كشف تدقيق شامل أجراه مكتب المراقب المالي لمدينة نيويورك، براد لاندر، عن إخفاقات ممنهجة وواسعة النطاق من قبل إدارة التعليم في المدينة في توفير الدعم التعليمي اللازم لآلاف الطلاب من متعلمي اللغة الإنجليزية ، وهو ما ينتهك اللوائح الحكومية ويحرم هؤلاء الطلاب، بمن فيهم أعداد كبيرة من الناطقين باللغة العربية، من حقوقهم التعليمية الأساسية.
نتائج صادمة للتدقيق
فحص التقرير سجلات 301 طالب من متعلمي اللغة الإنجليزية خلال العام الدراسي 2022-2023، ووجد أن ما يقرب من نصفهم لم يحصلوا على الخدمات التي يستحقونها قانوناً. وتضمنت أبرز النتائج ما يلي:
- 48% من الطلاب لم يتم تسجيلهم في الفصول الدراسية الصحيحة أو لم يتلقوا العدد المطلوب من الدقائق التعليمية في برامج “اللغة الإنجليزية كلغة جديدة” (ENL) أو البرامج ثنائية اللغة.
- ما يقرب من 41% من الطلاب تلقوا تعليمهم على يد معلم واحد على الأقل غير حاصل على الشهادة اللازمة لتدريس هذه البرامج المتخصصة.
- تزايد أعداد الطلاب دون زيادة الموارد: ارتفع عدد متعلمي اللغة الإنجليزية في مدارس المدينة بنسبة 12% خلال السنوات الخمس الماضية ليصل إلى أكثر من 152,000 طالب (ما يقرب من 17% من إجمالي الطلاب)، ويرجع ذلك جزئياً إلى تدفق طالبي اللجوء. ورغم هذه الزيادة، لم تتم إضافة سوى 9 برامج ثنائية اللغة جديدة بين عامي 2022 و 2024.
تأثير مباشر على الجاليات العربية
يسلط التقرير الضوء على ممارسة مقلقة تؤثر بشكل مباشر على الطلاب الناطقين بلغات أقل شيوعاً في النظام المدرسي، بما في ذلك اللغة العربية. فقد وجد المدققون أن المدارس تتجنب بشكل متزايد التزامها بإنشاء فصول ثنائية اللغة جديدة من خلال التقدم بطلبات “إعفاء” (waivers) من الولاية. وكشف التدقيق أن 146 من أصل 150 طلب إعفاء تم تقديمه في العام الدراسي الماضي كانت غير سليمة، حيث انتهكت الحد الأقصى المسموح به وهو خمس سنوات متتالية. وقد أثرت هذه الانتهاكات على ما يقرب من 9,500 طالب يتحدثون لغات مثل الروسية، والبنغالية، والأوزبكية، والكريولية الهايتية، والعربية.
هذا يعني أن آلاف الطلاب العرب يُحرمون من فرصة التعلم بلغتهم الأم إلى جانب اللغة الإنجليزية، وهي استراتيجية تعليمية أثبتت فعاليتها في تحقيق النجاح الأكاديمي. وبدلاً من ذلك، يضطر العديد من المعلمين إلى الاعتماد على حلول بديلة مثل “ترجمة غوغل” للتواصل مع الطلاب، وهو ما لا يمكن أن يحل محل التعليم المتخصص.
إخفاقات نظامية أخرى
لم تقتصر المشاكل على نقص الفصول والمعلمين المؤهلين. فقد وجد التدقيق أيضاً أن إدارة التعليم غالباً ما تفشل في توثيق ما إذا كان قد تم إبلاغ أولياء الأمور بحقوقهم وخيارات البرامج المتاحة لأطفالهم، مما يحرمهم من اتخاذ قرارات مستنيرة., علاوة على ذلك، لا تراقب المدينة ما إذا كان المعلمون المعتمدون يكملون التدريب المستمر المطلوب للحفاظ على شهاداتهم، حيث يعتمد النظام على الإبلاغ الذاتي من قبل المعلمين إلى الولاية، وهي ممارسة انتقدها التقرير لافتقارها إلى الرقابة القوية.
وقد علقت جينيفر غورمان، وهي معلمة في مدرسة ثانوية في البرونكس معتمدة لتدريس متعلمي اللغة الإنجليزية، قائلة إن النظام الحالي «غير مصمم لنجاحهم»، مؤكدة على أهمية البرامج ثنائية اللغة. وأضافت: «عندما لا نستخدم تلك اللغة الأم كمورد، فإننا نتسبب في تراجع الأطفال أكثر».
وقد وافقت إدارة التعليم على تسع من التوصيات العشر التي قدمها التقرير، والتي تشمل توظيف المزيد من المعلمين المؤهلين وتحسين الرقابة على وقت التدريس. ومع ذلك، فإن هذا التقرير يرسم صورة قاتمة لنظام تعليمي يفشل في خدمة شريحة من أكثر طلابه ضعفاً، مما يعيق قدرتهم على الاندماج والنجاح في مجتمعهم الجديد.