المناظرة الأولى لرئاسة بلدية نيويورك: ممداني يواجه كوكبة من التحديات من كومو وسليوا

تتجه أنظار مدينة نيويورك والساحة السياسية الأمريكية مساء اليوم الخميس إلى المناظرة الأولى والحاسمة في سباق رئاسة البلدية، حيث يجد المرشح الديمقراطي الأوفر حظاً، زهران مامداني، نفسه في مواجهة خصمين عنيدين هما الحاكم السابق أندرو كومو، الذي يخوض السباق كمستقل، والمرشح الجمهوري كيرتس سليوا. تمثل هذه المواجهة، التي ستقام في مركز روكفلر في تمام الساعة السابعة مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، لحظة محورية قد تحدد مسار واحدة من أكثر الانتخابات المحلية إثارة للجدل في تاريخ المدينة الحديث.

يدخل مامداني، الاشتراكي الديمقراطي البالغ من العمر 33 عاماً، المناظرة وهو في موقف قوة نسبية، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تقدمه على منافسيه. لكن هذا الموقف يجعله أيضاً الهدف الرئيسي لهجمات كومو وسليوا، اللذين يسعيان بكل قوة لوقف زخمه المتصاعد. يتمثل التحدي الأكبر لمامداني في الصمود أمام ساعتين من الهجوم الشرس مع الحفاظ على صورته كقائد شاب يتمتع برؤية متفائلة وساحرة، وهي السمة التي ميزت حملته حتى الآن.

استراتيجيات المرشحين وخلفياتهم

تتباين استراتيجيات المرشحين الثلاثة بشكل كبير، مما يعكس خلفياتهم وأهدافهم المتباينة في هذا السباق الانتخابي الفريد الذي تشكل بعد انسحاب العمدة الحالي إريك آدامز من السباق على خلفية قضية فساد فيدرالية تم رفضها لاحقاً.

بالنسبة لأندرو كومو، تمثل هذه المناظرة إحدى الفرص الأخيرة لإنقاذ محاولته الجريئة للعودة إلى الحياة السياسية بعد أربع سنوات من استقالته من منصب حاكم نيويورك وسط سلسلة من اتهامات التحرش الجنسي. يسعى كومو إلى توظيف خبرته الإدارية الطويلة لتقديم نفسه كـ “مدير كفؤ” قادر على التعامل مع بيروقراطية المدينة المعقدة وشؤونها المالية، وفي المقابل، يصور مامداني على أنه “قائد خطير” قد يقود المدينة إلى الخراب المالي والاجتماعي. يعتمد نجاح كومو على قدرته على إقناع الناخبين بأن اختيار مامداني سيكون خطأً فادحاً.

من جانبه، يأمل كيرتس سليوا، مؤسس منظمة “الحراس الملائكة” لمكافحة الجريمة، في تحقيق مفاجأة كبرى في مدينة ذات أغلبية ديمقراطية ساحقة. تعتمد استراتيجيته على انقسام أصوات الديمقراطيين بين مامدani وكومو، بينما يعمل هو على حشد أصوات الجمهوريين والناخبين الوسطيين. يسعى سليوا إلى إثبات أنه مرشح جاد يتجاوز صورته كشخصية غريبة الأطوار، مع التركيز على رسالته الأساسية المتعلقة بالسلامة العامة.

التدخل الوطني والقضايا الشائكة

لم يعد سباق رئاسة بلدية نيويورك شأناً محلياً بحتاً، فقد تحول إلى قضية وطنية بفضل الصعود السريع لمامداني. استغل الجمهوريون، وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترامب، هذا الصعود لمحاولة جعل مامدani وجهاً للحزب الديمقراطي بأكمله، حيث وصفوه بأنه “شيوعي” و”معاد للسامية” و”خطير”. ووصل الأمر بترامب إلى التهديد باعتقال مامدani وترحيله (رغم كونه مواطناً أمريكياً متجنساً) أو حتى السيطرة على المدينة في حال فوزه.

يواجه مامدani ضغوطاً للتنصل من بعض مواقفه السابقة التي أثارت الجدل، بما في ذلك وصفه لشرطة نيويورك بأنها «تهديد كبير للسلامة العامة»، ورفضه خلال الانتخابات التمهيدية الديمقراطية التبرؤ من استخدام عبارة «عولمة الانتفاضة»، التي يعتبرها الكثير من اليهود دعوة للعنف. وفي حين أن خطابه الشعبوي الاقتصادي، الذي يركز على خفض تكلفة المعيشة الباهظة في المدينة من خلال زيادة دور الحكومة في دعم الطبقتين الدنيا والوسطى، قد أكسبه شعبية واسعة، إلا أن دعواته لزيادة الضرائب على الأثرياء وانتقاداته الشديدة لإسرائيل أثارت قلق بعض الناخبين الوسطيين والمحافظين.

تظهر استطلاعات الرأي التي أجرتها جامعة كوينيبياك في أوائل أكتوبر أن مامدani لا يزال يحتفظ بتقدمه على كومو، حتى بعد خروج آدامز من السباق. ومع اقتراب موعد الانتخابات، ستكون هذه المناظرة، والمناظرة النهائية الأسبوع المقبل، بمثابة اختبار حقيقي لقدرة كل مرشح على حشد الدعم وتحديد مستقبل واحدة من أهم مدن العالم.