الولايات المتحدة

الولايات المتحدة تتجه نحو سياسة ترحيل جديدة ومثيرة للجدل: إرسال المهاجرين إلى دول أفريقية

في تصعيد جذري لسياساتها المتعلقة بالهجرة، تستكشف إدارة ترامب إمكانية ترحيل المهاجرين ليس إلى بلدانهم الأصلية، بل إلى دول ثالثة في أفريقيا وافقت على استقبالهم. هذه السياسة، التي بدأت بالفعل على نطاق صغير، تمثل خروجًا كبيرًا عن الأعراف الدولية والقانون الأمريكي، وتثير أسئلة قانونية وأخلاقية عميقة حول مصير المهاجرين وحقوقهم.

هذه الاستراتيجية الجديدة، المعروفة باسم “ترحيل الدولة الثالثة”، توسع نطاق برنامج كان يطبق سابقًا مع بعض دول أمريكا اللاتينية. الآن، يبدو أن أفريقيا هي الجبهة الجديدة لهذه السياسة، حيث تجري الإدارة الأمريكية محادثات دبلوماسية مع عدد من الحكومات الأفريقية لإبرام اتفاقيات بهذا الشأن.

ما هي سياسة “ترحيل الدولة الثالثة”؟

تقليديًا، عندما تقرر الولايات المتحدة ترحيل شخص ما، فإنها تعيده إلى بلده الأصلي. لكن سياسة “ترحيل الدولة الثالثة” تغير هذه المعادلة. بموجب هذا النهج، يتم إرسال المهاجرين إلى بلد ليس لديهم أي صلة به، ولكنه وافق على استقبالهم بموجب اتفاق مع الولايات المتحدة. المبرر الرسمي الذي تقدمه الإدارة هو أن هذا الإجراء ضروري للتعامل مع الأفراد الذين يشكلون “تهديدًا كبيرًا للسلامة العامة أو الأمن القومي” وترفض بلدانهم الأصلية استقبالهم.

الدول الأفريقية المعنية وردود الفعل

كشفت التقارير الإخبارية عن تورط عدة دول أفريقية بدرجات متفاوتة:

  • جنوب السودان: هي الدولة الأفريقية الوحيدة حتى الآن التي قبلت بالفعل مرحلين بموجب هذا البرنامج. استقبلت البلاد ثمانية أشخاص لديهم إدانات جنائية، واحد منهم فقط كان من مواطني جنوب السودان. أثارت هذه الخطوة انتقادات من المجتمع المدني في جنوب السودان، حيث قال أحد القادة البارزين: «جنوب السودان ليس مكبًا للمجرمين».
  • رواندا: أكد وزير خارجيتها أن محادثات جارية مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق محتمل لاستضافة المهاجرين المرحلين، دون تقديم تفاصيل.
  • نيجيريا: رفضت بشكل قاطع ما وصفته بالضغوط الأمريكية لقبول مرحلين من دول ثالثة، مشيرة إلى أن لديها ما يكفي من المشاكل الخاصة بها.
  • دول غرب أفريقيا الأخرى: ناقش الرئيس ترامب موضوع الهجرة مع قادة ليبيريا والسنغال وغينيا بيساو وموريتانيا والغابون، بما في ذلك إمكانية قبولهم لمرحلين من دول ثالثة.

الدوافع والتداعيات

يتساءل الخبراء عن سبب موافقة بعض الدول الأفريقية على مثل هذه الاتفاقيات المثيرة للجدل. يرى البعض أن هذه الدول قد تسعى لكسب ود إدارة ترامب في مفاوضات أخرى، مثل تجنب الرسوم الجمركية الأمريكية، أو الحماية من تخفيضات المساعدات الأمريكية، أو رفع قيود التأشيرات التي فُرضت على العديد من الدول الأفريقية.

من ناحية أخرى، تثير هذه السياسة مخاوف جدية لدى جماعات حقوق الإنسان. فهي قد تحرم المهاجرين من حقهم في الإجراءات القانونية الواجبة، وتضعهم في بلدان قد لا تكون آمنة أو لا تملك الموارد الكافية للتعامل معهم. كما أنها تضع سابقة عالمية خطيرة، حيث يمكن للدول الغنية أن “تستعين بمصادر خارجية” لإدارة التزاماتها تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء، وتحويل العبء إلى دول أقل نموًا.

صرح توم هومان، المسؤول البارز في سياسة الحدود بالإدارة، بأنهم يأملون في إبرام صفقات مع “العديد من البلدان”، مؤكدًا: «إذا كان هناك تهديد كبير للسلامة العامة أو الأمن القومي – هناك شيء واحد مؤكد – فلن يتجولوا في شوارع هذا البلد. سنجد دولة ثالثة آمنة لإرسالهم إليها، ونحن نفعل ذلك». هذا التصريح يؤكد أن هذه السياسة ليست مجرد فكرة عابرة، بل هي عنصر أساسي في استراتيجية الإدارة لتشديد الرقابة على الهجرة بكل الوسائل الممكنة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !