أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والدستورية الأمريكية، بعد تأكيده أنه “لا يمزح” بشأن إمكانية السعي للحصول على فترة رئاسية ثالثة، رغم القيود الدستورية الصريحة. وقد أشار الرئيس إلى وجود “طرق” يمكن من خلالها تجاوز هذه القيود، مما أثار مخاوف وتساؤلات حول مستقبل النظام الديمقراطي الأمريكي والالتزام بالدستور.
تفاصيل التصريحات
في مقابلة حصرية مع شبكة NBC News يوم الأحد 30 مارس 2025، أكد الرئيس ترامب أنه لا يستبعد فكرة السعي للحصول على فترة رئاسية ثالثة في البيت الأبيض. وعندما سئل عما إذا كان يمزح حول هذا الموضوع كما اعتاد في مناسبات سابقة، قال ترامب بوضوح: “لا، أنا لا أمزح. أنا لا أمزح”، مضيفاً أنه “من المبكر جداً التفكير في الأمر”.
وأوضح ترامب خلال المكالمة الهاتفية مع كريستين ويلكر، مقدمة برنامج “ميت ذا برس”، أن “الكثير من الناس يريدونني أن أفعل ذلك”، في إشارة إلى تولي فترة ثالثة. وأضاف: “لكنني أخبرهم أن أمامنا طريق طويل، ما زلنا في بداية الإدارة الحالية. أنا أركز على الوقت الحاضر”.
وعندما سُئل عما إذا كان قد تم تقديم استراتيجيات له من شأنها أن تمكنه من السعي للحصول على فترة ثالثة، أجاب ترامب: “هناك طرق يمكن من خلالها القيام بذلك”. وردًا على سؤال حول سيناريو محتمل يتضمن ترشح نائب الرئيس جي دي فانس للرئاسة ثم نقل المنصب لاحقاً إلى ترامب، أقر الرئيس بأن “هذه إحدى” الطرق، مضيفاً: “لكن هناك طرق أخرى أيضاً”.
القيود الدستورية
يضع التعديل الثاني والعشرون للدستور الأمريكي، الذي تمت إضافته عام 1951 بعد انتخاب الرئيس فرانكلين روزفلت لأربع فترات متتالية، قيوداً صريحة على عدد الفترات الرئاسية، إذ ينص على أنه “لا يجوز انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس أكثر من مرتين”.
وتجدر الإشارة إلى أن تغيير هذا التعديل الدستوري يتطلب عملية معقدة للغاية، إذ يستلزم موافقة ثلثي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، ثم تصديق ثلاثة أرباع الولايات الأمريكية البالغ عددها 50 ولاية.
السيناريوهات المحتملة
سيناريو نائب الرئيس
أحد السيناريوهات المطروحة هو أن يترشح نائب الرئيس الحالي جي دي فانس للرئاسة في انتخابات 2028، مع ترامب كنائب له، وبعد الفوز في الانتخابات يستقيل فانس ليتولى ترامب الرئاسة. هذا السيناريو يعتمد على تفسيرات للتعديلين الثاني والعشرين والثاني عشر، اللذين يحددان معايير الأهلية لمنصبي الرئيس ونائب الرئيس.
تعديل الدستور
قدم النائب آندي أوغلز، الجمهوري من ولاية تينيسي، مشروع قرار يدعو إلى تمديد الفترات الرئاسية، مما قد يسمح لترامب بالسعي للحصول على فترة أخرى. ومع ذلك، فإن هذا المسار يواجه تحديات هائلة، حيث يتطلب أغلبية الثلثين في الكونغرس والتصديق من ثلاثة أرباع الولايات.
الآراء القانونية والانتقادات
يشكك الخبراء القانونيون في جدوى هذه التكتيكات، مؤكدين أن أي محاولة للالتفاف على القيود الدستورية ستواجه تحديات قانونية وسياسية كبيرة. وقد صرح جين روسي، المدعي الفدرالي السابق، لمجلة نيوزويك بأن “فرصة كرة الثلج في الجحيم للبقاء على قيد الحياة أفضل من فرصة تمرير” تعديل دستوري يسمح بفترة ثالثة.
وقد أثارت تصريحات ترامب مخاوف بين النقاد الذين حذروا خلال الحملة الانتخابية من أنه قد يحكم كسلطوي إذا عاد إلى البيت الأبيض. ويرى هؤلاء أن أي محاولة لتمديد فترة رئاسته قد تخلق أزمة دستورية غير مسبوقة.
المؤيدون والداعمون
على الجانب الآخر، أبدى بعض مؤيدي ترامب دعمهم لفكرة فترة ثالثة. فقد صرح ستيف بانون، المستشار السابق لترامب، في مقابلة مع شبكة News Nation بأنه يعتقد أن ترامب “سيترشح ويفوز مرة أخرى في 2028”. وأضاف بانون أنه يتوقع “بعض البدائل” في إيجاد طريقة تمكن ترامب من السعي للحصول على فترة ثالثة رغم القيود الدستورية.
التداعيات السياسية
قد تكون لهذه التصريحات تأثيرات بعيدة المدى على المشهد السياسي الأمريكي. فمن ناحية، تعزز مثل هذه التصريحات المخاوف من نزعة استبدادية لدى الرئيس ترامب، خاصة مع إشاراته المتكررة للإعجاب بالقادة المستبدين ورغبته في تجاوز القيود الدستورية.
ومن ناحية أخرى، قد تسهم هذه التصريحات في زيادة الاستقطاب السياسي في البلاد، وتعميق الانقسامات بين مؤيدي ترامب الذين قد يرون في فترة ثالثة استمراراً لسياسات “أمريكا أولاً”، وبين معارضيه الذين يعتبرون ذلك تهديداً للديمقراطية الأمريكية.