في خطوة سياسية لافتة، أعلنت السلطات الأردنية مؤخراً حظر جماعة الإخوان المسلمين في البلاد ومصادرة جميع أصولها، في قرار وصف بأنه من أكثر الإجراءات حسماً ضد الجماعة منذ تأسيسها. ويأتي هذا القرار بعد سلسلة من الأحداث الأمنية والسياسية التي ألقت بظلالها على العلاقة بين الدولة والجماعة، والتي تُعد من أقدم وأكبر الحركات الإسلامية في العالم العربي.
تأسست جماعة الإخوان المسلمين في الأردن منذ عقود، وحظيت لفترات طويلة بشرعية قانونية واعتراف رسمي، حيث كانت تعمل في إطار قانوني كمؤسسة خيرية واجتماعية، بالإضافة إلى نشاطها السياسي غير المعلن من خلال ذراعها السياسي “جبهة العمل الإسلامي”. وقد لعبت الجماعة دوراً محورياً في الحياة السياسية الأردنية، وشاركت في الانتخابات البرلمانية، حيث حصلت على عدد من المقاعد البرلمانية، ما جعلها أكبر كتلة معارضة في بعض الدورات البرلمانية.
إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تصاعداً في التوتر بين الجماعة والسلطات، خاصة بعد أحداث الربيع العربي، إذ بدأت الحكومة في فرض قيود متزايدة على نشاط الجماعة، وشهدت العلاقة بين الطرفين توتراً ملحوظاً في ظل اتهامات للجماعة بمحاولة استغلال الأوضاع السياسية لتحقيق مكاسب خاصة، وكذلك وجود تقارير أمنية عن تورط بعض أعضائها في أنشطة غير قانونية.
وجاء القرار الأخير بحظر الجماعة بعد إعلان السلطات عن كشف مخطط تخريبي تورط فيه أعضاء من الجماعة، حيث أشارت الأجهزة الأمنية إلى وجود صلات مباشرة بين بعض المعتقلين وحركات إسلامية خارجية، الأمر الذي اعتبرته الحكومة تهديداً مباشراً للأمن الوطني وتجاوزاً للخطوط الحمراء.
من جانبها، نفت الجماعة أي علاقة تنظيمية لها بالمجموعة المعتقلة، مؤكدة أن أي تصرفات فردية لا تعبر عن سياساتها أو توجهاتها، وأنها ملتزمة بالعمل السلمي والقانوني. إلا أن الحكومة شددت على أن القرار يشمل أيضاً أي كيانات أو أحزاب سياسية تتبنى أيديولوجية الإخوان، في إشارة واضحة إلى مستقبل غامض لجبهة العمل الإسلامي.
وقد أثار القرار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية الأردنية، حيث اعتبره البعض خطوة ضرورية لحماية الأمن والاستقرار، بينما رأى آخرون أنه قد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان السياسي ويغلق الباب أمام الحوار مع المعارضة الإسلامية.
ويأتي هذا التطور في سياق إقليمي يشهد ضغوطاً متزايدة على الحركات الإسلامية في عدد من الدول العربية، حيث تتجه العديد من الحكومات إلى تقليص نفوذ هذه الحركات أو حظرها بشكل كامل، في ظل مخاوف من تأثيراتها على الاستقرار الداخلي والعلاقات الخارجية.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن غامضاً، وسط تساؤلات حول مصير أعضائها ومؤسساتها، واحتمالات ظهور كيانات جديدة تحمل نفس الأفكار تحت مسميات أخرى، أو انتقال النشاط إلى العمل السري، كما حدث في تجارب سابقة في دول أخرى.