تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية العديد من المزارع المخصصة لتربية الدواجن وإنتاج البيض في مواقع سرية منتشرة عبر كافة أراضيها، وترصد البلاد من ميزانيتها الاتحادية السنوية مبالغ طائلة لتوفير أشد درجات الحماية الأمنية لهذه المزارع.
وبحسب تقرير نشرته شبكة «سي إن إن» الأمريكية، فالهدف من هذه الحماية المشددة ليس تأمين البيض كغذاء في حد ذاته بالطبع، وإنما لاستخدامه في تطوير لقاحات مضادة للإنفلونزا.
ويرجع تاريخ استخدام بيض الدجاج في تصنيع اللقاحات المضادة للفيروسات إلى ثلاثينيات القرن الماضي. وكان قصب السبق في هذا المجال من نصيب الانجليز الذين أجروا أول تجربة للقاح مستخرج من بيض الدجاج في عام 1937، وكانت التجربة على جنود في الجيش البريطاني.
وأجرى الباحثون في إنجلترا التجارب الأولى على قواتهم المسلحة في عام 1937، وفي العام التالي وجدت الولايات المتحدة أنها يمكن أن تحمي جيشها باستخدام لقاح الإنفلونزا، ويجري تصنيع اللقاح من خلال حقن بيض دجاج مخصب بالفيروس المطلوب علاجه، حيث يتكاثر لبضعة أيام، تماماً كما يفعل داخل البشر.
ويقوم العلماء بتجميع السائل الذي يحتوي على الفيروس من البيضة، ثم يجروا عملية تثبيط للفيروس، أي افقاده فعاليته، ثم يقوموا بتنقيته لتخليق اللقاح الذي يحفز الجهاز المناعي للمريض على الاستجابة، وبالتالي، مقاومة الفيروس حتى مرحلة العلاج.
وتأمل الولايات المتحدة باستغلال آلية تطوير اللقاحات من بيض الدجاج في انتاج لقاحات مضادة لفيروس «كورونا» الذي صار وباءً حالياً.
إلا أن الأطباء ليسوا متفائلين بنجاح هذه الفكرة، وذلك لعدة أسباب، منها أن الآلية تستغرق 6 أشهر كي يصبح اللقاح جاهزاً للاستخدام في مواجهة فيروس «كورونا»، وهي فترة طويلة للغاية في ضوء الانتشار المتسارع للفيروس، فضلاً عن قدرته الهائلة على التطور والتحول، ما يعني أن اللقاح الذي جرى تحضيره في ستة أشهر قد يصبح عديم الفاعلية عند خروجه إلى حيز الاستخدام.
وعلاوة على ما سبق، فثمة أسباب أخرى تتعلق بطبيعة تركيب «كورونا» تجعل استخدام البيض في تطوير لقاحات مضادة له ليس هو الحل.
ويقول د. جون نيكولز، أستاذ علم الأمراض السريرية بجامعة هونج كونج: «لن يستطيع فيروس «كورونا» التكاثر داخل البيض على نفس النحو الذي يتكاثر به فيروس الانفلونزا، وذلك بسبب اختلاف الخصائص بين الفيروسين»