المصدر: سي إن إن + الحرة
محاكمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي انتهت “افتراضيا” يوم الجمعة بعد التصويت لصالح عدم استدعاء شهود، يمكن أن تترك بعض التداعيات على المشهد السياسي العام في الولايات المتحدة خلال السنوات القادمة أو “علامات دائمة” بحسب وصف صحيفة وول ستريت جورنال.
شبكة “سي أن أن” قالت في تقرير إن نتائج هذه المحاكمة (يتوقع أن تنتهي بتبرئة للرئيس) “سوف يتردد صداها لسنوات وفي العصور السياسية المقبلة”.
فما هي أبرز الانعكاسات والتداعيات إذا تمت تبرئة ترامب في مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون والذين صوتوا لصالح عدم استدعاء الشهود، وهو ما كان مطلبا ديمقراطيا وكان يمكن أن يغير مسار المحاكمة، أو على الأقل كان سيستمع أعضاء الكونغرس والرأي العام لشهادات أشخاص خدموا في إدارته، وأبرزهم مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون.
“حزب ترامب”
تقول صحيفة وول ستريت جورنال إن أعضاء الحزب الجمهوري كانوا ينظرون بريبة إلى الرئيس بعد فوزه غير المتوقع في سباق انتخابي ضد هيلاري كلينتون الأوفر حظا، وظل ترامب “يسخر” من أعضاء الحزب لفترة طويلة، ثم تغير المشهد وأصبح يشيد بدعمهم له خلال المحاكمة. تقارب الطرفان أكثر من أي وقت مضى وأصبح الحزب الجمهوري الآن هو “حزب ترامب”، بحسب وصف وول ستريت جورنال.
استقطاب حاد
أظهرت هذه المحاكمة حالة الاستقطاب الحادة بين الحزبين الغريمين، فعلى عكس محاكمتين سابقتين لريتشارد نيسكون وبيل كلينتون، لم يظهر الحزبان أي نوع من الأرضية المشتركة، وقد ظهر ذلك واضحا خلال توقيع ترامب لاتفاقية التجارة الحرة مع كندا والمكسيك والتي لم يحضرها أعضاء ديمقراطيون.
الاستقطاب الحاد بات أيضا واضحا في التصريحات المتكررة لترامب من تعرضه لعملية “احتيال” ووصفه المحاكمة بأنها “مزحة” وغيرها من الأوصاف، والمعارك المتبادلة مع كبار القادة الديمقراطيين، خاصة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.
الرئيس أكثر قوة
تقول وول ستريت جورنال إن السلطة التنفيذية المتمثلة في سلطة الرئيس أصبحت أكثر نفوذا وقوة على حساب السلطة التشريعية. خلال الفترة الماضية، أصدر الرئيس قرارات تتعلق بالحرب والهجرة دون الرجوع للكونغرس، وتمكن من مقاومة اتهامه خلال المحاكمة بحجب مساعدات عن أوكرانيا “بشكل غير شرعي”، ورفض محاولات متكررة من الكونغرس لاستدعاء شهود، وزعم محاموه أن ما قام به “خطأ” لكن تصرفه “لا يدعو للعزل” وهو ما وضع سابقة لأي محاكمة مستقبلية.
تقول شبكة “سي أن أن” إن هذه السابقة يمكن أن تمكن الرؤساء المستقبلين من الإفلات من محاكمات مماثلة.
وقالت إن الرؤساء السابقين بدءا بريغان ومرورا ببوش الابن وأوباما تعرضوا لانتقادات “بسبب تجاوزهم السلطة التنفيذية في قضايا مثل السياسات النقابية وتدابير مكافحة الإرهاب والهجرة، لكنهم لم يظهروا أي نوع من هذه القبضة الجريئة على السلطة مثل ترامب”.
حظوظ انتخابية
سي أن أن قالت إن انتخابات الرئاسة في نوفمبر ستظهر ما إذا كان الناخب الأميركي سيعاقب الجمهوريين على حماية الرئيس أو الديمقراطيين على محاكمته، ويعول الديمقراطيون على الولايات المتأرجحة التي قد تصوت ضده، خاصة أصوات المعتدلين الذين يعارضون الرئيس والذين يمكن تعبئتهم بسهولة، لكنهم أيضا يشعرون بالقلق من أن يكونوا قد عززوا شعبيته وسط مؤيديه، فبحسب وول ستريت جورنال لم تؤد المحاكمة إلى فقدان ترامب لقاعدة مؤيديه أيضا.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن شعبية الرئيس لم تتأثر كثيرا بعد محاكمته، فمعدل الرضا عن أدائه مع بدء إجراءات العزل في أكتوبر كانت 91 في المئة بين الجمهوريين و38 في المئة بين المستقلين، بحسب استطلاع لشبكة “أن بي سي” و”وول ستريت جورنال”، وهذه الأرقام لم تتغير في ديسمبر، هذا الأمر يعني أن محاكمة الرئيس لم تؤثر على شعبيته كثيرا، خاصة أنه بذل جهودا في الحفاظ على وعوده فيما يتعلق بالقضايا التي تهمهم مثل حمل السلاح والهجرة والسياسة الخارجية.
وربما يكون الجمهوريون الذين يخوضون أيضا انتخابات التجديد النصفي للكونغرس هذا العام ولا يريدون خسارة قاعدة ترامب الانتخابية، قد تعلموا من دروس التاريخ الذي يذكر أن الجمهوريين بعد أن وقفوا ضد الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون خلال محاكمته عام 1974، خسروا انتخابات التجديد النصفي في ذلك العام، وهو ما يعني أن الجمهوريين يعلمون أن التخلي عن الرئيس المنتمي للحزب قد لا يضمن لهم الفوز في الانتخابات، والأمر أيضا كذلك حتى لو كان الرئيس ينتمي للحزب الآخر (الديمقراطي)، وحدث ذلك خلال محاكمة كلينتون، عندما وقفوا ضده وخسروا أيضا في انتخابات ذلك العام.