أقر مجلس النواب الأمريكي، صباح الخميس 22 مايو 2025، مشروع القانون الاقتصادي والسياسي الأوسع الذي تبنّاه الرئيس دونالد ترامب، والمعروف باسم “القانون الضخم الجميل”، بفارق صوت واحد فقط، في لحظة سياسية شديدة الحساسية تعكس حجم الانقسام داخل الكونغرس. ويُعتبر هذا المشروع حجر الزاوية في أجندة ترامب الجديدة لإعادة تشكيل الاقتصاد الأمريكي وفق رؤيته “المدافعة عن الطبقة الوسطى والمهاجمة لما يسميه فساد النخب التقدمية”، كما يشمل تخفيضات ضريبية كبرى، تغييرات صارمة في برامج الرعاية الصحية، وتمويلًا ضخمًا للأمن والدفاع.
يمثل إقرار هذا المشروع في مجلس النواب انتصارًا رمزياً وسياسياً كبيراً للرئيس ترامب في طريقه نحو الانتخابات المقبلة، ويضع الديمقراطيين أمام معركة حاسمة في مجلس الشيوخ، حيث يتوقع أن تشهد بنوده خلافات أوسع حول قضايا مثل الضرائب، وMedicaid، والهجرة، والطاقة الخضراء. وقد اعتبر كثير من المحللين أن المشروع، رغم تمريره الهش، يعكس تحوّلاً كبيرًا نحو اليمين في السياسة الأمريكية، ويرسم ملامح ما قد تكون عليه إدارة ترامب الثانية إذا عاد إلى البيت الأبيض.
صفقة اللحظة الأخيرة لضمان التصويت
استغرقت المشاورات والمفاوضات أكثر من 48 ساعة، حيث سعى الجمهوريون جاهدين لإقناع الجناح المحافظ المتشدد والنواب المعتدلين من الولايات الليبرالية بدعم المشروع. وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون: “هذا التشريع هو الأهم الذي يُمرر من قبل حزب سياسي بهذا الهامش الضيق”.
تمكن المشروع من النجاة رغم اعتراض نائبين جمهوريين وتصويت أحد أعضاء كتلة الحرية بـ”حاضر” بدلاً من “نعم” أو “لا”. وقد تمت الموافقة على المشروع بعد تعديلات شملت شروط العمل لبرامج الرعاية الصحية والضرائب الخضراء والخصومات الضريبية المحلية.
أبرز ما يتضمنه مشروع القانون
- تمديد التخفيضات الضريبية التي أُقرت في عام 2017.
- إلغاء مؤقت للضرائب على الإكراميات، والعمل الإضافي، وفوائد قروض السيارات.
- رفع سقف خصومات الضرائب المحلية إلى 40,000 دولار للأفراد، و20,000 للمتزوجين الذين يقدّمون بشكل منفصل.
- ضخ 175 مليار دولار إضافية في الأمن الحدودي، منها 46.5 مليار لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك.
- إضافة 150 مليار دولار للإنفاق الدفاعي، تشمل مشروع “القبة الذهبية” الدفاعي الفضائي وتمويل بناء سفن وتخزين الذخيرة.
- فرض متطلبات عمل 80 ساعة شهريًا لمتلقي برنامج Medicaid من البالغين القادرين على العمل بين عمر 19 و64.
- إنشاء حسابات ادخار باسم “ترامب” للأطفال المولودين بين 2025 و2029 بمساهمة حكومية قدرها 1,000 دولار.
- إلغاء تفويض إدارة بايدن المتعلق بوجوب أن تكون ثلثا مبيعات السيارات الجديدة كهربائية بحلول 2032.
مواقف متباينة داخل الحزب الجمهوري
واجه المشروع معارضة من الجناح المحافظ الذي اعترض على ما وصفوه بـ”الإنفاق المتضخم” واستمرار دعم الطاقة الخضراء. لكن تم تهدئتهم بتعديلات أخيرة رفعت شرط العمل في Medicaid إلى عام 2026 بدلًا من 2029، وألغت الحوافز لمشروعات الطاقة المتجددة التي لم تبدأ بعد تنفيذها.
كما نجح نواب من الولايات الديمقراطية مثل نيويورك وكاليفورنيا في إدخال بند رفع سقف خصومات الضرائب المحلية، ما جعلهم يدعمون المشروع رغم بعض التحفظات.
ردود فعل ترامب والبيت الأبيض
عقب تمرير القانون، احتفل ترامب على منصة Truth Social قائلاً: “مشروع القانون الضخم الجميل أُقر في مجلس النواب! عمل رائع من الرئيس جونسون وقيادة المجلس. الآن، حان دور مجلس الشيوخ لإرساله إلى مكتبي في أسرع وقت”.
وهاجم ترامب الديمقراطيين قائلاً: “لقد فقدوا السيطرة على أنفسهم، ويتخبطون بلا رؤية، يحلمون بإعادة فتح الحدود للمهربين والمتسللين، ويسمحون للرجال بالمشاركة في رياضات النساء، ويريدون تحويل الجميع إلى متحولين. هذا لن يحدث مرة أخرى!”
ماذا بعد؟
يتوقع أن يواجه مشروع القانون عقبات في مجلس الشيوخ، حيث يطالب بعض الجمهوريين بإجراء مزيد من التخفيضات في الإنفاق، بينما يتمسك الديمقراطيون بمعارضة تقليص برامج الرعاية الصحية والطاقة النظيفة.
وفي حال تمريره، سيمثل المشروع دفعة كبرى لأجندة ترامب الاقتصادية والاجتماعية مع اقتراب الانتخابات، وقد يُستخدم كأداة لإبراز الفروقات بين الحزبين بشأن الضرائب، والحدود، والرعاية الصحية.