لاشك أن الاضطرابات المشتعلة في الولايات المتحدة الأمريكية ليست ستغير الكثير، وأن جريمة قتل جورج فلويد على يد ضابط شرطة أبيض ليست الأولى ضد الأمريكان السود.. والتي يبدو أن تصريحات ترامب تناصرها.. فهل سيحكم ترامب أمريكا مجددا؟
قال الدكتور ماك شرقاوي الحقوقي الأمريكي وخبير العلاقات الدولية، في حوار مع وكالة «سبوتيك»، لا شك إن ما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية الآن من مظاهرات واضطرابات وأحداث عنف نتيجة قتل شرطي أبيض لمواطن أمريكي من أصول إفريقية وهو “جورج فلويد” أثناء القبض عليه بمساعدة ثلاث ضباط آخرين، تلك الواقعة ليست وليدة اللحظة وإنما هى متراكمة خلال العقود الماضية.
وأضاف الحقوقي الأمريكي ، واقعة قتل شرطي أبيض لرجل أسود ليست الوحيدة بالنسبة لجورج فلويد، حيث تحتل واقعة فلويد الرقم 11 بين تلك الوقائع، فالأمر أصبح بالفعل مثير للاستغراب وأيضا مثير للغضب، وهو ما دفع الأمريكان السود وبعض الأمريكان البيض والعديد من الأقليات للخروج إلى الشارع في مظاهرات سلمية في البداية إلا للتعبير عن غضبهم لما حدث.
وتابع شرقاوي، ما ظهر في الفيديو الذي ظهر لتلك الواقعة، أن فلويد لم يقاوم الاعتقال وامتثل لضابط الشرطة، ومع ذلك كان الضابط الأبيض يمارس أقسى درجات السادية من وجهة نظري ضد فلويد، حيث يجثم الضابط بركبته على رقبة فلويد ويضع وجهه في الأرض في امتهان لكرامة فلويد، وهذا عمل من أعمال السادية، ويظهر الفيديو الضابط وهو يضع يده في جيبه أثناء تلك الحادثة كدليل على الاستمتاع بما يحدث وهو يعلم جيدا أن المشهد مصور، وجورج فلويد توفي في مكان الجريمة وليس كما أعلن أن الوفاة كانت بالمستشفى.
وأشار الحقوقي إلى أن مثل هذه الأمور لا شك أنها تثير الشعب الأمريكي وخاصة من هم من أصول إفريقية أو الأمريكان السود وخرجت الاحتجاجات والتظاهرات والتي صاحب بعضها أعمال عنف لليوم الرابع على التوالي وانضم للمظاهرات الشرعية بالتأكيد “الغوغاء والدهماء” وبدات عمليات إشعال الحرائق والنهب والسرقة في أكثر من 30 مدينة أمريكية.
وقال شرقاوي، أعتقد أن من انضموا للتظاهرات الشعبية هم فرقتين، الفرقة الأولي من البيض المتعصبين للولايات المتحدة الأمريكية، وهؤلاء يرغبون في اشعال الموقف أكثر، والفرقة الأخرى قد تكون لجهات دولية من مصلحتها إثارة القلاقل في أمريكا وإحداث حالة من عدم الاستقرار، وبكل تأكيد هذا الأمر سوف يؤثر على فرص فوز الرئيس ترامب في الانتخابات القادمة.
وأكد شرقاوي أن الرئيس ترامب دائما ما يضع نفسه في الجانب الخاطئ من الصورة، ونجد أن تصريحاته كانت مستفزة بالنسبة للمتظاهرين، ومطالبته بإصدار أحكام مشددة بالسجن على المعتدين على الممتلكات والأفراد من المتظاهرين، وأيضا تصريحاته المتكررة بأن أمريكا تحب السود، ما يعني ضمنا أن أمريكا من البيض، فهو يرسخ دائما أنه رئيس للبيض وليس لكل الأمريكيين وتلك التصريحات المتكررة تعني ترسيخ للعنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما اجتمع في بداية حكمه مع قادة الشرطة في الولايات المتحدة الأمريكية طالبهم بالشدة والقسوة مع المتهمين وهذا يجب أن يتغير ويتم التعامل بعنف معهم”، ولا شك أن تصريحات ترامب هذه تعطي رجال الشرطة من المتعصبين إحساس بالحماية.
وتابع الحقوقي الأمريكي، تصريحات وأفعال ترامب الكثير منها مثير للاستفزاز، فعندما حكم على شرطي في ولاية أريزونا بالحبس لمدة 6 أشهر لأنه لم يمتثل لأمر المحكمة التي طالبته بعدم التوقيف العنصري للناس في الولاية، فأصدر ترامب عفوا عنه، وتلك كانت رسالة لضباط الشرطة بأن من يدان منهم من جانب القضاء على جرائم عنصرية ارتكبوها ضد الأقليات، أنني سأكون الضامن لحريتكم والعفو عنكم، وهناك رسائل عديدة في هذا الشأن، ففي أحداث ولاية فرجينيا في أغسطس/أب 2018 عندما اعترضت عدة فئات في مظاهرة كبرى على إزالة تماثيل رموز الكونفدرالية، وهي المرحلة التي كان فيها استعباد السود من جانب الولايات المتحدة، ونتج عن تلك المواجهات وفاة سيدة وإصابة 19 نتيجة دهسهم بسيارة أحد المتعصبين البيض، فما كان من الرئيس ترامب إلا أن قال “كلا الجانبين فيهم الكثير من الطيبين والأخيار” بمعنى أنه وصف المتعصبين البيض المعروفين بعنصريتهم ضد السود أنهم طيبين.
وأخيار، وعندما تحدث ترامب أيضا عن الهجرة قال صراحة أنه لا يريد مهاجرين من إفريقيا ووصف القارة بتعبير مقزز، ترامب يحيي شعار “دعنا نجعل أمريكا بيضاء مرة أخرى”.
وأكد شرقاوي على أن الرئيس ترامب بكل تأكيد سوف يتأثر بتلك الأحداث والتصريحات، مالم يتم التدخل من العقلاء لوقف هذه العمليات والجلوس مع العناصر المؤثرة من المتظاهرين، وأن يترك الأمور تسير بشفافية، فعندما يقدم الضابط قاتل فلويد للمحكمة على أن الجريمة قتل من الدرجة الثالثة “القتل الخطأ” أعتقد أن هذا ما أثار حفيظة المتظاهرين، فلابد من تعديل الاتهام ليكون “قتل من الدرجة الثانية” لأن هناك تعمد من الضابط، وأيضا يجب توجيه الاتهامات للضابطين الأخرين المشاركين في الجريمة، وأيضا الضابط الرابع الذي كان يراقب الموقف ولم يتخذ أي إجراء لإنقاذ حياة جورج فلويد، بل كان يحاول أن يمنع الناس من التصوير ومنعهم من التدخل لحماية فلويد”.
ونفى جو معكرون الباحث السياسي بالمركز العربي لنزاعات الشرق الأوسط بواشنطن، لا علاقة لترامب بشكل مباشر بقتل جورج فلويد، لكنه دخل على الخط لاستغلال الأزمة في محاولة لصرف الأنظار عن التحديات التي تواجه إدارته، جعلته في قلب هذه القضية المستجدة.
وقال الباحث السياسي ، “خطاب ترامب يغذي هذا الانقسام العرقي بدلا من أن يداوي هذا الأمر، وذلك في محاولة لتحشيد قاعدته الانتخابية.
وأشار معكرون إلى أنه، ليس واضحا بعد كيف ستؤثر هذه الاحتجاجات على فرص ترامب للفوز بولاية ثانية، لكن كل المؤشرات تدل على أنه يخسر بين الجمهوريين المعتدلين والمستقلين نتيجة تعامله مع “كورونا” ومع مقتل فلويد، لكن تزداد في المقابل شعبيته بين قاعدته الانتخابية، وسيبقى التحدي أمام ترامب نسبة إقبال على الاقتراع في يوم الانتخاب في نوفمبر المقبل.
أشعل متظاهرون بعض الحرائق بالقرب من البيت الأبيض، اليوم الاثنين، احتجاجا على مقتل المواطن الأمريكي من أصل أفريقي، جورج فلويد، على يد الشرطة في ولاية مينيسوتا.
وقام المتظاهرون بتكديس لافتات الطرق والحواجز البلاستيكية وأشعلوا النار في وسط شارع “إتش”.
فيما سحب بعضهم علما أمريكيا من مبنى مجاور وألقوا به في الحريق، كما قام آخرون بإلقاء فروع أشجار داخل النيران، وفقا لوكالة أسوشيتد برس.
كما تم استدعاء جميع عناصر الحرس الوطني الخاص بالعاصمة واشنطن والمقدر عددهم بـنحو 1200 جندي.
ويظهر مقطع فيديو متداول على موقع تويتر، متظاهرين يقفون في حديقة قرب البيت الأبيض ويشعلون عدة حرائق، بينما تقوم الشرطة بإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع.
وأيضا قام المتظاهرون بإحراق عدد من السيارات في مناطق محيطة بالبيت الأبيض.
وظهر في أحد الفيديوهات رجل يرتدي ملابس شخصية “بات مان” السينمائية الشهيرة بينما يقوم المتظاهرون بالهتاف له وسط تصاعد الدخان من الحرائق المشتعلة.
كانت عمدة العاصمة الأمريكية واشنطن، موريل باوزر، فرضت حظر تجول على مستوى المدينة من الساعة 11 مساء إلى السادسة صباحا “بالتوقيت المحلي”، فضلا عن استدعائها للحرس الوطني لدعم الشرطة، وذلك بعد أن شهدت العاصمة احتجاجات حاشدة وأعمال تخريب ونهب لليوم الثاني على التوالي ليل السبت.
ومع تصاعد التوتر في كثير من أنحاء البلاد أعلن الرئيس الأمريكي عن استعداد قوات الجيش للتدخل سريعا لردع الاضطرابات المصحوبة بأعمال عنف تجاه المتظاهرين.
ودعا ترامب السلطات المحلية في الولايات إلى أن تكون أكثر صرامة في التعامل معهم، مهددا باستخدام “القوة العسكرية غير المحدودة” في حال اقتضت الضرورة ذلك.
توفي فلويد (46 عاما) يوم الاثنين الماضي، بعد القبض عليه من قبل شرطة مينيابوليس، وازداد الغضب العام بعد ظهور مقطع فيديو يظهر ضابطا يجثو على عنقه.