وكالات
سافرت الأميرة ديانا إلى مدينة نيويورك في فبراير (شباط) عام 1989، حيث قامت بأول جولة رسمية منفردة لها في تلك المدينة. وهدف الزيارة، بحسب ما جاء في الموسم الرابع من مسلسل “التاج” The Crown، الذي يُعرض حالياً على “نتفليكس”، كان “الترويج للصناعات البريطانية في الخارج”، وفق ما قالت أنيتا راني (المشاركة في المسلسل)، التي أشارت أيضاً إلى أن “محور الرحلة” كان يفترض أن يتمثل بحفلة ملكية للأوبرا الوطنية الويلزية.
وقبل وصول الأميرة ديانا إلى نيويورك قام الإعلام الأميركي بالتكهن أن برنامجها سوف يكون حافلاً بجولات تسوق، إذ إن الأميرة اشتهرت بكونها أيقونة للأزياء والموضة. غير أن رحلة الثلاثة أيام تلك شكلت علامة فارقة في حياة أميرة ويلز، التي أرادت من خلالها تكريس استقلاليتها من زوجها الأمير تشارلز، و”التحكم بسيرتها”، ونشر الوعي تجاه قضايا عزيزة على قلبها، مثل أزمة “الإيدز”.
كما يظهر في أداء الممثلة إيما كورين، التي تلعب في المسلسل دور الأميرة التي كانت آنذاك بعمر السابعة والعشرين، فقد لاقت رحلة الأميرة ديانا إلى نيويورك نجاحاً عظيماً ورسخت لقبها الذي ستحمله في ما بعد، “أميرة الشعب”.
وهنا ما حصل خلال رحلة الأميرة ديانا إلى مدينة نيويورك:
مع وصولها إلى المدينة حضرت الأميرة حفل كوكتيل نظمته شركة الكشمير الاسكتلندية “داوسون إنترناشيونال” Dawson International. لكن في صباح اليوم التالي، انتقل تركيزها إلى القضايا الاجتماعية، إذ بدأت الأميرة الراحلة يومها ذاك بزيارة مركز “هنري ستريت ساتيلمينت” Henry Street Settlement في “لوير إيست سايد” Lower East Side، وهو مركز يقدم الخدمات الاجتماعية والفنون والرعاية الصحية للمجتمع المحلي.
ووفق ما تقول أنيتا راني فإن قرار ديانا زيارة “المناطق المحرومة في مانهاتن التي يتجاهلها في العادة الأغنياء والمشاهير” جاء مفاجئاً للسكان المحليين في تلك المناطق، الذين “أفرحهم” حضورها.
بعد زيارة قامت بها لمحل ألعاب “فاو شوارتز” FAO Schwarz، حضرت الأميرة ديانا حفل الأوبرا الويلزية في “أكاديمية بروكلين للموسيقى”، مرتدية ثوباً أبيض مطرزاً بالذهب. وبحسب الرئيسة السابقة لـ”أكاديمية بروكلين للموسيقى”، كارين بروكس هوبكينس، فقد لاقى ثوب الأميرة ذاك استحسان الحاضرين، الذين كانوا بمعظمهم يرتدون الأسود.
وعن تلك الأمسية تروي بروكس هوبكينس لمجلة “تاون أند كانتري” Town & Country: “الجميع في الأسود، وتدخل هي بثوبها الأبيض إلى مقصورتها الملكية، التي كنا زيناها بالأخضر وما شابه ذلك. ويصدر صوت كمثل شهقة من وسط الحاضرين، نظراً لجمالها وأناقتها”.
لكن وبحسب أنيتا راني أيضاً، فإن إحدى “أكثر اللحظات تميزاً” في زيارة الأميرة ديانا إلى نيويورك جاءت عندما زارت الأميرة مستشفى هارلم، وقامت بزيارة خاصة لجناح مرضى “الإيدز”.
وخلال تلك الزيارة حادثت الأميرة الأطباء، واحتضنت مصاباً بالإيدز في مقتبل العمر – الأمر الذي حظي بتغطية إيجابية من قبل الإعلام وردود فعل مرحبة من العاملين في المستشفى. وعن تلك الواقعة قالت مارغريت هيغارتي، المديرة السابقة لقسم علاج الإيدز في مستشفى هارلم، ضمن حديث مع صحيفة “ذا نيويورك تايمز”: “لقد فعلت ذلك على نحو عفوي. بيد أنها أصابت الجانب الإنساني أيضاً. كان الفتى بعمر الخامسة أو السادسة، وقد رفعته واحتضنته”.
في المحصلة كانت ردود الفعل تجاه زيارة الأميرة ديانا إلى نيويورك بالغة الإيجابية، حيث راحت حشود الناس تحييها في كل مكان تتواجد فيه، وعناوين الأخبار تعلن نجاح رحلتها وتحيي عطفها. وذكرت أنيتا راني أن “ما برز في عناوين الأخبار تعلق بما أظهرته ديانا على نحو علني من عطف تجاه الأقل حظوة بكثير من العائلة الملكية”. كما أضافت راني أن الزيارة ساهمت في “تجاوز الوصمة المرتبطة بالإيدز، وقادت تصرفات الأميرة إلى ارتفاع ملحوظ في طلبات تبني أطفال مصابين بالـ”أتش آي في” HIV”.
الجدير ذكره هنا أنه وفيما يصور الموسم الأحدث من مسلسل “التاج” على “نتفليكس” الكثير من وقائع زيارة ديانا إلى نيويورك بدقة لافتة، إلا أن الفارق الذي ينبغي ذكره يتمثل بأن المشاهد صورت في الحقيقة بمدينة مانشيستر البريطانية، وليس في نيويورك.