أثار العثور على جثامين ثلاث شابات مغربيات يحملن الجنسية الأمريكية داخل غرفة في فندق بمنتجع “رويال كاهال بيتش” بمدينة سان بيدرو في جزيرة أمبرغريس كاي التابعة لدولة بليز بالكاريبي حالة من الصدمة والحزن وسط الجالية المغربية بالولايات المتحدة. تم اكتشاف الجثث يوم الأحد 23 فبراير 2025 (وفق بعض المصادر) بعدما لاحظ موظفو المنتجع عدم استجابة النزيلات لاتصالاتهم المتكررة، فقاموا بإبلاغ الشرطة التي حضرت إلى مكان الحادث. وقد تبيّن أن الضحايا هن كوثر نقّاد (23 عامًا)، وإيمان ملاح (24 عامًا)، ووفاء العرار (26 عامًا)، وجميعهن مواطنات أمريكيات من أصول مغربية جئن لقضاء إجازة سياحية في بليز.
وصلت الشابات إلى المنتجع يوم الأربعاء 19 فبراير، حيث أقمن في جناح مطلّ على الشاطئ. ووفق تسجيلات كاميرات المراقبة، شوهدت الشابات وهنّ يعدن إلى غرفتهن مساء الخميس 20 فبراير، ولم يُرصد خروجهن بعد ذلك الحين. حاول طاقم التنظيف دخول الغرفة يوم الجمعة لكنه لم يتلقَّ أي رد، الأمر الذي أثار القلق. بحلول صباح السبت 22 فبراير، استخدم موظفو الفندق المفتاح الرئيسي لفتح الجناح حوالي الساعة 11:30 صباحًا، ليُصدموا بمشهد العثور على الشابات الثلاث فاقدات للوعي وأجسادهن بلا حراك في أماكن متفرقة داخل الغرفة. إحدى الضحايا وُجدت ممددة على السرير وقد خرجت مادة صفراء رغوية من فمها، بينما عُثر على الثانية ملقاة على وجهها بمحاذاة الحمام، والثالثة كانت مستلقية قرب طاولة الطعام. وعلى الفور أبلغ الموظفون إدارة المنتجع والشرطة بالحادثة المأساوية، لتصل فرق الإسعاف التي أكدت وفاة الشابات في الموقع.
التحقيقات الأولية والمعطيات المكتشفة
باشرت الشرطة المحلية في سان بيدرو تحقيقًا موسعًا لكشف ملابسات الوفاة الغامضة. وأفاد مفوض الشرطة في بليز تشيستر ويليامز أن التفتيش الأولي لغرفة الفندق لم يُظهر أي أثار للعنف أو الاقتحام القسري؛ فلم تُلاحظ آثار كسر للأبواب كما لم تُرصد إصابات ظاهرة على أجساد الضحايا. بالمقابل، عثرت الشرطة داخل الغرفة على زجاجات مشروبات كحولية وعلى بعض قطع الحلوى (على شكل علكة أو « Gummies ») يُشتبه بأنها تحتوي مادة الماريجوانا. وأكد ويليامز أنه “لا نقول في هذه المرحلة إن تلك الحلويات كانت سبب الوفاة، لكننا ننظر في كل الاحتمالات”، مشيرًا إلى أن الشرطة تحقق أيضًا في مصدر هذه المواد المخدرة وما إذا كانت قد جُلبت إلى بليز من الخارج أم تم شراؤها محليًا. كما تعمل فرق التحقيق على تتبّع أنشطة الضحايا قبل عودتهن إلى غرفتهن ليلة الحادثة، للتحقق مما إذا كنّ قد استهلكن أي مأكولات أو مشروبات مشبوهة في الساعات السابقة لوفاتهن.
وأظهرت المعاينة الأولية من قبل الطبيب الشرعي أن الشابات فارقن الحياة قبل حوالي 20 ساعة من لحظة العثور على جثثهن، مما يرجح أن الوفاة حدثت في وقت مبكر من يوم الجمعة 21 فبراير تقريبًا. كما أفاد المسعفون الأوائل الذين وصلوا إلى المكان بأنهم لاحظوا وجود قيء ورغوة حول أفواه الضحايا، وهو ما قد يشير إلى احتمال التعرض لتسمم أو جرعة زائدة من مادة ما، رغم أن هذه الملاحظات لا تعتبر دليلًا قاطعًا بعد. ولم تعثر الشرطة في مسرح الحادث سوى على مقتنيات شخصية تعود للمقيمات مثل المأكولات الخفيفة وأجهزة التدخين الإلكتروني ومشروبات وأجهزة إلكترونية، إلى جانب المواد المذكورة، ولم يتم ضبط أي شيء آخر ذو صلة مباشرة يكشف سبب الوفاة.
فرضيات أسباب الوفاة واستمرار التحقيقات
حتى الآن، لم يصدر عن السلطات تقرير رسمي نهائي يحدد سبب وفاة الشابات، ويُنتظر استكمال فحوصات السموم وتشريح الجثث لكل الضحايا لمعرفة السبب بدقة. مع ذلك، ظهرت منذ البداية فرضيات متعددة حول ملابسات هذه الحادثة الغامضة. فقد أشارت تقارير أولية إلى احتمال تناول جرعة زائدة من المخدرات تسببت بوفاة الشابات الثلاث، خاصة في ظل العثور على مواد يُشتبه بأنها مخدرة بالغرفة وعدم وجود أدلة على عنف جنائي. بالمقابل، رجحت مصادر أخرى فرضية التسمم العرضي بغاز أول أكسيد الكربون داخل الغرفة المغلقة – وهو الغاز السام عديم الرائحة الذي قد يتسرب نتيجة خلل في أجهزة التدفئة أو التهوية – كسبب محتمل لوفاة الضحايا بشكل متزامن.
هذه الفرضيات المتباينة زادت من غموض القضية، خصوصًا مع غياب أي رواية مؤكدة حتى صدور نتائج التحاليل المخبرية والتشريح الشرعي. وقد أكد مفوض الشرطة ويليامز أن التحقيق سيأخذ “كل الاحتمالات بعين الاعتبار” ولن يستبعد أي سبب محتمل إلى أن تتضح الحقيقة. ومن المقرر إجراء تحاليل سموم شاملة على عينات من جثامين الشابات لمعرفة ما إذا كانت هناك أي مواد ضارة أو مخدرة في أجسامهن وقت الوفاة. كذلك سيساعد تشريح الجثث المفصّل في تحديد ما إذا كان هناك أي عوامل مرضية أو بيئية (مثل التسمم بغازات) ساهمت في وفاتهن. ولا تزال السلطات المحلية في سان بيدرو تعمل بالتنسيق مع خبراء الطب الشرعي للوصول إلى تفسير علمي دقيق لأسباب هذه الوفاة الجماعية غير الاعتيادية داخل الفندق.
التصريحات الرسمية وردود الفعل
خرجت عدة تصريحات رسمية من الجهات المعنية في أعقاب الحادثة. فقد أكد مفوض الشرطة تشيستر ويليامز في تصريح صحفي يوم 24 فبراير أن التحقيق جارٍ حاليًا لكشف ملابسات هذه المأساة، مشددًا على عدم وجود شبهة جنائية واضحة حتى اللحظة. كما أوضح أن الشرطة بانتظار تقارير الطب الشرعي قبل إصدار أي استنتاج قاطع.
من جانب آخر، أكدت السفارة المغربية في مكسيكو (المعتمدة لدى بليز) خبر وفاة المواطنات المغربيّات الثلاث، وأعلنت أنها تتابع التحقيقات مع السلطات المحلية وتقدم الدعم اللازم لأسر الضحايا في هذا الظرف الأليم. وذكرت السفارة أنها على تواصل مستمر مع الجهات المعنية لتسهيل إجراءات ترحيل الجثامين والترتيبات المرتبطة بالحادثة. كذلك أشار مسؤولون محليون في بليز إلى أن مثل هذه الواقعة غير معتادة، مؤكدين أن الأمن والسلامة في المنتجعات السياحية تحظى بأهمية قصوى، وأن أي قصور سيتم التحقيق فيه.
متابعة القضية
لا تزال هذه الحادثة محور تحقيق مكثف من قبل سلطات بليز، وسط اهتمام ومتابعة من جهات دولية نظرًا لهوية الضحايا المزدوجة كمغربيات وأمريكيات. وتعهدت السلطات المحلية بإجراء تحقيق شفاف وشامل لكشف الحقيقة وتبديد التكهنات. ومن المتوقع أن تُنشر نتائج تشريح الجثث والفحوص السمّية خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، وعندها ستتضح الصورة بشأن سبب الوفاة سواء أكان متعلقًا بتسمم دوائي أو كيميائي أم بعامل بيئي آخر.
ومع استمرار التحقيقات، يبقى الحزن مخيّمًا على عائلات الضحايا وأصدقائهن، فيما يأمل الجميع بالتوصل إلى إجابات شافية تفسر هذا الحدث المأساوي وتحديد ما إن كان بالإمكان تفاديه مستقبلاً. السلطات في بليز أكدت أنها ستعلن أي مستجدات للعلن فور توفرها، وأنها ملتزمة بتقديم كل جوانب الحقيقة لعائلات الشابات الثلاث وللرأي العام المحلي والدولي على حد سواء.
