وكالات/ الحرة
بينما تقطع الرحلة الجوية بين الولايات المتحدة وروسيا مسافة تقارب 9000 كيلومتر، في وقت قد يتجاوز عشر ساعات، يمكن السفر بين البلدين مشيا، وخلال فترة زمنية لا تتعدى الدقائق. كيف؟
أربعة كيلومترات لا غير تفصل بين جزيرتي ديوميد الكبرى والصغرى، وبينما تتبع الأولى للأراضي الروسية، تعتبر ديوميد الصغرى جزءا من أراضي ولاية ألاسكا الأميركية.
ويفصل بين الجزيرتين مضيق “بيرينغ” الواقع في المحيط الهادي بمسافة لا تتعدى بضعة كيلومترات.
يمكن قطعها مشيا
ووفقا لموقع المعلومات التابع لحكومة ولاية ألاسكا، فإن مسافة 3.8 كيلومترات الفاصلة بين الجزيرتين يمكن قطعها مشيا في الشتاء، عندما تتجمد المياه ويختفي الفاصل الطبيعي بين الدولتين.
وعُرف الممر بين البلدين تاريخيا باسم “الستار الجليدي”.
وأتت تسمية الجزيرتين من اسم القديس اليوناني، ديوميد، بعد أن شاهدها البحار الدنماركي الروسي، فيتوس بيرينغ، في يوم عيد القديس عام 1728.
وشارك مغرد صورا على تويتر، تظهر إمكانية رؤية روسيا من الولايات المتحدة، أو كما وصف “آسيا من أميركا” بالعين المجردة.
La Russia vista dagli Stati Uniti (oppure l'Asia vista dall'America) nell'area di minore distanza: meno di 4 Km!https://t.co/hGDvBcFhYt#Border #Russia #USA #Chukotka #Alaska #Diomede #Bering #Диомида #Чукотка #Инупиаты #Inupiaq #Iñupiat @beppefiglie @RandiM20 @haloefekti pic.twitter.com/g7ReMxZhLW
— Gio. Ve. (@Pillandia) March 24, 2019
وتصف ناسا جزيرتي ديوميد الكبرى وديوميد الصغرى بأنها “جزر الأمس والغد”، نظرا لمرور خط التوقيت الدولي بينهما، والذي يفصل تلك المسافة القصيرة بـ21 ساعة.
أقارب من ثقافة مختلفة تماما
ويقطن في الجانب الأميركي من الجزيرتين نحو 115 شخصا. أما الجزيرة الروسية فلا يقطنها سوى عدد من المقيمين غير الدائمين، وتوجد فيها محطة روسية للأرصاد الجوية.
ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية “BBC”، هناك أقارب وعائلات مشتركة بين الجزيرتين، عاشت على أمل استئناف الاتصال في ما بينهما عند انتهاء الحرب الباردة، إلا إن آمالهم كانت بعيدة عن الواقع.
“نعلم أنه لدينا أقارب هناك”، قالت فرانسيس أوزينا لـBBC.
وتابعت أن أبناء “الأجيال الأكبر يموتون، والأمر هو أننا لا نعرف شيئا عن بعضنا البعض. نحن نفقد لغتنا. نتحدث الإنكليزية الآن وهم يتحدثون الروسية. إنه ليس ذنبنا، وليس ذنبهم”.
صفقة “حماقة ستيوارد”
وكانت ألاسكا تحت السيطرة الروسية حتى منتصف القرن التاسع عشر، إلى أن عقدت الولايات المتحدة صفقة مع روسيا، لشراء الولاية عام 1867.
وكانت كل من الولايات المتحدة وروسيا، القيصرية آنذاك، قد عقدتا اتفاقية عُرفت باسم “معاهدة شراء ألاسكا” يوم 28 مايو 1867.
واشترت الولايات المتحدة ألاسكا من روسيا بسعر لم يتجاوز 7.2 مليون دولار آنذاك.
وتم التوقيع على المعاهدة من قبل وزير الخارجية الأميركي، ويليام سيوارد؛ والوزير الروسي في الولايات المتحدة، إدوارد دي ستويكل.
وواجهت الاتفاقية انتقادات شديدة آنذاك، وأطلق عليها منتقدو الصفقة اسم “حماقة سيوارد”، و”صندوق جليد سيوارد”.
وتراجعت الانتقادات لاحقا عندما استخرجت الولايات المتحدة معادن وثروات طبيعية من الولاية، بلغت قيمتها أضعاف قيمة شرائها.
ووفقا للخارجية الأميركية، فقد هدف شراء ألاسكا إلى إنهاء الجهود الروسية للتوسع التجاري والاستيطاني على ساحل المحيط الهادئ لأميركا الشمالية.
وتعتبر الوزارة الصفقة خطوة هامة في صعود الولايات المتحدة كقوة عظمى أمام مناطق آسيا والمحيط الهادي.
طريق بري بين الولايات المتحدة وروسيا
وافق الكرملين في عام 2011 رسميا على إنشاء نفق بطول يقارب 100 كيلومتر بين ألاسكا الأميركية وسيبيريا الروسية، مرورا بالجزيرتين، الأمر الذي شهد دعما من الجانب الأميركي، لكنه لم يرَ النور حتى اليوم.
وفي 1994، اقترح ناشطون إنشاء جسر يربط بين المنطقتين، مرورا بالجزيرتين، الفكرة التي حملت اسم “جسر السلام العابر للقارات” آنذاك.
“مغامرة مثيرة”
وفي عام 1987، نقلت وكالة “أسوشييتد برس” خبرا يفيد باحتجاز السلطات السوفييتية رجلا يدعى لازارو رويز كاسترو، كان قد عبر مشيا إلى من الولايات المتحدة إلى روسيا بشكل غير قانوني.
“كانت مغامرة مثيرة”، قال كاسترو، مضيفا “لكن هدفي كان التعرف على الثقافة السوفييتية، لم أرَ الكثير. كنت في السجن طيلة الوقت، لا أوصي أي أحد بالقيام بذلك”.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” قد نشرت تقريرا عام 1986، يفيد بعبور رجل آخر يدعى جون ويماوث، حمل لقب “المتجول” من الولايات المتحدة إلى روسيا، عبر الممر الجليدي ذاته، حيث قبضت عليه القوات الروسية.
وحاولت الخارجية الأميركية آنذاك إطلاق سراح ويماوث، وتمت إعادته فعلا إلى ديوميد الصغرى على متن مروحية، إلا أنه اختفى ولم يُعرف عنه شيئا بعد ذلك عندما كان من المفترض أن يغادر ألاسكا نحو كاليفورنيا.