أثارت قضية ترحيل زوجين من الولايات المتحدة إلى كولومبيا، بعد 35 عامًا من الإقامة دون أي سجل جنائي، موجة من الغضب والجدل، خاصة بعد أن كشفت ابنتهم عن الطريقة “غير الإنسانية” التي تم التعامل بها مع والديها.
قالت ستيفاني غونزاليس، 27 عامًا، لشبكة ABC News، إن والديها، غلاديس (55 عامًا) ونيلسون غونزاليس (59 عامًا)، تم اعتقالهما في 21 فبراير الماضي خلال موعد روتيني للإشراف مع إدارة الهجرة، قبل أن يتم احتجازهما وترحيلهما لاحقًا إلى كولومبيا.
وأضافت: “كان من المفترض أن تحصل والدتي على تمديد لمدة عام للبقاء في الولايات المتحدة، وقد تم إبلاغنا بذلك في البداية، لكن بعد ساعات، اتصل بنا والدي وأبلغنا بأنه تم احتجازه، وأن تمديد والدتي قد أُلغي وتم احتجازها أيضًا”.
وتابعت ستيفاني: “فصلوهما في غرف منفصلة لساعات دون طعام، وقيدوهما من اليدين والكاحلين. لقد عوملوا كمجرمين، رغم أنهم لم يخالفوا القانون يومًا”.
وأكدت إدارة الهجرة والجمارك (ICE) في بيانها أن الزوجين لا يملكان أي سجل جنائي، وأن ترحيلهما جاء ضمن “العمليات الروتينية” التي تشمل منتهكي قوانين الهجرة. وأوضحت أن نيلسون وغلاديس دخلا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني عام 1989، وأن محكمة الهجرة أصدرت بحقهم قرارًا بالترحيل الطوعي عام 2000.
لكن ستيفاني تروي جانبًا آخر من القصة؛ حيث أكدت أن والديها كانا ضحية محامين محتالين – بعضهم لم يكن يحمل ترخيصًا قانونيًا – مما حال دون تقديم أوراق الهجرة الصحيحة في الوقت المناسب، رغم محاولاتهم المستمرة لتقنين أوضاعهم.
وتابعت: “ظل والداي يحضران مواعيد الإشراف بانتظام على مدى أكثر من 20 عامًا، وكان يُسمح لهما بالبقاء في البلاد في كل مرة، وإن كانت المدة الممنوحة تختلف بين شهر وثلاث سنوات”.
ورغم صدور قرار بإغلاق ملف قضيتهما في عام 2021، فإن السلطات لم تتخذ أي خطوات لترحيلهما، بل واصلت دعوتهما لمواعيد إشراف دورية، مما جعل الأسرة تعتقد أن الأمور تحت السيطرة.
وتحدثت ستيفاني بحرقة عن لحظة اكتشافها لترحيل والديها: “لم نكن نشعر بالقلق لأننا اعتدنا على سماع أخبار جيدة. لكن عندما تم اعتقالهم، لم تُتح لي فرصة وداعهم أو حتى احتضانهم”.
وكشفت أن والديها طلبا الترحيل الطوعي على نفقتهما حفاظًا على كرامتهما، إلا أن السلطات رفضت. وتم نقلهما إلى مراكز احتجاز في ولايات مختلفة دون علم الأسرة بمكان وجودهما، إلى أن التقيا صدفة على متن الطائرة التي أقلتهما إلى كولومبيا.
“حين التقيا على متن الطائرة، بدأ الركاب بالتصفيق. كان ذلك مشهدًا مؤثرًا”، تقول ستيفاني بابتسامة حزينة.
الزوجان كانا يعيشان في مقاطعة أورانج بولاية كاليفورنيا، ويقيمان مع ابنتيهما ستيفاني وغابرييلا (23 عامًا). وتشير ستيفاني إلى أن غلاديس كانت ترعى حفيدها الأول، وهو طفل يبلغ من العمر 7 أشهر، وكانت تعتبر المربية الأساسية له، ما اضطر غابرييلا لترك عملها بعد رحيل والدتها.
أما نيلسون، فقد كان يعمل فنيًا معتمدًا في سحب الدم (فليبوتوميست)، ويجري فحوصات تأمين الحياة، إضافة إلى عمله كسائق أوبر في ساعات الليل لتوفير دخل إضافي.
تقول ستيفاني إن والديها “أناس مجتهدون، دفعوا الضرائب، وربّونا على احترام القانون، ويحبّون أمريكا”. وأشارت إلى أن التبرعات عبر صفحة GoFundMe التي أطلقتها الأسرة تخطت 75 ألف دولار، لكنها تؤكد أن المال لا يعوّض غياب الوالدين أو “كسر قلوب العائلة”.
وتختم حديثها بألم: “كأن أحدهم توفي. هذا ليس مجرد ترحيل. إنها مأساة حقيقية”.