حقق الديموقراطيون فوزا تاريخيا جديدا بعد تمكنهم من الإطاحة بالرئيس الجمهوري المشاكس دونالد ترامب عبر مرشحهم جو بايدن. ويأتي فوزهم في جولة الإعادة على مقعدي ولاية جورجيا في مجلس الشيوخ بطعم مختلف، حيث سيكرس المسار الذي ستسلكه ولاية الرئيس المقبل جو بايدن وتضع في يده جميع مقومات السلطة، فيما يلقي الجمهوريون باللوم على ترامب.
فقد أعلنت شبكات «سي إن إن» و«سي بي إس» و«إن بي سي» أن المرشح الديموقراطي رافاييل وارنوك هزم السيناتورة الجمهورية كيلي لوفلير. وسيدخل وارنوك، القس في كنيسة في أتلانتا، التاريخ إذ سيكون أول سيناتور أسود ينتخب في هذه الولاية الجنوبية ذات التاريخ الإشكالي مع الإرث العنصري للولايات المتحدة.
ووارنوك قس بكنيسة إيبنيزر المعمدانية في أتلانتا والتي كان زعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ يلقي عظاته فيها، وتعهد أمس بأنه يعمل من أجل جميع سكان ولاية جورجيا وذلك بعد تقدمه في نتائج الانتخابات.
وأضاف وارنوك في مقطع فيديو على الإنترنت «أنا فخور بالثقة التي منحتموها لي، وأعدكم بأنني سأذهب إلى مجلس الشيوخ للعمل من أجل جورجيا كلها، أيا كان من أدليتم بأصواتكم له في هذه الانتخابات».
وتابع «قيل لنا إننا لن نستطيع الفوز في الانتخابات. لكن الليلة، أثبتنا أن أي شيء ممكن بالأمل والعمل الجاد ووقوف الناس إلى جانبنا».
وبعد وارنوك، تركز الاهتمام على نتائج الانتخابات للمقعد الثاني الذي احتدمت المنافسة عليه بين السيناتور الجمهوري المنتهية ولايته ديفيد بيردو وخصمه الديموقراطي جون أوسوف.
وكان أوسوف متأكدا من أنه سيحقق مفاجأة بفوزه بفارق ضئيل على بيردو.
وقد أعلن الديموقراطي أوسوف بالفعل فوزه بالمقعد الثاني، مؤكدا أن فوزه سيمنح الرئيس المنتخب السيطرة على المجلس.
وقال أوسوف في بيان نشرته قنوات التلفزيون: «جورجيا، شكرا جزيلا على الثقة التي أوليتها لي. يشرفني دعمكم وتقديركم وثقتكم وأتطلع لخدمتكم».
من جهتها، أعلنت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي فوز المرشحين الديموقراطيين بمقعدي مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا، وأضافت: «الولايات المتحدة سيكون لها مجلسا شيوخ ونواب يقودهما الحزب الديموقراطي ويعملان مع بايدن ونائبته». وسيمثل فوز كلا الديموقراطيين تحولا سياسيا في ولاية سيطر عليها الجمهوريون طوال عقدين.
وأشار مركز إديسون للأبحاث إلى أن وارنوك تقدم على لوفلر بفارق 1.2 نقطة مئوية، أي 54 ألف صوت تقريبا، وأن أوسوف متقدم على بيردو بأكثر من 16 ألف صوت، ما عزز تفاؤل الديموقراطيين في إتمام السيطرة على المجلس والسلطة لتحقيق الأهداف السياسية للرئيس الديموقراطي بايدن.
وبعد تأكيد فوزه، أصبح المرشح الديموقراطي أوسوف، وهو مخرج أفلام وثائقية، أصغر أعضاء مجلس الشيوخ سنا منذ الرئيس بايدن نفسه الذي كان اصغر سيناتور عام 1973، حيث يبلغ أوسوف من العمر 33 عاما.
وهذه النتائج تمثل أيضا نكسة جديدة لدونالد ترامب الذي مازال يرفض الإقرار بهزيمته والذي أدى لجوؤه إلى إطلاق نظريات مؤامرة بشأن تزوير الانتخابات إلى نتائج عكسية إلى حد كبير، وفقا للبعض في معسكره، حيث يعتبرها محللون بمنزلة رفض لترامب في ولاية سيطر عليها لعقود الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه. ونقلت شبكة «سي ان ان» عن غابريل ستيرلينغ مسؤول تطبيق النظام الانتخابي في مكتب سكرتير الولاية الجمهوري، انه في حال خسر الجمهوريون احدا أو كلا المقعدين فإنهم سيلقون باللائمة على عاتق الرئيس ترامب، وما قام به منذ الانتخابات الرئاسية.
وشارك ترامب في الدعاية للمرشحين الجمهوريين، لكن مساعيه طوال شهرين لقلب خسارته في انتخابات الرئاسة بإطلاق مزاعم التزوير الكاذبة خيمت على تأييده لهما حيث كان همه الأكبر إثبات حصول تزوير في النظام الانتخابي، وتضمنت مساعي ترامب في هذا الصدد انتقادات لمسؤولين جمهوريين في الولاية.
وسببت هجمات ترامب على انتخابات الرئاسة التي جرت في نوفمبر انقساما في حزبه وأثارت إدانات من منتقدين اتهموه بتقويض الديموقراطية. وقال غابرييل سترلينغ أحد المسؤولين عن نظام التصويت بولاية جورجيا لقناة «سي إن إن» إنه في حالة فوز الديموقراطيين في الولاية فإن الخسائر «ستنهال على الرئيس ترامب وتصرفاته منذ الثالث من نوفمبر».
وجذب السباقان الحاسمان نحو 4.5 ملايين ناخب، وهو عدد غير مسبوق بالنسبة لجولة إعادة، فضلا عن إنفاق نحو نصف مليار دولار على الدعاية منذ الثالث من نوفمبر إلى جانب زيارة ترامب وبايدن للولاية. وتمكن أكثر من 3 ملايين ناخب، وهو رقم قياسي لانتخابات فرعية لعضوية مجلس الشيوخ في جورجيا، من التصويت مسبقا، أي نحو 40% من الناخبين المسجلين في الولاية.
ومن شأن فوز الديموقراطيين بهذين المقعدين أن يشكل مجلسا منقسما يكون لكل حزب فيه 50 مقعدا، ما يمنح نائبة الرئيس المنتخبة كاملا هاريس التصويت الفاصل بعد توليها منصبها في 20 يناير. ويسيطر الديموقراطيون بالفعل على الأغلبية في مجلس النواب.
لكن حتى لو تمكن الديموقراطيون من الحصول على أغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ، فقد يجدون هم وبايدن صعوبة في تمرير بعض أولوياتهم التشريعية في المجلس، حيث يتطلب إقرار معظم مشروعات القوانين تأييد 60 صوتا على الأقل من أصوات أعضائه الـ 100.
ونجح الديموقراطيون المدفوعون بفوز جو بايدن في الولاية وهو الأول منذ العام 1992، في حشد ناخبيهم، خصوصا الأميركيين من أصل أفريقي، وهو مفتاح أي نصر ديموقراطي.