قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم السبت إن السفن العسكرية والتجارية الأمريكية يجب أن يُسمح لها بالمرور عبر قناة السويس وقناة بنما دون دفع أي رسوم. تأتي هذه التصريحات في إطار موقف متشدد يتبناه الرئيس الأمريكي تجاه الممرات المائية الاستراتيجية في العالم، وسط تحديات اقتصادية وأمنية متزايدة تواجه التجارة البحرية الدولية.
تفاصيل تصريحات ترامب
كتب ترامب في منشور على منصة “تروث سوشيال” الاجتماعية: “لقد طلبت من وزير الخارجية ماركو روبيو أن يتولى هذا الأمر فوراً ويوثقه”. ولم يذكر الرئيس الأمريكي تفاصيل إضافية حول كيفية تنفيذ هذا الطلب أو الآليات القانونية والدبلوماسية التي سيتم اتباعها للتفاوض مع السلطات المصرية والبنمية المسؤولة عن إدارة القناتين.
تأتي هذه التصريحات في وقت يسعى فيه ترامب إلى تعزيز المصالح الاقتصادية والاستراتيجية للولايات المتحدة على الساحة الدولية. فقناة السويس وقناة بنما تعدان من أهم الممرات المائية في العالم، حيث تختصر قناة بنما المسافة بين المحيطين الأطلسي والهادئ، وتمر عبرها نحو 40% من حركة الحاويات الأمريكية سنوياً.
خلفية عن موقف ترامب من قناة بنما
صرح ترامب مراراً بأنه يريد “استعادة” قناة بنما التي كانت تحت السيطرة الأمريكية حتى عام 1999، حين سلمتها الولايات المتحدة إلى بنما. وقبل توليه منصبه في يناير 2025، لم يستبعد ترامب استخدام الضغط الاقتصادي أو القوة العسكرية لاستعادة السيطرة على القناة، مما أثار قلقاً في بنما وعلى الساحة الدولية.
في خطابه أمام الكونغرس في 4 مارس الماضي، قال ترامب: “لتعزيز أمننا القومي، ستقوم إدارتي باستعادة قناة بنما، وقد بدأنا بالفعل في تنفيذ ذلك”، مشيراً إلى صفقة لمنح شركة أمريكية السيطرة على موانئ رئيسية في المنطقة. رداً على ذلك، ندد رئيس بنما بتصريحات ترامب، مؤكداً أن “القناة بنمية”.
استراتيجية ترامب تجاه قناة بنما
يدعي ترامب أن بنما انتهكت معاهدة الحياد التي وقعتها عند تسلم القناة، من خلال السماح بالنفوذ الصيني في القناة. وفي زيارة إلى بنما في أوائل فبراير، قال وزير الخارجية ماركو روبيو إن ترامب توصل إلى استنتاج أولي بأن بنما انتهكت الاتفاقية.
الوضع الحالي في قناة السويس
تأتي تصريحات ترامب في وقت تشهد فيه قناة السويس انخفاضاً كبيراً في حركة الملاحة بسبب التوترات في البحر الأحمر. فقد انخفض عدد السفن التي عبرت قناة السويس في عام 2024 بنسبة 50% مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى 13,213 سفينة مقابل 26,434 سفينة في عام 2023.
وقد أدت هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر منذ عام 2023 إلى تأثير سلبي مستمر على التجارة العالمية والأمن الاقتصادي للولايات المتحدة. وأشار تقرير لوكالة استخبارات الدفاع في عام 2024 إلى انخفاض حاد في شحن الحاويات عبر البحر الأحمر بسبب هذه الهجمات.
جهود استعادة حركة الملاحة
في يناير 2025، صرح رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع بأن القناة مستعدة للعودة إلى العمل بكامل طاقتها مع استقرار التجارة العالمية. وجاء هذا التصريح بعد لقاء ربيع مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية، أرسينيو دومينغيز. وأكد رئيس هيئة قناة السويس استئناف عمل القناة بعد تحسن الاستقرار في مناطق البحر الأحمر ومضيق باب المندب، التي أثرت سابقاً على طرق الشحن.
التداعيات المحتملة للتصريحات
تثير تصريحات ترامب تساؤلات حول الكيفية التي ستتعامل بها مصر وبنما مع هذه المطالب، خاصة وأن كلا البلدين يعتبران القناتين من الأصول الوطنية السيادية المهمة. كما تطرح هذه التصريحات تساؤلات حول تأثيرها على العلاقات الأمريكية مع البلدين وعلى النظام التجاري العالمي ككل.
من المرجح أن تثير تصريحات ترامب ردود فعل دبلوماسية من مصر وبنما، اللتين تعتبران القناتين موردين اقتصاديين رئيسيين. في حالة بنما، قد تستند الدولة إلى المعاهدات الدولية التي تنظم وضع القناة، بينما قد تؤكد مصر على أهمية إيرادات قناة السويس لاقتصادها الوطني.
تعكس تصريحات ترامب نهجه في التعامل مع القضايا الدولية، الذي يركز على تحقيق أقصى منفعة للمصالح الأمريكية. ومع ذلك، فإن تنفيذ مثل هذه المطالب سيواجه على الأرجح تحديات قانونية ودبلوماسية كبيرة، نظراً لأن كلا من قناة السويس وقناة بنما تخضعان لسيادة مصر وبنما على التوالي، وتحكمهما اتفاقيات دولية.
في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تعزيز نفوذها في الممرات المائية الاستراتيجية، يظل من غير الواضح كيف ستتطور هذه المبادرة، وما إذا كانت ستؤدي إلى مفاوضات جدية أم أنها ستظل مجرد تصريحات سياسية.