نيويورك اليوم

بعد 30 عاماً في السجن: تبرئة رجلين في قضية قتل عام 1994 بنيويورك بعد ظهور أدلة حمض نووي جديدة

في تطور قضائي دراماتيكي يجسد مأساة الإدانات الخاطئة في النظام العدلي الأمريكي، تمت تبرئة رجلين، تشارلز كولينز وبريان بولز، يوم الخميس بشكل كامل بعد أن أمضيا عقوداً في السجن لجريمة قتل لم يرتكباها. ألغت قاضية في مانهاتن إدانتهما في قضية مقتل جيمس ريد، وهو رجل مسن يبلغ من العمر 85 عاماً، في شقته بحي هارلم عام 1994، وذلك بعد أن كشفت إعادة تحقيق مشتركة بين مكتب المدعي العام في مانهاتن ومشروع البراءة (Innocence Project) عن أدلة جديدة دامغة تثبت براءتهما.

كان كولينز وبولز في السابعة عشرة من عمرهما فقط عندما تم القبض عليهما. أدين بولز بجريمة القتل بعد محاكمة، بينما قبل كولينز صفقة إقرار بالذنب خوفاً من مواجهة نفس المصير. قضى بولز 30 عاماً في السجن قبل إطلاق سراحه المشروط العام الماضي، بينما قضى كولينز 23 عاماً وأُطلق سراحه المشروط في عام 2017. على الرغم من حريتهما المشروطة، ظل شبح الإدانة يطاردهما حتى قرار المحكمة الأخير الذي محا سجلاتهما بالكامل.

انهيار القضية: اعترافات قسرية وأدلة مخفية

كشفت عملية إعادة التحقيق عن سلسلة من الإخفاقات الجسيمة في التحقيق الأصلي. السبب الرئيسي للتبرئة كان ظهور أدلة حمض نووي (DNA) جديدة، وهي تقنية لم تكن متاحة بنفس الدقة في التسعينيات. أظهر فحص عينات مأخوذة من تحت أظافر الضحية وجود حمض نووي لا يتطابق مع أي من كولينز أو بولز، بل يشير إلى شخص آخر مجهول هو الجاني الحقيقي على الأرجح.

بالإضافة إلى ذلك، تبين أن القضية بأكملها كانت مبنية على اعترافات زائفة انتزعت من المراهقين تحت ضغط نفسي شديد. أفاد محامو الدفاع بأن الشرطة استخدمت أساليب استجواب قسرية، بما في ذلك التهديدات والأكاذيب، لإجبار الشابين على الاعتراف بجريمة لم يرتكباها، كل ذلك دون حضور محامٍ أو أحد الوالدين. ومما زاد الطين بلة، اكتشف المحققون الجدد أن الشرطة والمدعين العامين في القضية الأصلية أخفوا عمداً أدلة حيوية كان من شأنها أن تبرئ المتهمين. من بين هذه الأدلة كانت أقوال شهود تشير إلى أن الضحية كان على قيد الحياة بعد ساعات من الوقت الذي زعم الشابان في اعترافاتهما أنهما قتلاه فيه، بالإضافة إلى تقرير مختبر جنائي يناقض شهادة محقق زعم أن بصمة حذاء كولينز تطابقت مع أثر عُثر عليه في مسرح الجريمة.

شرح السياق المدني والقانوني

تسلط هذه القضية الضوء على جانبين مهمين في النظام القانوني الأمريكي. أولاً، دور «وحدات نزاهة الإدانة» (Conviction Integrity Units) التي بدأت العديد من مكاتب المدعين العامين في إنشائها لمراجعة القضايا القديمة التي يشتبه في أنها أدت إلى إدانات خاطئة. هذه الوحدات، مثل «وحدة العدالة ما بعد الإدانة» في مانهاتن، تعمل بالتعاون مع منظمات مثل «مشروع البراءة» لتصحيح أخطاء الماضي.

ثانياً، تكشف القضية عن انتهاك خطير لـ«قاعدة برادي» (Brady rule)، وهو مبدأ دستوري أساسي في القانون الأمريكي يُلزم الادعاء بالكشف عن جميع الأدلة التي قد تكون في صالح المتهم (أدلة البراءة) للدفاع. إن إخفاء أقوال الشهود وتقرير المختبر الجنائي يمثل انتهاكاً مباشراً لهذه القاعدة، وهو ما أدى إلى هذه المظلمة التي استمرت 30 عاماً. إن عملية «إلغاء الإدانة» (vacating a conviction) التي قامت بها القاضية تعني أن الإدانة الأصلية تعتبر كأن لم تكن، مما يعيد للمتهمين براءتهما بشكل رسمي.

قال المدعي العام في مانهاتن، ألفين براج: «لا يمكننا محو الضرر الذي لحق بحياتهما، لكن لم يفت الأوان أبداً لفعل الصواب». وأضاف أن هذه المظلمة لم تؤذِ الرجلين فحسب، بل تركت أيضاً عائلة الضحية دون خاتمة حقيقية ومجتمعاً يعيش فيه قاتل طليقاً لعقود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !