولاية فيرمونت أو ترحيله من الولايات المتحدة.

اقرأ أيضًا  بشرى سارة.. تقدم في مواعيد لمّ الشمل لعائلات حاملي الجرين كارد والمواطنين الأمريكيين

ردود الفعل السياسية والقانونية

أثار اعتقال مهداوي موجة استنكار واسعة، حيث وصف أعضاء الكونغرس من ولاية فيرمونت – السيناتور بيرني ساندرز والسيناتور بيتر ويلش والنائبة بيكا بالينت – الاعتقال بأنه “غير أخلاقي وغير إنساني وغير قانوني”. وقالوا في بيان مشترك: “دخل محسن مهداوي من وايت ريفر جانكشن بفيرمونت مكتب الهجرة لما كان من المفترض أن يكون الخطوة الأخيرة في طريقه نحو المواطنة. وبدلاً من ذلك، تم اعتقاله واقتياده مكبلاً باليدين من قبل أفراد مسلحين بملابس مدنية ووجوه مغطاة”.

وأضافوا: “السيد مهداوي، المقيم القانوني في الولايات المتحدة، يستحق الإجراءات القانونية الواجبة ويجب الإفراج عنه من الاحتجاز فوراً”.

جزء من نمط أوسع

اعتقال مهداوي ليس حالة معزولة، بل يأتي ضمن سلسلة من الاعتقالات التي تستهدف نشطاء مؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية. ففي 8 مارس الماضي، تم اعتقال محمود خليل، وهو طالب فلسطيني آخر من جامعة كولومبيا وشريك مهداوي في تأسيس اتحاد الطلاب الفلسطينيين بالجامعة. وقد حكم قاضٍ في لويزيانا يوم الجمعة الماضي بأنه يمكن ترحيل خليل باعتباره خطراً على الأمن القومي.

كما سعت سلطات الهجرة إلى اعتقال طالبة أخرى تدعى يونسيو تشونغ، وهي طالبة في السنة الثالثة بجامعة كولومبيا ومقيمة قانونية في الولايات المتحدة منذ أن كان عمرها 7 سنوات. بالإضافة إلى ذلك، تم اعتقال رميصة أوزتورك، طالبة في جامعة تافتس، بعد نشرها مقالاً رأياً ينتقد استجابة جامعتها للصراع في غزة.

الأساس القانوني للاعتقالات

تستند إدارة ترامب في هذه الاعتقالات إلى بند نادر الاستخدام في قانون الهجرة والجنسية لعام 1965، والذي يسمح لوزير الخارجية بإلغاء الإقامة الدائمة لشخص إذا اعتُبر تهديداً لمصالح السياسة الخارجية الأمريكية. وقد صرحت السلطات الفيدرالية بأنها تعتقل الطلاب الذين تتهمهم بالتورط في أنشطة معادية للسامية وإحداث اضطرابات.

اقرأ أيضًا  بشرى سارة.. تقدم في مواعيد لمّ الشمل لعائلات حاملي الجرين كارد والمواطنين الأمريكيين

ومع ذلك، يرى منتقدون أن هذه الإجراءات تمثل هجوماً على حقوق حرية التعبير التي يضمنها التعديل الأول للدستور الأمريكي. وقال السيناتور كريس فان هولين من ماريلاند في بيان مصور يوم الاثنين: “لا يمكنك إخفاء الناس لممارستهم حقوقهم المكفولة بموجب التعديل الأول”.

الوضع الحالي لمهداوي

وفقاً لبيان من محاميه، ما زال مهداوي محتجزاً في فيرمونت وتمكن من التواصل مع فريقه القانوني. وقالت محاميته دروبي: “لقد تلقينا تأكيداً بأنه لا يزال في فيرمونت من القائم بأعمال المدعي العام الأمريكي مايكل دريشر ومكتب هيئة الهجرة والجمارك المحلي. تحدث أحد محاميه معه. إذا قرروا نقله من فيرمونت، فسيتم ذلك مع الوعي الكامل بأمر المحكمة الذي يحظر مثل هذا الإجراء”.

ختامًا، قضية محسن مهداوي تسلط الضوء على التوتر المتزايد بين الحكومة الأمريكية والنشطاء المؤيدين للقضية الفلسطينية في الحرم الجامعي. ومع استمرار النزاع في غزة، من المرجح أن تستمر هذه القضايا في إثارة نقاشات حادة حول حدود النشاط السياسي للمقيمين غير المواطنين في الولايات المتحدة، ودور الجامعات كمساحات للتعبير الحر، والعلاقة المعقدة بين السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !