أعلن الرئيس دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، عن فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على جميع السيارات المصنّعة خارج الولايات المتحدة، في خطوة مفاجئة تهدف – بحسب قوله – إلى تحفيز التصنيع المحلي وزيادة إيرادات الدولة، رغم التحذيرات من تأثيرها المحتمل على الأسعار وحجم الواردات.
وجاء الإعلان خلال مؤتمر صحفي عقده الرئيس البالغ من العمر 78 عاماً في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، حيث قال:“هذه الخطوة ستقود إلى بناء العديد من المصانع الجديدة داخل البلاد. سنفرض رسومًا بنسبة 25%، لكن إذا تم تصنيع السيارة داخل الولايات المتحدة، فلن تُفرض عليها أي رسوم.”
وأوضح وزير شؤون الموظفين في البيت الأبيض، ويل شارف، أن هذه الرسوم من المتوقع أن تدر على الخزينة الأميركية نحو 100 مليار دولار سنويًا، في حين توقعت تقارير سابقة أن تؤدي مثل هذه الرسوم إلى انخفاض كبير في حجم الواردات.
وأشار مسؤول في إدارة ترامب لاحقًا إلى أن الرسوم ستشمل أيضًا قطع غيار السيارات، وستُضاف إلى الرسوم الحالية البالغة 2.5% على السيارات و25% على الشاحنات الخفيفة.
كما كشف أن السيارات المستوردة من كندا والمكسيك ستُفرض عليها الرسوم بناءً على نسبة المكونات الأجنبية فيها. فعلى سبيل المثال، سيارة مكسيكية تحتوي على 50% من الأجزاء المصنّعة في أميركا و50% أجنبية، ستُفرض عليها رسوم بنسبة 12.5%.
وفي سياق الدفاع عن القرار، قال بيتر نافارو، مستشار البيت الأبيض لشؤون التجارة:
“لقد حول الغشاشون التجاريون أميركا إلى مركز تجميع منخفض الأجور لقطع الغيار الأجنبية، ما يهدد أمننا القومي نتيجة تآكل قاعدة التصنيع والدفاع لدينا.”
وأضاف:“من بين حوالي 16 مليون سيارة اشتراها الأميركيون عام 2024، كانت نصفها تقريباً مستوردة، أما النصف الآخر فغالبيته من سيارات جرى تجميعها باستخدام قطع أجنبية، ما يعني أن أقل من 25% من السيارات المباعة تحتوي فعليًا على مكونات أميركية. وهذا ما سيتغير فورًا مع رسوم ترامب الجمركية.”
وكانت لجنة التجارة الدولية الأميركية قد نشرت العام الماضي تقريرًا توقعت فيه أن يؤدي فرض رسوم بنسبة 25% على السيارات المستوردة من خارج أمريكا الشمالية إلى تقليص الواردات بنسبة 73.9%، وزيادة أسعار السيارات داخل الولايات المتحدة بنسبة 5%، وزيادة أرباح الشركات المحلية بنسبة 5.2%.
وأكد ترامب أن الشركات التي لديها مصانع داخل البلاد أعربت عن “سعادتها البالغة” بالقرار، موضحًا أن الرسوم ستدخل حيز التنفيذ في الثاني من أبريل. وأضاف أن الرسوم على قطع الغيار القادمة من كندا والمكسيك سيتم تطبيقها لاحقًا بعد دراسة آلية التنفيذ.
وفي ردّه على سؤال حول مدة تطبيق القرار، أجاب ترامب:“هذا الإجراء دائم، نعم، مئة بالمئة.” وتوقع أن تصل الإيرادات الناتجة عن الرسوم الجمركية إلى ما بين 600 مليار و1 تريليون دولار خلال عامين، مشيرًا إلى أنها ستُستخدم لتقليص الدين العام وبناء البنية التحتية وتخفيض الضرائب.
ويأتي هذا القرار في أعقاب سلسلة من الإجراءات التجارية التصعيدية من قبل الرئيس ترامب خلال الأسابيع الماضية، من بينها فرض رسوم بنسبة 25% على واردات من الصين وكندا والمكسيك بسبب ملفي الفنتانيل والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى رسوم مشددة على الحديد والألمنيوم.
ومن المتوقع أن يعلن ترامب في 2 أبريل القادم عن حزمة جديدة من الرسوم “المتبادلة” على دول تفرض قيودًا جمركية وغير جمركية على المنتجات الأميركية، ملوحًا أيضًا برسوم محتملة على الأخشاب والأدوية والرقائق الإلكترونية والنحاس.
وعلى الرغم من انتقادات بعض الخبراء الذين حذروا من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتغذية موجة تضخم جديدة بعد الزيادة التي شهدتها فترة الرئيس السابق جو بايدن، دافع ترامب عن سياسته مشيرًا إلى انخفاض معدل التضخم خلال ولايته السابقة، واستخدامه للرسوم الجمركية كورقة ضغط فعالة.
وفي تطور آخر، ألمح ترامب إلى إمكانية تخفيف الرسوم المفروضة على الصين في حال وافقت الأخيرة على سحب استثماراتها من منصة “تيك توك” للتواصل الاجتماعي، قائلاً: “ربما أقدم على بعض التخفيف في الرسوم إذا وافقوا على تنفيذ ذلك، يبدو كأمر سأفعله.”
هذا القرار يعيد ملف التجارة العالمية إلى الواجهة ويثير تساؤلات حول تداعياته على سوق السيارات الأميركية، المستهلكين، والعلاقات التجارية مع كبرى دول العالم.
