أعلن البيت الأبيض، يوم الجمعة، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سينفذ وعده الانتخابي بفرض رسوم جمركية على الواردات الكندية والمكسيكية والصينية، في خطوة تعكس توجهاته الحمائية الرامية إلى تقليص العجز التجاري وتحفيز الإنتاج المحلي.
وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، للصحافيين بأن “الرئيس ترامب سيبدأ غدًا بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات القادمة من المكسيك وكندا، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 10% على المنتجات المستوردة من الصين”، مبررة القرار باتهام الصين بالسماح بإنتاج وتوزيع الفنتانيل غير القانوني، الذي يُعد من أخطر المخدرات المسببة لوفيات الجرعات الزائدة في الولايات المتحدة.
التأثيرات المحتملة لهذا القرار
1. تأثيرات اقتصادية داخلية
يأتي هذا القرار ضمن نهج ترامب الاقتصادي القائم على سياسة “أمريكا أولًا”، والتي تهدف إلى تعزيز التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على السلع المستوردة. ولكن على الرغم من أنه قد يؤدي إلى انتعاش بعض الصناعات الأمريكية، إلا أنه يحمل تداعيات معقدة:
• ارتفاع تكاليف الاستيراد: فرض رسوم جمركية على الواردات يعني أن الشركات الأمريكية التي تعتمد على المواد الخام أو السلع الوسيطة القادمة من هذه الدول ستضطر لدفع أسعار أعلى، مما قد يؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات النهائية على المستهلكين.
• تضخم محتمل: مع ارتفاع أسعار السلع المستوردة، قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل التضخم، ما يضع ضغوطًا على الاقتصاد الأمريكي ويؤثر على القوة الشرائية للمستهلكين.
• تأثيرات على الوظائف: بينما قد تستفيد بعض القطاعات الصناعية من هذه الحماية الجمركية، فإن الشركات التي تعتمد على سلاسل التوريد العالمية قد تلجأ إلى خفض الوظائف لمواجهة التكاليف المتزايدة، مما قد يخلق توازنًا سلبيًا في سوق العمل.
2. تداعيات على العلاقات التجارية الدولية
• احتمال اندلاع حرب تجارية جديدة: من المرجح أن ترد كل من كندا والمكسيك والصين بإجراءات مضادة، مثل فرض رسوم جمركية على المنتجات الأمريكية، مما قد يؤدي إلى تصعيد النزاعات التجارية بين هذه الدول.
• توتر العلاقات مع الحلفاء: فرض رسوم على كندا والمكسيك قد يثير استياء هذين البلدين، خاصة أنهما شريكان رئيسيان في اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (USMCA)، التي تم تحديثها في عهد ترامب نفسه.
• تأثيرات على التجارة العالمية: مثل هذه القرارات تؤدي إلى اضطرابات في الأسواق العالمية وتزيد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين، مما قد يؤثر على تدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات في الولايات المتحدة.
3. تداعيات سياسية وانتخابية
• تعزيز قاعدة ترامب الانتخابية: هذا القرار يتماشى مع الخطاب الشعبوي الذي ينتهجه ترامب، والذي يلقى صدى بين الناخبين الأمريكيين الذين يشعرون بأن العولمة والاتفاقيات التجارية السابقة أضرت بمصالحهم. فرض الرسوم الجمركية قد يُنظر إليه على أنه خطوة جريئة للدفاع عن الاقتصاد الأمريكي.
• مخاطر سياسية: في المقابل، قد يواجه ترامب انتقادات من بعض الأوساط الاقتصادية والشركات الكبرى التي تعتمد على التجارة العالمية، مما قد يؤثر على دعمه بين رجال الأعمال والجمهوريين التقليديين الذين يفضلون سياسات تجارية أكثر انفتاحًا.
4. التأثير على الصين وعلاقاتها مع الولايات المتحدة
• إعادة تشكيل سلاسل التوريد: مع تصاعد القيود التجارية، قد تسعى الشركات الصينية إلى توجيه صادراتها نحو أسواق بديلة، مثل أوروبا وأفريقيا، وتقليل اعتمادها على السوق الأمريكي.
• تدهور العلاقات الدبلوماسية: فرض الرسوم الجمركية تحت ذريعة مكافحة تهريب الفنتانيل قد يُنظر إليه في الصين على أنه ذريعة سياسية تهدف إلى الضغط عليها اقتصاديًا. هذا قد يزيد من توتر العلاقات بين البلدين، خاصة في ظل التنافس المتزايد بينهما على النفوذ العالمي.
رغم أن قرار ترامب بفرض الرسوم الجمركية يهدف إلى تقليص العجز التجاري وتحفيز التصنيع المحلي، إلا أن تأثيراته قد تكون مزدوجة. فمن جهة، قد يمنح بعض القطاعات الصناعية الأمريكية دفعة قوية، لكنه في الوقت ذاته قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، تراجع الوظائف في بعض القطاعات، وتصاعد التوترات التجارية مع أهم شركاء الولايات المتحدة. ويبقى السؤال الأهم: هل سيحقق هذا القرار الأهداف الاقتصادية المرجوة، أم أنه سيفتح الباب أمام مزيد من الاضطرابات في الأسواق والعلاقات الدولية؟