في حادثة أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الطبية والقانونية، قامت السلطات الأمريكية بترحيل الطبيبة اللبنانية رشا علوية، أخصائية أمراض الكلى وارتفاع ضغط الدم، فور وصولها إلى مطار لوغان الدولي في بوسطن، على الرغم من امتلاكها تأشيرة عمل صالحة من نوع H-1B. وتأتي هذه الواقعة لتسلط الضوء على السياسات المتشددة التي تنتهجها الولايات المتحدة تجاه المهاجرين والمهنيين الأجانب.
تفاصيل الحادثة
وصلت الدكتورة رشا علوية، البالغة من العمر 35 عامًا، إلى مطار لوغان الدولي مساء الخميس 14 مارس 2025، عائدة من زيارة عائلية إلى لبنان، حيث كانت تزور أسرتها للمرة الأولى منذ ست سنوات. ورغم امتلاكها جميع الوثائق القانونية اللازمة، بما في ذلك تأشيرة H-1B التي حصلت عليها مؤخرًا من القنصلية الأمريكية في بيروت، تم احتجازها من قبل مسؤولي الجمارك وحماية الحدود (CBP) فور وصولها.
وفقًا لشهادة زميلتها الدكتورة بسمة مرعي، كان آخر تواصل مع الدكتورة علوية عبارة عن رسالة نصية أرسلتها عند وصولها تقول فيها: “وصلت للتو – كل شيء جيد”. لكن بعد ذلك بوقت قصير، تم احتجازها ومصادرة هاتفها المحمول. ولم تُمنح الفرصة للتواصل مع محامٍ أو زملاء عملها.
الإجراءات القانونية ومحاولات التدخل
في أعقاب احتجازها، قام محامو الدكتورة علوية بتقديم التماس طارئ إلى محكمة فيدرالية في ولاية ماساتشوستس. وأصدر القاضي الفيدرالي **ليو سوركين** أمرًا يمنع ترحيلها خارج الولاية دون إخطار المحكمة مسبقًا بـ48 ساعة. ومع ذلك، أفادت صحيفة “بوسطن غلوب” أن سلطات الهجرة كانت قد رحّلتها بالفعل على متن رحلة متجهة إلى باريس قبل استلام الأمر القضائي.
وأكد المحامي **توماس إس. براون**، الذي يمثل الدكتورة علوية، أن جميع وثائقها كانت سليمة وقانونية. وأضاف: “ما حدث هو انتهاك واضح لحقوق موكلتي وإجراء غير مبرر قانونيًا”.
خلفيتها المهنية وتأثير الحادثة
الدكتورة رشا علوية طبيبة بارزة في مجال أمراض الكلى وزراعة الأعضاء. حصلت على شهادة الطب من الجامعة الأمريكية في بيروت وأكملت تدريبها المتخصص في الولايات المتحدة. تشمل مسيرتها المهنية زمالة في أمراض الكلى وزمالة أخرى في زراعة الأعضاء بجامعة واشنطن، بالإضافة إلى إتمام إقامتها الطبية ضمن شبكة مستشفيات جامعة ييل. وفي يوليو 2024، انضمت إلى قسم أمراض الكلى وارتفاع ضغط الدم التابع لـ Brown Medicine في ولاية رود آيلاند كأستاذة مساعدة.
زملاؤها في جامعة براون أعربوا عن صدمتهم وغضبهم مما حدث. ووصف الدكتور **جورج بايليس**، أحد زملائها، الحادثة بأنها “خسارة فادحة للمرضى والمجتمع الطبي”، مضيفًا: “الدكتورة علوية ليست فقط طبيبة بارعة بل أيضًا شخص ملتزم بخدمة مرضاها”.
سياق الحادثة وسياسات الهجرة
تأتي هذه الواقعة وسط تصاعد الجدل حول سياسات الهجرة الأمريكية المشددة التي تستهدف حتى المهنيين ذوي المهارات العالية الذين يحملون تأشيرات قانونية. وصرح المحامي براون قائلاً: “هذه الحادثة ليست معزولة بل تعكس نمطًا مقلقًا من التضييق على المهاجرين والمهنيين الأجانب”.
وأضاف أن هذه السياسات لا تؤثر فقط على الأفراد بل تلحق ضررًا بالمؤسسات الأكاديمية والطبية التي تعتمد على الكفاءات الأجنبية لسد النقص الكبير في بعض التخصصات الحيوية.
ردود الفعل والتحقيقات الجارية
أثارت الحادثة موجة من الغضب والاستياء بين الأوساط الطبية والقانونية. وطالب العديد من زملاء الدكتورة علوية بإجراء تحقيق شفاف لمعرفة الأسباب التي دفعت السلطات لاتخاذ هذا الإجراء التعسفي بحق طبيبة تحمل جميع الوثائق القانونية اللازمة.
حتى الآن، لم تصدر السلطات الأمريكية أي تعليق رسمي يوضح أسباب احتجاز وترحيل الدكتورة علوية. ولا تزال القضية قيد المتابعة القانونية من قبل فريق الدفاع الخاص بها.
إن ترحيل الدكتورة رشا علوية رغم امتلاكها تأشيرة عمل صالحة يثير تساؤلات جدية حول تطبيق القوانين والإجراءات المتعلقة بالهجرة في الولايات المتحدة. وبينما يستمر الجدل حول هذه القضية، يبقى التساؤل الأكبر: كيف يمكن أن تؤثر مثل هذه السياسات على استقطاب الكفاءات الأجنبية التي تلعب دورًا حيويًا في القطاعات الطبية والأكاديمية؟
Sources