في تصريح مفاجئ أثار قلقاً واسعاً في الأوساط السياسية والاقتصادية، ألمح الرئيس دونالد ترامب إلى أن مشروع نفق “جيتواي” (Gateway)، الذي يعد من أهم مشاريع البنية التحتية في الولايات المتحدة، قد تم “إنهاؤه”. جاءت تصريحات الرئيس خلال مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، حيث نسب القرار إلى مدير مكتب الإدارة والميزانية، راسل فوت، واصفاً إياه بأنه خطوة لـ “إنهاء أعداد هائلة من مشاريع الديمقراطيين”.
هذا التهديد يضع مستقبل المشروع الحيوي، الذي يهدف إلى استبدال النفق القديم الذي يربط بين نيويورك ونيوجيرسي تحت نهر هدسون، في مهب الريح. وكان المشروع قد حصل على تمويل فيدرالي بمليارات الدولارات العام الماضي، نظراً لأهميته الاستراتيجية للاقتصاد الإقليمي والوطني.
أهمية استراتيجية واقتصادية قصوى
يعتبر نفق “جيتواي” أكثر من مجرد مشروع بنية تحتية؛ فهو شريان حيوي لممر الشمال الشرقي، أحد أكثر ممرات السكك الحديدية ازدحاماً في البلاد. النفق الحالي، الذي يزيد عمره عن 100 عام، تعرض لأضرار جسيمة خلال إعصار ساندي، ويحذر الخبراء من أن انهياره قد يكون وشيكاً. إذا انهار هذا النظام، فإن العواقب ستكون كارثية، ليس فقط على مئات الآلاف من الركاب الذين يعتمدون عليه يومياً، بل على اقتصاد المنطقة بأكملها، والذي يمثل جزءاً كبيراً من اقتصاد الولايات المتحدة.
وقد أكدت حاكمة نيويورك، كاثي هوكول، على هذه النقطة في مقابلة تلفزيونية، قائلة: «هذا لا يستهدف نيويورك فقط، بل ممر الشمال الشرقي بأكمله. نحن بحاجة لاستبدال هذه الأنفاق لأن انهيار هذا النظام سيؤدي إلى انهيار اقتصاد الشمال الشرقي واقتصاد البلاد. فلماذا هذا القصر في النظر؟».
ردود فعل غاضبة من الحزبين
أثارت تصريحات ترامب ردود فعل غاضبة وفورية من المشرعين في نيويورك ونيوجيرسي، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، الذين تعهدوا بالقتال للحفاظ على تمويل المشروع. ووصف زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، محاولة ترامب بأنها «حقد وغباء محض»، مضيفاً أنها «سياسة انتقام تافهة من شأنها أن تضر بمئات الآلاف من الركاب في نيويورك ونيوجيرسي، وتخنق اقتصادنا، وتقضي على وظائف جيدة الأجر».
وفي بيان مشترك، أكد عضوا مجلس الشيوخ عن ولاية نيوجيرسي، كوري بوكر وآندي كيم، أن المشروع يحظى بدعم واسع من الحزبين، بما في ذلك وزير النقل في إدارة ترامب نفسها، الذي وصفه بأنه “مهم” قبل أيام قليلة. وتعهدوا بالقتال للحفاظ على التمويل وآلاف الوظائف النقابية التي يدعمها المشروع.
يأتي هذا التصعيد بعد أن قامت إدارة ترامب في وقت سابق من هذا الشهر بتجميد التمويل الفيدرالي لمشروع “غيتواي” ومشروع مترو أنفاق الجادة الثانية في مانهاتن، بحجة الحاجة إلى مراجعة تأخرت بسبب الإغلاق الحكومي. وبينما رفض متحدث باسم مشروع “غيتواي” التعليق مباشرة على تصريحات الرئيس، أكد أن أعمال البناء مستمرة.
تُظهر هذه الأزمة كيف يمكن استخدام مشاريع البنية التحتية الحيوية كأدوات في الصراعات السياسية الحزبية، حيث يتم تعريض استقرار الاقتصاد وسلامة المواطنين للخطر لتحقيق أهداف سياسية قصيرة المدى. يبقى مستقبل “غيتواي” الآن معلقاً، بانتظار ما إذا كانت هذه التهديدات ستتحول إلى إجراءات رسمية أم ستظل مجرد ورقة ضغط في لعبة سياسية أكبر.