نيويورك اليوم

بلدة في لونغ آيلاند تدفع 3.95 مليون دولار بعد اتهامها بالتمييز ضد مسجد

نتهى نزاع قانوني طويل ومرير بين الجالية المسلمة في لونغ آيلاند وبلدة أويستر باي بتسوية تاريخية، وافقت بموجبها البلدة على خطة توسعة مسجد “البقيع” في بيثبيدج ودفع مبلغ 3.95 مليون دولار كتعويض. هذه التسوية تضع حداً لمعركة قضائية كشفت عن انقسامات مجتمعية عميقة وممارسات تمييزية مقلقة من قبل المسؤولين المحليين.

بدأت القصة عندما تقدمت منظمة “مسلمون في لونغ آيلاند”، التي تدير المسجد القائم منذ التسعينيات، بطلب لتوسعة المبنى. كانت الحاجة ملحة، حيث يضطر الأطفال إلى تلقي دروسهم الدينية على أرضية قاعة الصلاة بسبب عدم وجود فصول دراسية كافية، بالإضافة إلى الحاجة لمساحة أكبر للفعاليات المجتمعية. لكن الطلب قوبل برفض من البلدة، التي بررت قرارها بمخاوف تتعلق بالازدحام المروري والسلامة العامة.

معركة قانونية تكشف عن تمييز ممنهج

رفضت الجالية المسلمة هذه المبررات، معتبرة إياها ذريعة لإخفاء دوافع تمييزية. وفي يناير، رفعت المنظمة دعوى قضائية ضد البلدة، مستندة إلى قانون استخدام الأراضي الدينية والأشخاص المودعين في مؤسسات (RLUIPA)، وهو قانون فيدرالي يحمي المؤسسات الدينية من قوانين تقسيم المناطق التمييزية، بالإضافة إلى التعديلين الأول والرابع عشر للدستور الأمريكي. اتهمت الدعوى البلدة بتغيير قوانين مواقف السيارات عمداً في عام 2022، مع علمها المسبق بأن المسجد لن يتمكن من تلبية المتطلبات الجديدة.

ما كشفته وثائق المحكمة كان صادماً. فقد أظهرت الإفادات تحت القسم أن مسؤولي البلدة انحرفوا عن ممارساتهم المعتادة وتلاعبوا بالإجراءات لعرقلة المشروع. اعترف رئيس مجلس تخطيط البلدة، أنجيلو ستانكو، بأن البلدة “اخترعت شاهداً مزيفاً” في محاولة لتصوير المسجد على أنه يمثل خطراً مرورياً، وهو أمر لم يفعلوه من قبل. والأكثر خطورة، عندما سُئل نائب مفوض البلدة، سكوت بيرن، عن الديانات التي استهدفها قانون مواقف السيارات الجديد، أجاب بكلمة واحدة: “الإسلام”.

كما فشلت البلدة في تقديم أي دليل على وجود حوادث مرورية سببها المسجد على مدى ثلاثة عقود من وجوده. والمفارقة الساخرة أن الحادث الوحيد الذي تم تسجيله بالقرب من الموقع كان عندما صدم مفتش السلامة العامة التابع للبلدة نفسها سيارة امرأة أخرى أثناء جولة تفتيشية.

تسوية وانتصار للحرية الدينية

أمام هذه الأدلة الدامغة، وافقت بلدة أويستر باي على التسوية. يمثل هذا القرار انتصاراً كبيراً للجالية المسلمة وللحريات الدينية. قال محمد فريدي، المحامي الممثل للمدعين، إن القضية كانت معركة من أجل الحرية الدينية، مؤكداً على حق الجميع في العبادة دون تحيز أو تمييز.

تُظهر هذه القضية كيف يمكن استخدام الإجراءات البيروقراطية والمدنية، مثل قوانين تقسيم المناطق والمخاوف المتعلقة بالسلامة العامة، كأدوات لممارسة التمييز الديني. وفي حين أن مسؤولي البلدة أصروا على أن سياساتهم تضمن العدالة، فإن الأدلة التي ظهرت في المحكمة رسمت صورة مختلفة تماماً. وبينما تستعد الجالية المسلمة الآن للمضي قدماً في خطط التوسعة، تبقى هذه القضية تذكيراً قوياً بالتحديات التي لا تزال تواجه الأقليات الدينية في سعيها لممارسة شعائرها بحرية في بعض المجتمعات الأمريكية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !