في تصعيد سياسي غير مسبوق، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين بقطع التمويل الفيدرالي عن مدينة نيويورك في حال فوز المرشح الديمقراطي زهران ممداني في انتخابات رئاسة البلدية المقررة في 4 نوفمبر. وقد أثار هذا التهديد، الذي نُشر على منصة “تروث سوشل” التابعة لترامب، صدمة في الأوساط الديمقراطية، مما ينذر بمواجهة محتملة بين الإدارة الفيدرالية والمدن والولايات التقدمية التي تمثل محركات اقتصادية رئيسية للبلاد.
في منشوره، قال ترامب بلهجة حادة: «سيواجه (ممداني) مشاكل مع واشنطن لم يواجهها أي عمدة في تاريخ مدينتنا العظيمة سابقًا. تذكروا، هو بحاجة إلى المال مني، كرئيس، من أجل تحقيق كل وعوده الشيوعية الزائفة. لن يحصل على أي منها، فما الفائدة من التصويت له؟». وأضاف أن «هذه الأيديولوجية قد فشلت دائمًا على مدى آلاف السنين. وسوف تفشل مرة أخرى، وهذا أمر مضمون».
خلفية السباق الانتخابي وتداعياته
يأتي تهديد ترامب في وقت حاسم من السباق الانتخابي، حيث يتقدم ممداني، وهو عضو اشتراكي ديمقراطي في مجلس ولاية نيويورك، بفارق كبير في استطلاعات الرأي على أقرب منافسيه، الحاكم السابق أندرو كومو الذي يخوض الانتخابات كمرشح مستقل. وقد اكتسبت حملة ممداني، التي تعتمد بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، زخمًا كبيرًا في أوساط الجناح اليساري التقدمي في الحزب الديمقراطي، وهو التيار الذي يصفه ترامب وأنصاره بـ«الشيوعي».
وقد انسحب العمدة الحالي، إريك آدامز، من السباق قبل خمسة أسابيع فقط من يوم الانتخاب، مشيرًا إلى أن «التكهنات الإعلامية المستمرة» حول مستقبله وقرار مجلس تمويل الحملات الانتخابية في المدينة بحجب الأموال العامة عن حملته قد أعاقت قدرته على المنافسة بجدية. وكان آدامز، الذي انتُخب كديمقراطي، يخوض الانتخابات كمستقل بعد توجيه اتهامات له بالرشوة والاحتيال.
في المقابل، رد ممداني على تهديدات ترامب بتحدٍ، قائلًا: «قد يتمكن دونالد ترامب ومانحوه المليارديرات من تحديد تصرفات إريك آدامز وأندرو كومو. لكنهم لن يقرروا هذه الانتخابات. في غضون ما يزيد قليلًا عن 5 أسابيع، سنطوي صفحة سياسات المال الوفير والأفكار الضئيلة – وسنقدم حكومة يفخر بها كل سكان نيويورك».
جدل حول التمويل الفيدرالي والهوية
أثار تهديد ترامب جدلًا أوسع حول العلاقة المالية بين الولايات والحكومة الفيدرالية. فقد حذر بعض الديمقراطيين من أنه إذا نفذ الرئيس تهديده، فيجب على مدينة نيويورك التوقف عن دفع الضرائب الفيدرالية. ومن المعروف أن الولايات التي تميل إلى التصويت للديمقراطيين، مثل نيويورك وكاليفورنيا، تساهم في الإيرادات الضريبية الفيدرالية بأكثر مما تتلقاه من تمويل فيدرالي، على عكس العديد من الولايات التي تصوت للجمهوريين.
بالإضافة إلى الهجوم السياسي، استهدف أنصار ترامب المتطرفون هوية ممداني. فوالده، محمود ممداني، هو مسلم أوغندي من أصل هندي، ووالدته هي المخرجة الهندية ميرا ناير. وقد حذر هؤلاء من أن ممداني «سيجهّد» مدينة نيويورك، في مقارنة مع ما يعتقدون أن عمدة لندن صادق خان قد فعله. وقد أثارت فكرة أن مدينتين من أبرز مدن العالم قد يقودهما رجلان من خلفية مسلمة حفيظة الأوساط اليمينية المتطرفة التي تدعو إلى إعادة ترسيخ «الهيمنة المسيحية» في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وفي خضم هذا الجدل، يركز المرشح المستقل أندرو كومو على ما يصفه بغياب خطة تعليمية واضحة لدى ممداني، في محاولة لتحويل دفة النقاش نحو قضايا محلية تهم أكثر من مليون طالب في المدينة. ومع ذلك، يبقى تدخل الرئيس ترامب هو الحدث الأبرز الذي حوّل سباقًا محليًا إلى قضية ذات أبعاد وطنية.